أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
إطلاق نار قرب السفارة الإسرائيلية في السويد لماذا لم يلقِ الأسد كلمة في قمة البحرين؟ الدفاع المدني يدعو المواطنين لمراقبة الأطفال عند المسطحات المائية إسرائيل للعدل الدولية: ما يجري حرب وليس إبادة جماعية إصابات بغارات إسرائيلية على جنوب لبنان روسيا تعتزم زيادة صادرات الألبان إلى شمال إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا. مجلس الأمن يناقش إنهاء مهمة البعثة الأممية في العراق أوستن يدعو إسرائيل لحماية المدنيين قبل أي عملية في رفح اليوم الـ 224 من العدوان .. غارات عنيفة على جباليا ومطالبات دولية بمنع هجوم رفح مواطنون يشتكون من تجاوز أسعار دجاج النتافات للسقف السعري في الأردن أونروا: 630 ألف فلسطيني أجبروا على الفرار من رفح يديعوت تكشف كلفة الحكم العسكري في غزة ارتفاع اسعار الذهب مجلس النواب الأميركي يصوت لصالح إلزام بايدن بإرسال أسلحة لإسرائيل النفط يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية وسط مؤشرات على تحسن الطلب احتواء حريق في مصفاة روسية بعد هجوم أوكراني بمسيرات "السياحة": تصور جديد لبرنامج "أردننا جنة" مع استهدافه 170 ألف مشارك العام الحالي سرايا القدس تقصف تجمعين للاحتلال في جباليا أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف العائم رجال أعمال أميركيون دفعوا عمدة نيويورك لقمع مظاهرات جامعة كولومبيا
الصفحة الرئيسية فعاليات و احداث سياسات القبول في الجامعات الأردنية في ضوء نتائج...

سياسات القبول في الجامعات الأردنية في ضوء نتائج الثانوية العامة الأردن

24-10-2012 05:02 PM

زاد الاردن الاخباري -

يبدأ الأفراد وأسرهم في الأردن شأنهم شأن أي مجتمع في العالم مع بداية كل عام دراسي، لا بل مع إعلان نتائج الثانوية العامة، بالانغماس في حركة السعي للحصول على مقعد في الجامعات المتوفرة محلياً أو اقليمياً أو دولياً لأبنائهم أو معارفهم. ولا ضير في ذلك، فهذا مسعى مهم لرسم صورة المستقبل للأفراد والمجتمع، وليعمل على تطوير قدراته من خلال توظيف التعليم العالي للارتقاء بالمجتمع اقتصادياً، واجتماعياً، وثقافياً، وسياسياً. ويتم ذلك عادة من خلال توفير التعليم العالي لمن هم معدون إعداداً جيداً له، وممن تسمح قدراتهم على ذلك. وتأخذ فلسفة التعليم العالي على عاتقها دعم غير القادرين منهم مادياً.
إن الإستثمار الأمثل في التعليم بشكل عام هو لغايات المجتمع نفسه. لذا، نجد تلك المجتمعات تحتفظ بأبنائها وتعمل على تعزيز الانتماء لديهم، وتهيئ الفرص المناسبة لهم لكي يقدموا أفضل ما يمكن تقديمه لمجتمعهم. إذ يمكن القول إن التعليم والتعليم العالي وحدهما القادران على التطوير والعمل على استقرار أي مجتمع. إذ من خلاله يمكن تعزيز الانتماء والاستقرار الوطني، والاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي. فما يمكن لفرد متعلم أن ينتجه في يوم واحد، لا يمكن أن ينتجه فرد أُمي طيلة حياته. وما الاقتصاد المعرفي إلا فكرة مبنية على هذا الفهم، وخاصة في التعليم العالي. إذ ا أصبح العلم يوظف في الانتاج، وباعتباره سلعة اقتصادية.
فالألفية التي نعيش ترتكز على العلم المتطور وبشكل سريع، وهو غير مدرك – للأسف- للكثيرين من القائمين على التعليم العالي. وما الإنفاق غير المبرر على التعليم العالي سوى أمر له خطورته المستقبلية على المجتمع وأمنه، خاصة إذا كان النمو الاقتصادي لا يوازي النمو التعليمي بكل اشكاله وأصنافه.

يعتبر التعليم الأساسي والثانوي مرحلة تأسيسية لإعداد الفرد للحياة، وكذلك إعداده للتعليم العالي. ولاشك بأن التعليم الأساسي في غاية الأهمية لتطوير قدرات الأفراد والارتقاء، والوصول بها إلى أعلى درجة ممكنة من اكتساب للمهارات، وامتلاك للمعارف ليكونوا قادرين على خدمة وطنهم وليصبحوا مواطنين صالحين، ومنتمين، ومعدين إعداداً جيداً لمواجهة متغيرات الحياة. والمتتبع لمسيرة التعليم الأساسي في الأردن ومنجزاته يدرك حجم المسؤولية الملقاة على كاهل مؤسسات المجتمع، ونوعية المخرجات وخصائص الأفراد الذين ينتقلون لمرحلة التعليم الثانوي، خاصة إذا كان على وعي بأهداف هذه المرحلة، والمعلنة في قانون التربية والتعليم رقم 3 لعام 1994.
وقد أُعطي التعليم في الأردن العناية المتميزة مقارنة مع غيره من دول المنطقة. ومن الحقائق بأن جلالة الملك الحسين رحمه الله وطيب ثراه قد عُني بالتعليم ومنذ توليه لسلطاته الدستورية، أي منذ الخمسينيات من القرن الماضي. فقد رأى بحكمته وبعد نظره، أن التعليم والتعليم الجامعي، هما المرتكزان الرئيسان لتنمية الأفراد والمجتمع الأردني. وأن التعليم هو العلاج الأمثل لمشكلات المجتمع في تلك الفترة، للتخلص من الجهل والفقر والمرض. لذا، نجد التعليم في الأردن قد تطور بشكل كبير، بحيث يحسده عليه الكثير من الدول النامية وحتى غير النامية، لما تحقق له من انجازات تعتبر عظيمة، ومتميزة في مجالي التعليم العام والتعليم العالي. وكل ذلك، لا يعني بأن التعليم في الأردن لم ولا يعاني من مشكلات، وأنه لا يواجه تحديات عديدة ضمن الألفية الثالثة. وقد تتمثل هذه التحديات في إعادة صياغة البنية التحتية للتعليم؛ وتحديث التجهيزات؛ وبناء البرامج التربوية والتعليمية؛ وإعداد المعلم وتنميته مهنيا؛ والتوجه نحو التقنيات التعليمية بخطى واعية ومدروسة؛ ولتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص؛ والمساواة في الوصول إلى الحقوق، والتضمين الواعي للواجبات، وحسن إدارة الموارد المالية والمادية والبشرية.
ويتأثر التعليم العالي في الأردن بمجموعة من العوامل المختلفة، والتي ترتبط بخصائصه، الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية. شأنه في ذلك شأن المجتمعات الأخرى. فهو لا يعيش بمعزل عن العالم، فهو يتأثر ويؤثر بغيره من النظم التعليمية الإقليمية والعالمية. ويمكن بشكل عام الإشارة إلى أن للعوامل الاقتصادية، والتعليمية، والاجتماعية، والثقافية، أدواراً رئيسة في التأثير على نتائج تحصيل الطلبة في امتحان الثانوية العامة. وغياب تحديد دقيق لسياسة التعليم العالي سيؤدي ذلك إلى: انخفاض مستوى التعليم في المجتمع، والقدرة على تعزيز اقتصادياته، ونموه. وعدم وضوح الدور الهام لمؤسسات التعليم العالي، وعدم الثقة بالمؤسسات الاجتماعية المختلفة، مما يخلق إرباكا اجتماعيا، وانعكاسا غير مرغوب فيه على قيم المجتمع وأخلاقياته.

التعليم العالي والعدالة الاجتماعية:
إن من تحديات التعليم العالي هو استمرارية توفير المساواة للالتحاق ببرامجه وليس كإضافة عددية، ولكن باعتباره عنصراً نوعياً بحيث يوفر الدمج للثقافات، والأطر الفكرية والوطنية، والاجتماعية، وبالتأكيد للغايات الاقتصادية. كما وأن للتعليم العالي قيما متقدمة باعتباره مفتاحاً رئيساً للعدالة، والحياة الديمقراطية، وتفتيت الفوارق في المجتمع. إذ يعتبر نقطة مضيئة وعلى المستوى العالمي، والتطوير الإنساني. وله الإضاءة نفسها على المستويات الاجتماعية والفردية في تحقيق الذات.
إن المتتبع للطلبة المقبولين في مؤسسات التعليم العالي وعلى المستوى العالمي، يجد أن الطلبة القادمين من أسر غنية لهم فرص عالية للقبول في مؤسسات التعليم العالي وبشكل ميسر. إذ يمكنهم شراء هذه الفرص من جامعات خاصة ذات تكلفة عالية، وحتى أولئك الطلبة منهم، وبالرغم من إعدادهم الضعيف للتعليم العالي. لذا، فإن مفهوم العدالة الاجتماعية بدأ يظهر بشكل جلي في المجتمعات الديمقراطية. وبشكل مبدئي، فإن العدالة الاجتماعية لها علاقة بالجهود المبذولة لجعل كل فرد أو جماعة لهما الحق المتكافئ بالتمتع في دخول التعليم العالي. كل ذلك لا يعني إغفال المستويات التعليمية لما قبل التعليم الجامعي، ونوعيته، وظروف الملتحقين بهذا المستوى من التعليم. وهكذا، فإن العدالة الاجتماعية ليست معنية بالمساواة بمفهومها المجرد، بل هي معنية بتزويد سياسات القبول بالفرص المتساوية لمن ليست لهم فرص متساوية أصلاً وفق النظم التعليمية غير المتكافئة.
وبالتأكيد، فإن الغاية من التعليم العالي لا بد وأن تأخذ بعين الاعتبار العدالة الاجتماعية. وقد أشار ديبرنق ( Debring ) في التقرير المتعلق بتطوير التعليم العالي في بريطانيا ( التعليم العالي في مجتمع تعلمي، 1997) إلى ضرورة إعادة النظر في أهداف التعليم العالي للجامعات البريطانية. واقترح أن تصبح هذه الأهداف مرتبطة بإعداد القوى العاملة المدربة بشكل متميز؛ والانتقال بالمجتمع ليصبح مجتمعاً متعلماً بدرجة عالية؛ وتزويد العالم بخبراء باحثين. وهذا ما يؤكد أن التعليم العالي هو المصدر الرئيس للاستثمار في العقل البشري، وبالتالي في الاقتصاد الوطني، والعالمي.

سياسات القبول والمنافسة العالمية:
إن العديد من دول العالم تنظر إلى التعليم العالي باعتباره ميداناً للمنافسة، ومؤشراً هاماً إلى قدرته على استقطاب الكفاءات من مختلف دول العالم. وكذلك باعتباره مرتكزاً اقتصادياً، وحتى يمكن توظيفه من منظور سياسي، والمؤشرات على ذلك كثيرة. ويبدو أن أحد جوانب المنافسة في التعليم العالي وفي الوقت الحالي بين أمريكا ودول أوروبا واستراليا. إذ يبدو ذلك أولاً؛ في التنافس على استقطاب الطلبة من شتى بقاع العالم، وتقديم العروض بشكل تنافسي. وثانياً؛ في جعل نظم التعليم تبدو الأفضل في العالم، وذات نوعية متميزة. وثالثاً؛ في محاولة تسخير المزيد من أفضل العقول في العالم، والاحتفاظ بها، وتوظيفها كمحرك ذي قيمة للاقتصاد باعتبار ذلك أمراً أساسياً للإنتاج والابتكار المبدع، ومرتكزاً أساسياً لاستراتيجيات الاقتصاد المعرفي. وهذا ما بدأته أستراليا في رسم سياسات القبول في النظر إلى صناعة سوق التعليم العالي. وتجلى ذلك بوضوح من خلال دعم الحكومة الهائل لمؤسسات التعليم، والتعليم العالي، وفي مختلف المجالات. إذ يعتبر التعليم العالي المحرك الحاسم للقدرة التنافسية في الاقتصاد العالمي. لذا، فإنه وبلا شك قد بدأت «اهتمامات عالمية» لاستقطاب والحفاظ على العقول القادرة على الإبداع، ودعمها وإشراكها في اتخاذ القرارات، ومن خلال النظم التعليمية، والاقتصادية الموجهة لتعزيز القدرة على التنمية الشاملة، وعلى المستوى الوطني، والإقليمي، ولتعزيز وجودها في النظام العالمي.
فمنذ عام 1990 نجد أن استراليا قد أعطت سوق التعليم العالي الاهتمام الواضح. وسعت لاجتذاب الطلبة الأجانب برسوم كاملة. وأصبح التعليم العالي صناعة تدر على المجتمع الاسترالي وجامعاته، دخلاً هائلاً. وصارت العديد من الجامعات ترتكز على الدخل المتأتي من الرسوم التي يدفعها الطلبة الدوليين. إذ ارتفعت حصة أستراليا من الطلبة الذين يدرسون خارج أوطانهم من 1 % إلى 9 % عام 2003. وشكل الطلبة الأجانب عام 2007 حوالي 25 % من مجموع الطلبة الملتحقين بالجامعات الاسترالية. وربع هؤلاء الطلبة من أوروبا، والباقي من آسيا. وهكذا، فإننا نجد أن النظام التعليمي العالي الاسترالي بدأ يأخذ مناحي عالمية، ترتكز على التعاون والتكيف مع النظم التعليمية الأوروبية، والأمريكية. إذ تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الأولى في العالم في احتضان أكبر عدد من الطلبة قاصدي العلم، ومن الأولويات الرئيسة لسياسات التعليم العالي في أمريكا هو وبكل بساطة تطوير المواهب لدى الطلبة، وجذبها من كل بقاع العالم والاحتفاظ بها. وكذلك اعتبار التعليم العالي مدخلا للاقتصاد المعرفي مع التركيز على المفاهيم العالمية، بغية فهم اقتصاديات العالم.

نتائج الثانوية العامة والمناقشة:
أولا: يتقدم لامتحان الثانوية العامة في الأردن ما يزيد عن 130 ألف طالب وفي مختلف الفروع (العلمي؛ والأدبي؛ والإدارة المعلوماتية؛..). وهم يتوزعون على (37) سبع وثلاثين مديرية للتربية والتعليم (عام 2009). وبالتأكيد فإن عدد الطلبة المتقدمين لامتحان الثانوية العامة للفرع العلمي يختلف وبشكل كبير من مديرية لأخرى. إذ إن هذا العدد يتراوح بين 3425 طالباً في مديرية تربية التعليم الخاص؛ و2174 طالباً في مديرية تربية إربد الأولى وإلى 85 طالباً في مديرية تربية الشوبك، و 79 طالباً في مديرية تربية الشونة الجنوبية، و75 طالباً في مديرية تربية البادية الجنوبية، و 68 طالباً في مديرية الأغوار الجنوبية، و37 طالباً في مديرية تربية البتراء. وبالنظر إلى نتائج الثانوية العامة للفرع العلمي فإن مديرية إربد الثانية كانت الأعلى في نسب النجاح. إذ بلغت هذه النسبة (91,8 %)، تليها مديرية تربية التعليم الخاص وبنسبة نجاح ( 90,1 %). وكذلك بأعلى متوسط علامات للطلبة الناجحين (84,0)، بينما متوسط علامات الطلبة الناجحين في مديرية تربية إربد الثانية (79,9). وتبقى مديرية تربية الأغوار الجنوبية أقل المديريات في نسبة النجاح (42,6%)، وأقل متوسط لعلامات الطلبة الناجحين لهذا الفرع (74,0)، وبفارق عن مديرية التعليم الخاص مقداره (10) علامات. وبفارق في نسبة النجاح مقداره (47,5 %) درجة. وعن المتوسط الوطني لمعدل العلامات بفارق مقداره (6,9) درجة، وعن المتوسط العام لنسبة النجاح للمستوى الوطني (34,4 %). وبشكل عام، فإننا نجد أن هناك (22) مديرية تربية نسب النجاح فيها أقل من المستوى الوطني. وهذا الأمر لا يعني بالضرورة أنه ينطبق على متوسط علامات الطلبة. إذ أننا نجد بأن أعلى متوسط لعلامات الطلبة الناجحين هو في مديرية تربية قصبة السلط (85,1)، تليها مديرية تربية مادبا (84,1)؛ ومديرية تربية التعليم الخاص ( 84,0)؛ ومديرية تربية الرمثا، والطفيلة (83,3)؛ ومديرية تربية قصبة الكرك، والمزار الجنوبي (83,1).
لذا، فإن النظر إلى نسبة النجاح وحدها في امتحان الثانوية العامة كمعيار لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة وحده لا يكفي. إذ لا بد من الأخذ بعين الاعتبار نسبة النجاح وعلى المستوى الوطني لكل فرع من فروع الثانوية العامة، ومقارنة ذلك مع مستوى مديرية التربية في المعدل العام ونسبة النجاح. ويبدو أن الأمور لا تتغير كثيراً في ترتيب نتائج مديريات التربية في السنوات السابقة من حيث نسبة النجاح، أو متوسط علامات الطلبة.
وبالرغم من أن المتوسط الوطني لمعدلات الطلبة (79,8) في الفرع العلمي للدورة الصيفية لعام 2008 كان أقل من المتوسط الوطني لمعدلات الطلبة (80,9) في الدورة الصيفية لعام 2009 إلا أن مجمل المديريات التي متوسط معدلات الطلبة فيها أعلى من المتوسط الوطني بقيت كما هي. كما أن عددها بقي ثابتاً (15) مديرية، مما يشير إلى ثبات النتائج، والعوامل المؤثرة فيها. وهذا الأمر ينطبق على نتائج الأعوام: 2007، و 2006، و 2005.
ثانيا: تشير نتائج الثانوية العامة للفرع العلمي في الأردن إلى أن هناك مديريات تربية وتعليم نسب النجاح فيها أعلى من المتوسط الوطني العام. وأن عدد هذه المديريات التي تزيد نسبة النجاح فيها عن المتوسط الوطني العام لامتحان الثانوية العامة هو (15) مديرية تربية للأعوام (2009، 2008، 2007). بينما نجد أن هناك (22) مديرية تربية تقل نسبة النجاح فيها عن المتوسط الوطني العام. وتتباين هذه النسب بشكل ملفت للنظر فأعلى نسبة نجاح كانت في الفرع العلمي لعام 2009 هي 91.8 %، و 90.1 %، لمديريتي تربية إربد الأولى، ومديرية التعليم الخاص. بينما أقلها هي في مديرية تربية ذيبان 46.4 %، ومديرية تربية الأغوار الجنوبية 42.6 %. وهذا التباين يبدو كبيراً إذ يصل الفرق في نسب النجاح إلى الضعف. مما يؤكد درجة التباين الواضح الذي يتعرض له الطلبة في الجوانب التعليميمة، والاقتصادية، والثقافية.
وتبين نتائج امتحان الثانوية العامة للفرع العلمي، أن هذا الأمر يختلف فيما لو نظرنا إلى متوسط معدل علامات الطلبة الناجحين لكل مديرية مقارنة مع المتوسط الوطني العام لمعدل علامات الطلبة الناجحين. إذ نجد أن بعض مديريات التربية وبالرغم من أن نسب النجاح فيها يقل عن المتوسط الوطني العام، إلا أن متوسط علامات الطلبة الناجحين يزيد عن المتوسط الوطني العام لمعدل الطلبة. مما يستوجب دراسة الظروف العامة التي تؤثر في نتائج الطلبة في تلك المديريات. لماذا نسب النجاح أعلى من المتوسط الوطني العام؟ بينما متوسط العلامات منخفض عن المتوسط الوطني العام؟! هل الظروف التي يتم ضمنها تقديم الامتحان غير مناسبة؟ أم أن نسبة الطلبة الذين يعيدون الامتحان مرتفعة مقارنة مع المديريات الأخرى؟
ثالثا: تشير البيانات المتوفرة بشكل عام إلى أن هناك مديريات تربية عدد الطلبة المتقدمين فيها للثانوية العامة قليل جداً مقارنة مع غيرها من مديريات التربية. إذ نجد أن مديريات تربية عدد الطلبة الناجحين فيها يزيد عن ( 5000 ) خمسة آلاف طالب وطالبة، بينما مديريات تربية أخرى لا يزيد عدد الطلبة الناجحين فيها عن ( 300 ) طالب وطالبة. وبالتالي فإنه عند النظر إلى تحديد عدد الطلبة الذين يمكن قبولهم وفقا لمفهوم الفئات الأقل حظا علينا أن نراعي ذلك. أي مراعاة نسبة التمثيل للعدد الذي يعكس الكثافات السكانية ذات الظروف الخاصة. وأن نأخذ بعين الاعتبار نسب النجاح والتي في بعض المديريات لا تتجاوز (15 %).
رابعا: وبالنظر إلى عدد الطلبة الذين معدلاتهم تزيد عن 85 من مئة فإننا نجد مديرية التعليم الخاص قد حظيت بأعلى عدد. قد بلغ عددهم في الفرع العلمي لعام 2009 ( 1596)، وهذا العدد يزيد عن عدد الطلبة لنفس المعدل ولنفس العام لمجموع مديريات تربية عمان الأربع، وهي تزيد عن مجموع عدد الطلبة لعشرين مديرية تربية أخرى في المملكة. وأن نسبة الطلبة هؤلاء في مديرية التعليم الخاص لمجموع الطلبة الناجحين في المديرية بلغ (51.62) وهي أعلى نسبة في مديريات التربية والتعليم في المملكة. وتبين نتائج عام 2010 أن عدد الطلبة الذين حصلوا على علامات تزيد عن 85 من مئة قد بلغ في مديرية التعليم الخاص 1676 طالباً وطالبة، وهم يشكلون ما نسبته (61.62) من مجموع الطلبة الناجحين في المديرية. وهي أعلى من نسبة أية مديرية أخرى. ولا يختلف الأمر لنتائج عام 2011، إذ إن هذه النسبة كانت (64.56). بينما نجد هذه النسب في البادية الشرقية (9.15)، والبادية الغربية (22.13)، والأغوار الجنوبية (20.00)، والبادية الجنوبية (16.67)، والموقر (13.56)، والشوبك (17.14)، وذلك للعام 2010. وهذه النسب والعلامات تؤكد على العوامل المؤثرة على نتائج الطلبة في الثانوية العامة، ومما يؤكد على ضرورة أخذها بعين الاعتبار عند رسم سياسات القبول في الجامعات الاردنية الحكومية والخاصة.
خامسا: يدعي الكثيرون بأن سياسات القبول في الجامعات الأردنية يجب أن ترتكز بشكل كلي على مبدأ التنافس الحر ووفقاً لنتائج الثانوية العامة وبغض النظر عن أية عوامل. وهذا القول صحيح في الحالة التي تكون فيها مبادئ العدالة والمساواة متحققة لجميع الطلبة في مرحلة التعليم الاساسي والثانوي وفي الجوانب التعليمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولكن مؤشرات نتائج الثانوية العامة لا تؤكد على ذلك. إذ نجد أن بعض مديريات التربية يصل معدل النجاح فيها إلى (90.1) وفي مديرية تربية التعليم الخاص للفرع العلمي عام 2009، بينما هذه النسبة لا تتجاوز (42.6) في مديرية تربية الأغوار الجنوبية للعام نفسه. وهكذا، وفي نظرة متأنية لنسب النجاح لبقية فروع الثانوية العامة، نجد أن نسب النجاح تتفاوت بمقدار قد يصل إلى الضعف. وكذلك الأمر بالنسبة إلى متوسط علامات الطلبة. ما يعني أن علينا مراعاة هذه العوامل في رسم سياسات القبول في الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة.
سادساً: إن مفهوم المدارس الأقل حظاً ( أنظر دراسة طناش، جريد الرأي 1،2 /10/1995)، لم يعد مناسباً. إذ علينا الانتقال إلى مفهوم مديرية التربية الأقل حظاً، خاصة إذا ما نظرنا إلى أن المدارس في مديريات التربية تمثل بيئة اجتماعية، واقتصادية متقاربة وإلى حد بعيد. لذا، فإن تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص لم يعد يميز بين مدرسة وأخرى في نفس المنطقة. لأننا في مفهوم المدارس الأقل حظا قد نجد في نفس المدينة أو القرية مدرسة تحظى بامتياز الأقل حظاً بينما مدرسة أخرى مجاورة لها لا تحظى بذلك. وكذلك فإن اعتبارات النسب المئوية للنجاح، ومتوسط علامات الطلبة مقارنة مع المتوسط العام للمملكة أمور يجب أن تأخذ بعين الاعتبار ووفق معادلة نسبية عند تحديد أعداد الطلبة من أية مديرية يشار إليها بالأقل حظا، كنسبة وتناسب مع أعداد الطلبة الناجحين.
الخاتمة: إن ما يجب أن يقلق أي نظام تعليمي عال هو: القدرة على التعامل مع تحديات العولمة. إذ يتطلب ذلك امتلاك مهارات جديدة، قادرة على المساهمة الفعلية في اقتصاد المعرفة. إذ لا يكفي للتعليم العالي في الأردن أن يعالج القضايا الأساسية للبرامج الأكاديمية. فالدعوة التي يطلقها العديد من أفراد المجتمع لجعل التعليم العالي مجانيا لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة في الالتحاق به. ولكن هذه الدعوة في الحقيقة لن تحقق هذا المبدأ. إذ لن يحقق ذلك قبولاً في الجامعات لبعض الفئات الاجتماعية الاقتصادية.
إن الجامعات ذات التعليم النوعي المتميز تتمتع بخصائص عديدة: كالإنفاق العالي على التعليم والبحث والبنى التحتية؛ ومدخلات بشرية متميزة. كما أن سياسات القبول في الجامعات ذات التصنيف المتقدم ترتكز على مبدأ الكفاءة والمقدرة بحيث يتم اختيار الطلبة المتميزين. والأردن بمحدودية دخله الاقتصادي، لا بد وأن تعمل فيه الجامعات بجد وكد، لتبقى محافظة على أطرها المعروفة، ولترقى إلى مستويات تتوافق مع متطلبات الألفية الثالثة. و ذلك ما يحتاج إلى: حسن الإدارة، وتحديد الأولويات بشكل علمي مناسب يتلاءم مع خطط التنمية، والعمل بجد للحصول على الدعم المالي والمادي من مؤسسات المجتمع المدني الخاصة منها والعامة.
ودخول التعليم العالي يجب أن يكون وفقاً لجدارة الطلبة، والراغبين فيه. وكذلك بناءً على الجهد، والمقدرة، والمثابرة والولاء للتعلم في التعليم العالي. إذ تؤكد سياسات القبول المتبعة في كثير من الدول النامية وغير النامية على أنه من الصعوبة بمكان أن تحصل على فرصة للقبول في مؤسسات التعليم العالي، إلا إذا نجحت في امتحانات تجريها وزارة التعليم، أو امتحانات قبول جامعية تفرز تصنيفات تعكس الأطر الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع. إذ إن التعليم ما قبل الجامعي متباين، فالطلبة الأغنياء لهم فرص قبول أعلى مما هو للفقراء. فنجد مثلاً في البرازيل أن طلبة الجامعات المنحدرين من طبقة الأغنياء يشكلون 50 % من طلبتها، وأن 34 % منهم في الجامعات الحكومية، رغم أن نسبتهم في المجتمع لا تتجاوز 15 %. لذا، فان التعليم الجامعي الحكومي ليس بالضرورة قادراً على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، إذا ما تم وفقاً لمعدلات الطلبة في الثانوية العامة، أو وفقاً لامتحانات القبول الذي تجريه الجامعات أو مؤسسات متخصصة.
من هنا، فإننا نجد أن على كاهل الدولة ممثلة بمؤسساتها الاجتماعية المختلفة أن تعمل على وضع سياسات قبول للجامعات الحكومية والخاصة أيضاً، تأخذ بعين الاعتبار الظروف التعليمية، والاقتصادية الاجتماعية، والظروف الثقافية للمجتمع. وأن يتم النظر إلى نتائج الطلبة في امتحان الثانوية العامة وفقا لمديريات التربية باعتبارها وحدة تمثل إلى حد كبير مجتمعاً متجانساً نسبياً. وكذلك النظر في نسبة النجاح، ومتوسط علامات الطلبة لمديريات التربية مقارنة مع المتوسط العام لنسبة النجاح، ومتوسط علامات الطلبة العام في المملكة.
إن تحقيق أطر فلسفية لسياسات القبول أمر في غاية الأهمية لتحقيق مبادئ العدالة والمساواة، بحيث تحقق فهماً اجتماعياً وسياسياً دقيقاً وواعياً في المجتمع. إذ يمكن أن يعزز ذلك مبادئ قيمية تتمثل في العمل الواعي والانتماء الوطني. إن وضوح الغايات والرسالة، وعمق الأهداف المصاغة بلغة دقيقة وواضحة يجعل منظومة الإجراءات والعمليات التي توظف ضمن فهم واقعي في غاية الأهمية للتقدم خطوة نحو المستقبل. لذا، فإن على متخذ القرار أن يكون على وعي تام وحقيقي معاش ومدرك ومرصود لكل مكونات المجتمع، ليكون قراره يتجه نحو الفاعلية. أما من يكون بعيداً عن الفهم والوعي الحقيقي لما يمكن أن ينتجه قراره من أبعاد اجتماعية، واقتصادية، وسياسية، فإن عملية اتخاذ القرار في هذه الحالة قد تنتج سخرية، وارباكات اجتماعية، وبعداً قيمياً قد يسئ للوطن ومكوناته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.




إعداد أ.د سلامه يوسف طناش أستاذ التعليم العالي في الجامعة الأردنية


الراي





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع