توصيات مثيرة : بعد "أبناء الأردنيات" .. كتاب أبيض عن "الفساد"

زاد الاردن الاخباري -

بسام البدارين - يمكن تحديد الفارق بوضوح بين التوصيات المكررة والمجترة التي تتعلق بالإصلاح في بلد كالأردن وبين تلك التوصيات البرامجية التي صدرت باسم مجموعة ‘المبادرة’ البرلمانية التي تسعى إلى شراكة من طراز خاص مع السلطة التنفيذية على أساس برنامج متفق عليه تحت قبة البرلمان.

المبادرة كانت قد أثارت الكثير من الجدل وتعرضت إلى سلسلة هجمات منظمة بسبب تبنيها لمشروع الحقوق المدنية لـ’أبناء الأردنيات’ لكن هذا المشروع توارى عن الأنظار مؤقتا بعد الجدل المثار حوله وقررت الحكومة تحويله إلى ‘مزايا’ بالقطعة ستمنح لأبناء الأردنيات ودون تأصيل وإسناد قانوني.

رئيس المبادرة النائب سعد هايل سرور ألمح إلى أن توصيات المبادرة بخصوص أبناء الأردنيات تم تسييسها وتم التعامل معها بسوء نية سياسية وهو أمر غير وارد.

بعيدا عن الإعتبارات السياسية أعلنت المبادرة البرلمانية أمس الإثنين في مؤتمر صحافي خاص عقده رئيسها سعد هايل السرور سلسلة الوثائق والأدبيات التي تعتبر خلاصة جهدها لعدة أشهر عبر تفعيل مستجد وعصري لمفهوم ‘الرقابة’ البرلمانية حيث بقي أعضاء المبادرة لأسابيع وساعات عمل طويلة برفقة الوزراء والمسؤولين للإطلاع عن كثب على تفصيلات المشكلات كما أوضح عضو المبادرة عامر البشير لـ’القدس العربي’.

البشير تحدث عن منهجية عمل تم إتباعها بعيدا عن التنظير السياسي والخطابة عبر استعراض ميداني لمشكلات الإدارة وأسباب تعثر بعض المشاريع وتراجع آليات إنفاذ الإصلاح الإداري.

هذه المنهجية في رأي مراقبين كثر قاومها بعض أعضاء مجلس النواب بسبب عدم وجود مبادرات سابقة بهذا الحجم والتفصيل.

الوثائق التي تحدث عنها السرور في مؤتمره الصحافي تضمنت نتاج عمل وأفكار ومقترحات مبادرة الشراكة في عدة قطاعات أساسية ومفصلية منها السياحة والطاقة والإدارة العامة والتعليم العالي والقطاع الصحي.

الوثائق التي حصلت عليها ‘القدس العربي’ واطلعت على مضامينها بصورة مبكرة تظهر تفصيلات لم تكن مرصودة سابقا في إطار معالجات لبعض المشكلات التي تم إنكارها في عدة أوقات في الماضي.

المثال اللافت جدا للنظر في هذا السياق كان عندما درست إحدى الوثائق مشكلات القطاع الإعلامي فأوصت- ولأول مرة- وبجرأة ملموسة بتعيين ‘نشطاء سياسيين في مجال إدارة مؤسسات الإعلام الوطني’ وهي توصية تعني تغيير نمطية العمل في كل مؤسسات الإعلام الرسمي لو استجابت الحكومة لها.

والمثال الآخر الذي لفت نظر المراقبين هو إعلان المبادرة بأنها ستطالب الحكومة بإصدار ‘كتاب أبيض’ يتضمن كل التفصيلات المتعلقة بالفساد ومكافحته حيث ألمح السرور إلى أن المبادرة ستصدر هذا الكتاب بنفسها إذا لم تفعل السلطة المعنية.

وأيدت المبادرة علنا إصلاحات دستورية في الأبعاد السياسية وتداول السلطة بشرط أن لا تمس بصلاحيات الملك المنصوص عليها.

بوضوح تجنبت وثائق المبادرة الخوض في القضايا الإشكالية ذات الطابع السياسي مثل قانون الإنتخاب ليس بسبب وجود وثائق مرجعية أخرى تحدثت بالموضوع لكن السرور أشار في المؤتمر الصحافي إلى أن المبادرة ستتقدم بتصور عن قانون الإنتخاب لاحقا للحكومة موضحا أن المبادرة لا تتحدث عن الإصلاح السياسي بل عن التنمية السياسية.

وهي مسألة سبق أن أشار إليها مؤسس المبادرة الدكتور مصطفى الحمارنة في وقت سابق عندما قال لـ’القدس العربي’ أن مستقبل الإصلاح السياسي مرهون بمنهجية تعزز التنمية السياسية بعيدا عن جدل الحقوق المكتسبة والحقوق المنقوصة.

في الوقت نفسه وضعت المبادرة توصيات مفصلة ومحددة في كل القطاعات التي تعاملت معها والخطوة اللاحقة في برنامجها كما فهمت ‘القدس العربي’ هي العمل مع الحكومة على وضع ‘خطة تنفيذ بسقف زمني’.

من الواضح أن المبادرة وهي حليف قوي تحت قبة البرلمان لحكومة الرئيس عبدالله النسور تسعى لتعزيز الشراكة واستثمارها لصالح توصياتها ومشاريعها وهو أمر من المرجح أن يتقرر في المستوى السياسي للحكومة لأن بقاء وتواصل الشراكة مع الحكومة سيكون رهنا كما أوضح الحمارنة بمقدار تعاون الحكومة مع التوصيات والبرامج التي أصبحت علنية الآن خصوصا وأن أفكار المبادرة برامجية ووطنية وخارج سياق الطموحات الشخصية للنواب.

القدس العربي