نشهد في هذه المرحلة الحرجة، والمنعطف الخطير من تاريخ الأمة العربية الإحتقنات الشعبية العارمة لتحقيق مبدأ نيل العدالة الإجتماعية ومكافحة الفساد ، من خلال متابعتي للحِراكات التي من شأنها إحقاق الحق واقامة العدل على بنى نظيفة غير قابلة للمزوادة على حساب العشيرة أو القبيلة ، فإن طلاب الحق دائماً لا يخشون أجهزة المخابرات ولا السلطات الأخرى ... فلقد بدأت برغم رصد دائرة المخابرات والأجهزة السرية التابعة للدولة ولم تستطيع منعها من المواصلة في رفض نهج الفساد السائد ، بدأت الأحزاب الأردنية بتوحيد الشعارات وتجيش عدد المتاظهرين في الإستمرارية لحين تلبية الندائات المنطقية من رأس البلاد، والإجراءت السريعة في معاقبة جميع الفاسدين وليس بعضهم .
لم يعد عامل الخوف يعني كثيراً لدى حشود المتظاهرين ، فأما الهراوي والقنابل المسيلة للدموع أو الرصاص الحي أو البلطجية لن يعد يفرق الشمل الجماهري الأردني فهم عازمون على البقاء أو الموت ولكنهم مصرون على التوحيد ، فقد تعلموا من الثورات العربية بأن النهوض إذا لم يتم، فلا ضير من تقديم المئات او الآف في سبيل رفعة الأبناء والجيل القادم الذي سنبني له ركائز صحيحة لبناء مجتمع غير ملوث .
ليس عامل الوقت من صالح أي زعيم عربي عاقل ، في وسط هذا التيه وهذه الغوغاء المشحونة بالغضب الشعبي العارم في سبيل نيل مستحقاته الوطنية وعودة السلطة للشعب .
لقد اطاحت الشعوب العربية الكبيرة بزعمائها ، فمنهم من قُتل ومنهم من سُجن ومنهم من يحتضر ومنهم من هرب إلى المجهول ، وعند ساعة الإنفجار كان يخرج هؤلاء الزعماء فمنهم من قال الأن فهمتكم وغيرها من العبارات الكلاسكية المعروفة لدى العامة من الناس .
نتحدث اليوم عن القضية الأردنية يجب على صناع القرار عدم التهرب من وجود مُشكلة حَقيقة وإضربات هنا وهناك وهذه تأخذ منحى الإزدياد والتوسع ، مع ارتفاع سقف المطالب ، كما بدأت الثورات في كل دولة عربية وليس الأردن بعيد عنها ...
فمن الخطأ الإبتعاد عن المشكلة ووضع حلول ناجعة لها بالسرعة الممكنة ، خصوصاً مع تسارع الوقت وبأن الشعب لم يعد لديه القُدرة على الإحتمال أو التحمل في وجود حلول ناجعة في معانته للمتطلبات اليومية المادية ، فإن الخلل الحقيقي يكمن في المثل العامي الشائع (يلي ايدوا في النار مو زي يلي بتفرج عليه) هنالك بذخ واضح لبعض المتنفذين ورموز الفساد الواضحة للشعب وللقيادة ومن يدافع عنهم ، هنالك فساد شامل في كافة مناحي الحياة ، لاتوجد حلول جوهرية .
بدأت الأحزاب والحركات في التحرك والتمرد على واقع حالها المرير ، من خلال شعارتها المطروحة والأمور تنحو منحى التأزم والتصعيد ، ولا بد لنا من أن نعترف بأن جهاز الأمن المكون من ستون ألف فرد غير قادر على فرض السيطرة الأمنية ، ومما يزيد (الطين بلة) نسبة ازدياد تدفق اللاجئين من كل حدب وصوب مما فُرض علينا أعباء إضافية لم تكن بالحسبان ، أو على جدول الموازنة الطارئه.
الأن الأردن والأردنيون يعيشون في مشكلة حقيقة وهم بحاجة إلى تدخل من رأس النظام لإيجاد حلول جِدية حَقيقية سَريعة نَاجعة قبل فوات الأوان ، لايتمنى أي فردٍ منا الوصل إلى الإنسداد في عملية الإصلاح ولكن الكيل قد امتلأ وقد بلغ السيل الذبى ولم يعد هنالك مجال للمواربة والمداهنة على حساب مصلحة الوطن فالوطن خط أحمر ومقدس ولا نسمح لأياً من كان التلاعب بمُقدارته الإستراتيجة وسنقدم أروحنا رخيصة قربناً للوطن إذا دعت الضرورة .