التحوّل الاستراتيجي: هل يفوّت الأردن فرصة ذهبية بعد وقف النار في غزة ؟

في لحظة مفصلية تمر بها القضية الفلسطينية، ويشتد فيها الحراك الدولي لإنجاز اتفاق تهدئة طويل الأمد في غزة، تبرز أسئلة مشروعة حول موقع الأردن من هذا المشهد المتحرك، وحدود أدواره وفرصه .

بينما تمضي الولايات المتحدة، بدعم إماراتي وسعودي وقطري، نحو مشروع هدنة تُفضي إلى تهدئة لـ60 يوماً على الأقل، تتصاعد التوقعات بإعادة رسم خريطة التوازنات في المنطقة، وسط حديث عن حكومة فلسطينية انتقالية، واتفاقات قد تُعيد طرح حل الدولتين مجدداً على الطاولة، ولكن بنكهة "واقعية" تبرّد الرؤوس الحامية .

الأردن، بتاريخه الجيوسياسي في رعاية القضية الفلسطينية، وبموقعه الجغرافي المحاذي، وبتواصله الفريد مع الضفة الغربية والسلطة الفلسطينية، يملك فرصة نادرة لإعادة صياغة حضوره الإقليمي، لا من باب العاطفة القومية، بل من بوابة المصالح المحوسبة .

لكن، يبقى التحدي: هل يتقدم الأردن بجرأة كدولة مبادرة، أم يكتفي بموقع المتابع الذي يراهن على الحد الأدنى من الاستقرار ؟

من زاوية أولى، يمكن لعمان أن تطرح نفسها كضامن لمرحلة ما بعد التهدئة، خصوصاً في ملفات المساعدات الإنسانية، وإعادة الإعمار، وضمان وجود آليات مدنية خاضعة لمراقبة عربية بعيداً عن الفصائلية .

ومن زاوية ثانية، فإن أي انخراط مباشر يجب أن يُدار بحذر، حتى لا يُفهم كغطاء لتسويات مشبوهة أو كمدخل لتطبيع هادئ غير معلن، وهو ما قد يصطدم بمزاج شعبي داخلي يقف على الحافة، بين الضغط المعيشي والغليان السياسي .

إنها لحظة تستحق أن يُكتب فيها موقف أردني دقيق، متوازن، ولكن شجاع .

فالحياد في لحظات التحوّل، ليس دائمًا فضيلة .

#روشان_الكايد
#محامي_كاتب_وباحث_سياسي

---