إجبارية امتحان " التوفل" قضية فساد ، أم أتاوة أمريكية ؟!

في صورة من صور الاستعمار المعاصر ، و الفساد الذي عمَّ و طمَّ بلاؤه ، وفي شكل من أشكال الالتفاف على مقدرات أبناء الوطن وأكل أموالهم بالباطل ، وفرض الثقافات الدخيلة ضمن مشروع مقنن باركه عدد ممن يُظَن بهم أنهم رجالات وطن ! فُرِضَ هذا الامتحان على نظامنا التعليمي بحجة زائفة ، وسيطرة أجنبية واضحة يشتم منها رائحة الأتاوة .
إن هذه الأتاوة وآلية تطبيقها ، تجعل كل عاقل غيور من أبناء هذا الوطن يشعر بالحسرة وخيبة الأمل !
ما هو المرجو من الحصول على هذه الشهادة ؟ وماذا يقول فيها الذين حصلوا عليها ؟ وبماذا يحتاجها طلبة الشريعة واللغة العربية وغيرهم ممن ليست لهم علاقة باللغة الإنجليزية ، وليست لديهم نية ولا إمكانية للخروج من هذا الوطن سعيا للرزق ولا سياحة في الأرض؟
وهل هناك دليل على أن السياسات الأمريكية يعنيها الارتقاء بالمستوى التعليمي في الأردن؟!!
ولماذا يتم تحديد شركات أجنبية للإشراف على هذا الامتحان ؟ هل جامعاتنا التي تعقد وتشرف على امتحانات الدرجات العليا من ماجستير ودكتوراه ،غير كفؤة لإدارة عملية الإشراف عليه؟
لماذا توجَّه الأسئلة إلى المتقدمين عن عدد مرات تقدمهم للامتحان في كل مرة؟ أليست هذه صورة من صور التجارة بالتعليم ؟ إلى من يذهب الريع المالي المجني من رسوم عقد هذا الإمتحان ؟ وكم بلغ مقداره على مدى سنوات خلت ؟ ومن هي الجهات المستفيدة منه في الأردن؟ وبأي صفة ؟
يبدو واضحا أن نظامنا التعليمي يسعى إلى إضافة أعباء مالية على كاهل الطلبة عموما ، وطلبة الدراسات العليا خصوصاً ، و إلا لِمَ وافق هذا النظام التعليمي على أن يصبح "التوفل" متطلب قبول لطلبة الدراسات العليا ؟ وهو يدرك أن معظمهم يضحي بقوت أبنائه وأهله في سبيل الارتقاء بمستواه العلمي طمعا في تحسين مستقبل حياته وأبنائه. كما يبدو أن السياسة المتبعة في مثل هذه الأحوال "اللي ما معه ما بلزمه"!!!
لماذا لا يرتقي نظامنا التعليمي إلى مستوى الهمّ الديني والوطني ، فيكون هناك امتحان مستوى للغة العربية مثلا ، إذا ما عَلِمَ مسؤولونا أن الحفاظَ على اللغة العربية مطلبٌ شرعي ؟ أو لِمَ لا يستبدل هذا الامتحان بامتحان وطني ، يعزز قيم الانتماء للوطن ويرفع من مستوى الثقافة الوطنية لدى الطلاب ؟
فإيمانا منا بوجوب الإصلاح في جميع مؤسسات الدولة وأهمها المؤسسة التعليمية ، وبحق المواطن المنتمي في رفض كل ما من شأنه الإضرار بمصلحة الوطن ومصلحته ، وإضاعة مقدراته ومكتسباته ؛ فإننا نوجه هذا النداء إلى جميع من يعنيهم الأمر ، للعمل على إبطال موضوعه ، أو استبداله بما يخدم المصلحة الوطنية ، بعيدا عن التبعيات المخزية ، والمتاجرة بأشرف وسائل ارتقاء الشعوب ، واستدراك نزيف أموال الموطنين إلى جيوب المجهولين ممن لا يعرف لهم الوطن أصلا ولا فصلا .