الشعب يريد اصلاح الشعب

ترددت على مسامعنا عبارات الربيع العربي كثيرا حتى أصبح يتقنها الاطفال,تجد الاطفال يقولونها دون وعي منهم بما تحمله من معاني..وهؤلاء الاطفال لهم العذرولكن كيف لنا أن نجد العذر لبعض الكبار؟
يسمعون هذه العبارات ويعتقدون أن الاصلاح انما هو عباره عن مطر ينزل من السماء فترتوي منه أرضهم وتنبت بعد ذلك اشجارهم ..أما هم فلا علاقة لهم بكل شيء ..لا هم مسئولون عن نزول المطر وليس مطلوب منهم رعاية الاشجار بعد ذلك...
لقد طالب الكثير من ابناء الوطن بالاصلاح وأصبحنا ننام ونصحو على كلمة الاصلاح..حتى كدنا نخطئ التعبير صباحا فبدلا من قول صباح الخير كدنا نقول صباح الاصلاح..فما هو الاصلاح وما هي أدواته وامكانياته في بلدنا الغالي؟؟
يخطئ من يعتقد أن رئيس الحكومه قد أنزل الله سبحانه وتعالى عليه المعجزات وأعطاه عصا سحريه اذا ضربها في البحر ينفلق كل فرق كالطود العظيم حتى يستطيع بين ليلة وضحاها أن يصلح الاخطاء التي تراكمت في العقود الماضيه ,الموضوع أكبر من ذلك,الموضوع هو موضوع تكاملي بين الحكومه والشعب وتشترك في ذلك كل مؤسسات الدوله العامه والخاصه,المواطن هو ركيزة الاصلاح الاولى.واذا لم يكن هنالك وازع داخلي عند المواطن بالاخلاص للبلد فماذا تستطيع الحكومه أن تفعل؟؟
الحكومه لن تستطيع وضع شرطي عند كل موظف ليؤدي عمله كاملا,وعند كل أب ليربي أولاده بالشكل الصحيح ,وعند كل مؤسسه لكي تقدم ما عليها وعند كل شرطي لكي يحفظ امن البلد..الوازع الداخلي هو مفتاح الحل اذن..والا كيف يطالب بالاصلاح من كانت ولاءاته لغير الاردن!!وكيف يطالب بالاصلاح من سرق المال العام او الخاص!!وكيف يطالب بالاصلاح من أنتج للبلد شله من الزعران بدل أن ينتج ابناء صالحين و فاعلين في المجتمع!! وكيف يطالب بالاصلاح من كان عاملا في مؤسسه معينه ولم يقم بواجبه الصحيح!!
ولن ننسى هنا ايضا واجب مؤسسات الدوله,وواجب القطاع الخاص ,هذا القطاع الذي ظل فتره طويله مستفيدا من أجواء الاستقرار في البلد..وظل أغلب هذا القطاع يعتقد أن واجبه فقط هو تكديس الاموال وزيادة الارباح دون الالتفات الى المسئوليه الاجتماعيه والاخلاقيه التي تقع على عاتقه كونه شريك في التنميه..وهنا يأتي أيضا موضوع الوازع الداخلي واليكم بعض الامثله:هل سمعنا يوما عن أحد المستشفيات الخاصه قد قام بعلاج مجموعة من الفقراء لوجه الله تعالى؟بدل أن نسمع أن مريضا بقي ينزف على باب المستشفى دون علاج حتى يقوم ذويه بالدفع مقدما..هل سمعنا يوما أن أحد أصحاب شركات النقليات قد قام بتخفيض الاجور من تلقاء نفسه مراعاة لظروف المواطنين؟هل سمعنا يوما أن أحد ملاكي الاراضي قد قام ببيع قطع أراضي بسعر رمزي للفقراء؟ او ان احد اصحاب العمارات السكنيه قد تبرع لبعض المقبلين على الزواج المعوزين بشقق سكنيه بسعر رمزي لكي يستطيعوا الزواج؟ان العمل الخيري في الاردن موجود والخير باق في الامه ولكنه محدود ولم يرقى الى مستوى الظاهره..ونحن نريده أن يكون ظاهره حتى يكون ذلك حافز للتلاحم بين ابناء الشعب
ان هنالك خطوط عديده للاصلاح يجب ان تمشي مع بعضها البعض بالتوازي,اصلاح الدوله واصلاح الذات حتى يتم الوصول للهدف المنشود..وان الذي قال بان اليد الواحدهلا تستطيع التصفيق كان حكيما,اذن فهل من المنطق أن يتصرف البعض مع الحكومه وكأنه يقول لرئيس الحكومه"اذهب انت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون"
لابد أن ندرك ما لنا وما علينا,ولابد أن نكون على قدر المسئوليه التاريخيه والاخلاقيه.فلنحافظ على الوازع الداخلي في انفسنا في كل أفعالنا ولنكن يدا واحده حتى لا نكون كمن يطلب الشيء ويعمل عكس ما يطلب كما قال الشاعر قديما:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها**ان السفينة لا تمشي على اليبس
وهل في قدرتنا أن نجعل السفينه يوما تمشي على اليابسه؟؟