صحيح أن أغلبية الشعب الفلسطيني وفصائله الحية ، وخاصة فتح والشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وحركة المبادرة وفدا والأخرين المتحالفين في إطار منظمة التحرير قائدة الشعب وممثله الرسمي منذ عام 1974 ، مع البرنامج المرحلي وإقامة دولة مستقلة كاملة السيادة على مناطق الأحتلال الثانية عام 1967 ، وفق القرارات 242 و1397 و 1515 ، ومع حق اللاجئين في العودة وفق القرار 194 ، إضافة إلى حماس والجهاد باتتا مع هذا التوجه بشكل أو بأخر ، وها هي تفاهمات القاهرة ، تدلل على ذلك وتؤكده برعاية حركة الإخوان المسلمين ، ورئيسها المصري المنتدب والمنتخب .
نعم غالبية الشعب العربي الفلسطيني ، وحكومتا رام الله وغزة ، مع هذا الإتجاه وتتمسك به وتدعمه بل وتحلمان به لتحقيقه ، ولكن السياسات الإسرائيلية ، سياسات اليمين واليمين المتطرف ، لا يؤمنون بذلك ، لا يؤمنون بالحل الواقعي القائم على الدولتين المتجاورتين ، ويرفضونه مضموناً ويعملون على عرقلته بالخطوات والإجراءات التوسعية الإستيطانية ، وتمزيق أرض الضفة والقدس والغور وجعلها طاردة لشعبها بالإفقار والمصادرة ومنع أدوات الحياة عنها من سكن ومياه ومواصلات وتعليم وإستقرار وأمن ، ومداهمتها وكأنها بلا هوية وبلا سلطة وبلا أخر تحترمه .
اليمين واليمين الإسرائيلي ، وها هو حزب العمل ينضم لهم ويعود إلى جذوره الإستعمارية الإستيطانية ويتراجع عن شراكته مع منظمة التحرير ويعمل على منافسة نتنياهو وليبرمان ، على أصوات المستوطنين المستعمرين ، ولذلك وعبر هذه السياسة الإسرائيلية تفقد منظمة التحرير وسلطتها الوطنية ، الشريك الرسمي الإسرائيلي ، وتفقد الرأي العام الإسرائيلي المؤيد لحل الدولتين ليبرز البديل الإسرائيلي ومشروعه الكامل على كامل أرض فلسطين بإستثناء قطاع غزة المحاصر ، يبرز مشروع " الحل الإسرائيلي " على كامل أرض فلسطين ، ويعمل اليمين واليمين الإسرائيلي على فرضه وجعله الوحيد على الأرض .
جيش الأحتلال يعتقل شرطياً جنوب الخليل ، وسبق له وأن إعتقل ضابطاً كبيراً من المخابرات الفلسطينية من الخليل ، لينضموا إلى عدد من رجال أمن فلسطينيين معتقلين لدى جيش الأحتلال ، في نفس الوقت الذي تعمل فيه السلطات الإسرائيلية على تضييق الحال على الشعب الفلسطيني في مناطق الإحتلال الأولى عام 1948 ، في النقب بمنع السكن والمصادرة والتهويد ، مثلها مثل القدس والغور ، وها هي تقفز إلى مدينة اللد ، لتعمل على إستكمال تهويد وخنق أهلها الفلسطينيين من فرص العيش الكريم والطمأنينة وفرض الحياة المتساوية .
في اللد تظاهر أهلها بعد صلاة الجمعة ، حاملين الأعلام الفلسطينية ، رافضين بناء حي يهودي في قلب مدينتهم العربية ، ورافعين شعارات " لا للمستوطنين " و " لا نخاف منكم " وأكد مخلص برغال أحد المناضلين الفلسطينين من أبناء المدينة وهو أحد الذين خرجوا من سجون الأحتلال بصفقة التبادل مع الجندي الإسرائيلي شاليط ، أكد لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أكد يقول " أننا لن نسمح بجلب المستوطنين إلى مدينتنا وهم الذين سيعرضون حياة المواطنين من سكان المدينة للخطر ، وسنحارب لمنع تهويد اللد وبناء أحياء إستيطانية داخل مدينتنا ، إنهم يعملون كل شيء لطردنا من مدينة الأباء والأجداد ، وهذه السياسة لن ترهبنا ، وسوف نستمر في الدفاع عن متر تبقى لنا من أرضنا وفيها ، دون خوف حتى لو تعرضنا للقتل " .
تحذيرات المناضل الفلسطيني برغال من اللد ، وسياسة إسرائيل الرسمية في تعاملها مع أهالي اللد والنقب والعديد من مناطق الأحتلال الأولى عام 1948 ، هي نفسها سياسة إسرائيل الرسمية في مناطق الأحتلال الثانية في القدس وقلب الضفة والغور ، وتحذيرات مخلص برغال ، يقولها الرئيس الفلسطيني ، من موقعه كمسؤول ومؤمن بالحل المرحلي ومتمسك بحل الدولتين يقولها عن السلطة التي يقودها عبر صناديق الأقتراع ، ومن خلال الثقة السياسية التي يتحلى بها ، يقولها لصحيفة هأرتس العبرية مخاطباً المجتمع الإسرائيلي بقوله " إذا لم يحصل تقدم بعد الإنتخابات الإسرائيلية ، سأتصل هاتفياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وأقول له تفضل إجلس مكاني ، وإستلم المفاتيح وستكون أنت المسؤول عن السلطة الفلسطينية " أي أن الرئيس أبو مازن سيقدم السلطة الفلسطينية وهي مشروع ومقدمات حل الدولتين إلى الإسرائيليين ، ونعود إلى نقطة البداية ، للنقاش والحوار حول الحل المرحلي أم نقفز مباشرة إلى الحل الدائم ، دولة ديمقراطية ثنائية القومية متعددة الديانات من المسلمين والمسيحيين واليهود .
الحل المرحلي القائم على الدولتين بلا شريك إسرائيلي مؤهل وقادر ويحظى بثقة الإسرائيليين ، ودعمهم وتأييدهم ، مثلما أيضاً الحل النهائي القائم على الدولة الواحدة بلا شريك إسرائيلي يحظى بموافقتهم ولذلك سيبقى النضال الفلسطيني هو الخيار الوحيد على الأرض ، سواء في 48 أو في 67 ، النضال المدني الديمقراطي السلمي في مواجهة المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي سواء في مناطق 48 أو مناطق 67 .