زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا احد يمكنه تحديد بوصلة الاتجاه التصعيدي في الحراك السياسي الاردني بمجرد الانتهاء من عطلة العيد التي اوقفت جميع التداعيات ودفعت كل اطراف اللعبة الى التأمل والتفكير قبل الانطلاق مجددا بقايا عام 2012 المغرقة في الاثارة.
خلال العطلة حظيت القوى الفاعلة سواء في جهاز الدولة والقرار او اطراف المعارضة والحراك بفسحة من الوقت والاسترخاء.
لكن مواجهة الرأي العام لعيد الاضحى المبارك كشفت عمليا عن انخفاض حركة التجارة الى ادنى الحدود وميل المواطنين للتقليل من نفقاتهم.
يمكن رصد ذلك حسب التاجر علام القيسي من تكدس اضاحي العيد بكميات هائلة في الزرائب المنظمة التي خصصتها البلديات في المدن الكبرى لهذه التجارة ومن حجم المبيعات المنخفض قياسا بمواسم الاعياد في مختلف الاسواق.
القيسي وهو تاجر مواش يتحدث عن تكدس ما لا يقل عن 60 بالمئة من اغنامه واغنام زملائه بدون بيع ويشير الى ان خسائر هذا القطاع الفردي وغير المنظم ستكون كارثية اذا لم تساهم الانتخابات المقبلة بتنشيط الموسم.
لكن احمد الخطيب تاجر الملابس قال لـ'القدس العربي' بأن مبيعاته في فترة العيد بائسة للغاية قياسا بالمواسم السابقة مشيرا الى ان النساء تزاحمن في متجره على مدار الساعة لكن الغرض كان الاستعراض وتقليب البضاعة او التسلية ولم يكن الشراء.
نفس المشاعر في الواقع يحملها فتح الله المصري الذي يدير متجرا لبيع الاكسسوارات لحساب قريب له في سوق متخصص في محيط مخيم الوحدات شرقي العاصمة عمان.
هذا البرود في النشاط الاقتصادي تزامن مع سخونة في الاجواء السياسية خصوصا بعدما حسم العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني في خطاب شهير الثلاثاء الماضي ملف الانتخابات العامة وقرر انها ستجري بصرف النظر عن اعتراض المعارضة وتحديدا الاخوان المسلمين عليها.
الموقف الملكي نتج عنه ازمة داخل الحركة الاسلامية نوقشت في مجالسات العيد تحت عنوان: ما هي الخطوة التالية؟.. اغلبية القيادات وتحديدا الشابة اشارت لان الحل في الشارع وقياديان مؤثران لا تربطهما في الواقع علاقة ايجابية داخل التنظيم سمعتهما 'القدس العربي' يتفقان بشكل فردي على مسألة محددة فكرتها: النظام في ازمة وهو سببها فلماذا نتبرع بخذلان الشارع ونقدم له المساعدة؟
عمليا كانت تلك رسالة الشيخان زكي بني ارشيد ورحيل الغرايبة وعبرا عنها بمفردات متباينة في مناسبتين مختلفتين.
الابعد من هذه الرسالة ان المسألة واضحة تماما ولا تقبل اللبس او الغموض فالاخوان المسلمون يعتقدون بانهم خارج نطاق الازمة المقبلة عشية قرارات اقتصادية صعبة للغاية وانتخابات غير توافقية حذرت منها شخصيات كبيرة من بينها احمد عبيدات وعون الخصاونة وغيرهما.
والقوى المؤثرة داخل مؤسسة القرار تتصور بأن من صعد على الشجرة ولا يهتدي على طريق النزول هو الحركة الاسلامية وليس غيرها خصوصا بعد نجاح عملية التسجيل للانتخابات وتجاوزها لهوامش المقاطعة.
وسط سيناريوهات متوازية يعتقد بعض المحللين بان الوطن برمته على الشجرة اليوم وبان كل الاطراف في الواقع على الشجرة والاخطر انها لا تعرف بذلك او لا تريد الاعتراف به.
من هنا حصريا يراهن الاسلاميون وغيرهم في المعارضة على عودة عجلة الحراك الشعبي للدوران وبسرعة اضخم نسبيا بمجرد ابلاغ الشعب بكارثة ارتفاع الاسعار بعد مصارحته بالتفاصيل.. الوضع سيحتقن وقد ينفجر قال الشيخ حمزة منصور القيادي البارز في الحركة الاخوانية في احد الاجتماعات المغلقة.
شخصية سياسية بارزة قالت لـ'القدس العربي' انها سمعت سفيرا لدولة غربية مهمة يتحدث عن الفارق بين وضع اقتصادي صعب ومشوه يمكن ان تنتج عنه بعض القلاقل التي يمكن احتواؤها وبين وضع اقتصادي بلا امل حقيقي للمعالجة يمكن ان ينتج عنه حالة 'مجهولة' في الاردن.
وحدها مؤسسة الحكومة لا تبدو قلقة من هذا 'المجهول' الافتراضي فرئيس الوزراء عبد الله النسور يتصرف وكان الدنيار 'قمرة وربيع' على حد تعبير احد ابرز خصومه السياسيين.
والنصر بمعركة التسجيل للانتخابات سمح للمؤسسة بلي ذراع الاخوان المسلمين وفقا لعشرات السياسيين الذين يعبثون بالحقائق والوقائع خصوصا عندما تقدم او تطرح على صاحب القرار.
القدس العربي