زاد الاردن الاخباري -
لا نريد أن نعرف كيف وافقت على منصب رئيس الحكومة، وليس في خاطرنا أن نعرف عن الإغراءات الشخصية التي دفعتك لقبول هذا المنصب، والتي ليس من ضمنها بالطبع أنك تريد أن تدفع بإتجاه التغيير من خلال موقعك الجديد، لأننا نتفهم حجم حكومتك من ناحية سياسية، والأغراض التي جاءت من أجلها، وكذلك لا نريد توضيحا كيف انقلبت 180 درجة نحو تأييد قانوني الإنتخاب والمطبوعات، فالأولى تقود للثانية، ولكن ما نريد أن نعرفه، أو ما أريد أن أعرفه شخصيا، إذا صح التعبير: كيف تنام الليل وأنت صاحب رأي ومعارض "سابق"، وأنت أيضا صاحب الولاية، وهناك 19 معتقلا للرأي في التوقيف وبعضهم في ظروف صحية سيئة والآخر يحاول أن يسألك من خلال الإضراب عن الطعام، ماذا أنت فاعل؟
خلال اليومين الماضيين، صدر عنك تصريحات تتعلق بالحراك السلمي وأنك ترحب به، وأنك كنت سجين رأي سابق، لكنك لم تهتف بما هتف به المعتقلون! وكان حديثك الموجه لهم "جميعا" بأبوية الذي يحنو عليهم، ولكن ما النتيجة؟ هل يكفي ما تفضلت به وألقيته على مسامعهم؟ وهل تنحصر مسؤوليات صاحب الولاية بنثر التصريحات هنا وهناك، وبتوزيع شطائر الكلام المعسول ثم المغادرة، وكأنّ الأمر انقضى ! فماذا بعد بالنسبة لهم؟ وأين دور رئيس الوزراء الذي كنت تعارض به رؤساء الحكومات السابقة "الكثيرة"؟ وأين دورك في إيجاد الحلول الفورية للإفراج عنهم؟ أو تكفيلهم على الأقل؟ وما هي خططك للإجتماع مع كل منظمي المسيرات والحراكات الشعبية والأحزاب وبرنامجك الحقيقي للإستماع إلى "جميع مطالبهم"، والإصغاء جيدا لها، وتنفيذ كل ما يمكن تنفيذه وإعطاء الضمانات لما يمكن تأجيله لما بعد الإنتخابات؟!؟
للعلم فقط، فلستُ محبوبا لدى المعارضة لأنه معروف أنني أكثر من يهاجم طريقتهم أحيانا، بل يذهب البعض أحيانا للقول في وجهي، أو خلال التعليقات على مقالاتي أنني أعمل كـ "الريموت كونترول" للأجهزة الأمنية، وكذلك فلست محبوبا لدى الموالاة، كما يحلو للبعض تسميتها، لأنني أهاجم -دون هوادة- الخطأ والفساد والمحسوبيات والطبطبة عليها جميعا، لذلك فلست أخطب ودّ أحد منهما، ولست بحاجة لكلاهما، والحمد والفضل كله لله جلّ وعلا، ومع أني أضم صوتي لصوتك في الهتاف المعقول والمنطقي، ولا أرضى مخالفة الدستور في المس بكرامة جلالة الملك، ولكن عيني لا تنام الليل وأبناؤنا وشبابنا، أصحاب الرأي والفكر، خلف القضبان، مهما بدت مخالفتنا لطريقة بعضهم وأسلوبها، فلا يُعتقل صاحب فكر وكلمة، وإذا حدث، فلن يسكت أحد، وسيصبح الجميع متهمون حينها، وسنخسر العقلاء أصحاب الرأي الواعي الناضج، فكيف يصمتون على إعتقال صاحب كلمة؟ قل لي أنت من أعماقك: أيسجن صاحب كلمة يا دولة الرئيس؟!؟
سأعذرك لما سيذهب ظنك بي الآن، قد يكون السبب أنك لم تقرأ مقالاتي من قبل، في زمن الحكومات السابقة، وقبل أن أقف خلال العام الآخير فقط، محاولا مع من يحاول، أن يمنع سقوط مجتمعنا في هاوية الفتنة، وتحملت لذلك كل ما قيل عني، ولكني لا أعذرك ولن أعذرك أبدا، إن قرأت هذا المقال، وبقيت جالسا على مكتبك، لا يهتز لك طرف، بشأن معتقلي الرأي، خاصة وأنت تعلم أن سجنهم وحبسهم، هو سجن لكل حر يحب وطنه، ويحب أن يكون وطنه واحة للديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكل أردني يتباهى أننا لسنا كغيرنا، ولسنا كتونس ومصر، ولسنا بالطبع كسورية، وأن في قلوبنا من الحب لهذا البلد، ما يجعلنا نأمل أن يكون أفضل بلاد العالم بالحرية والديمقراطية.
قم أيها الرئيس، وافعل ما يجب عليك فعله !