اكرام الزعبي
لحقت «ربعي» وصغّرت عقلي؛ ففعّلت حسابي المعطّل على الفيسبوك والتويتر.. على أمل الاستمتاع بالحريّة.. وبدأت بقبول الطلبات بالمجموعات على اعتبار انه لا يحق لشخصية عامة رفض طالبي الصداقة. وقلت يجب أن أرى كيف يستخدم الناس منبر من لا منبر له - وهي ليست الجزيرة - بل تكنولوجيا التواصل الإجتماعي. خرجت بانطباعات كثيرة، ولكن بوصف رئيسي لتلك الظاهرة وهو « الغش «.
الغش هو الممارسة الرئيسية التي تُقتَرف كل ثانية على صفحات «الفيسبوك وتويتر». والغش أو تزييف الواقع وسرقة أفكار الآخرين وادعاء الرقّة-الذي يطغى على مجتمع الفيسبوك - يجعلك تتساءل: هل سنصل يوماً ما لتحقيق مستوى الحضارة المتقدمة التي حققها غيرنا ونحن بهذه الجرأة على الكذب والتزييف والغش.. »ودلق» النفس بوجه الإعلام؟
المتواضع من منتسبي ورواد ومهووسي هذه المواقع.. يصف نفسه بثلاثة أو أربعة ألقاب أقلها الخبير.. من لم تكن له علاقة او صلة بالإعلام.. يصف نفسه بالإعلامي او الإعلامية.. حتى لو كان التخصص ليس حتى من جيران الإعلام.. وقس على ذلك بالفن والتلحين والرسم وقرض الشعر.. وحتى قرض الأصابع غيظاً!
أعرف شخصأ شبه راسب في تخصصه ويدّعي الماجستير! وهذا طبيعي طالما أن لا أحد يحقق أو يطلب وثائق أو أوراق.. كم أتمنى أن اكتب لهؤلاء بأن حارتنا ضيقة.. ونعرف بعضنا بعضا! حسناً، لا بأس أن نواسي أنفسنا من خيبات الحياة عن طريق ممارسة شيء من «التجمّل» أحياناً، ولكن الكاذبين والكاذبات -أبشّرهم- بأنهم حالات غير حقيقية.. مغشوشة مثل البضاعة الصينية.. لا يمكن أن تصمد ولا حتى أمام عقل طفل صغير، سرعان ما يكسرها.
التنظير الذي لا حدود لمثاليته يجعلك تتساءل: طالما أننا كبار النفوس الى هذا الحد.. من الذي سرق وفسد وكذب، وطلق الزوجة اوالزوج، وتعاطى المخدرات وجلس وحيدا تماماً داخل عقله؟ إذا كانت أفكارنا بهذا السمو.. فلا أقل من أن يكون تأثير الفيسبوك والتويتر على المجتمع هو بأن يرتقي ليصبح مجتمعاً ليس بحاجة لشرطة او محاكم او حواجز، ولا حتى أجراس للبيوت..
بعض النساء، ممن هي في الواقع تخطف الرجل من يد زوجته برمشة عين.. تمارس على صفحتها المثالية وقواعد «الشيخة «والعشائرية.. من تغامر بكل شيء من أجل صفقة.. تنفق وقتها على شتم أصحاب الصفقات عبر الفيسبوك. من تكتب بواقع كل ساعة عبارة، بعضها عن حب البيت والأولاد، يجب أن ينقلها شخص من صفحتها الى أحد دور الإصلاح.. ومن تستعرض إنجازاتها الشخصية على أنها ذخر للأردن.. أتمنى إن يطلب منها أحد أن تكتب بحثاً عن أبنائه !
اذا كنا نسيء استخدام حريّتنا هكذا، فنحن نحتاج لشيء يشبه المفتاح المركزي «الماستر كي»، وأن يكون بيد مجموعة من الثقاة والكبار المشهود لهم، ليقوم المفتاح بغلق مؤقت لكل رصيد (مغشوش).. ومواجهة أصحابه بالأسباب.. فأتوقع حينها أن يكتب على آلاف الجدران عبارة: «يرجى إرفاق الوثائق التالية!».
لحديث الفيسبوك بقية..
ikramdawud@yahoo.com