زاد الاردن الاخباري -
كاميرا الفضائية الأردنية رصدت جانبا من المهنئين الموسميين الذين يزورون مقر الضيافة التابع لرئاسة الحكومة أكثر من مرة في العام الواحد بهدف تهنئة الأمة والوطن برئيس الوزراء الجديد الدكتورعبدالله النسور.
التدقيق في كادر الكاميرا ولاحقا الصور المنشورة تدلك على الحقيقة .. نفس الوجوه والأسماء تخوض نفس التجربة دوما.
والكاميرا تقول لنا بأن مئات الأشخاص عند كل تغيير وزاري يقومون بنفس التقليد ويصطفون على شكل طوابير لتهنئة الرجل الجديد الذي يقف بوقاره مع ثلة من الوزراء مستقبلا الحشود وموزعا الإبتسامات في كل مكان.
طبعا أعرف مسبقا بان رئيس الوزراء الأسبق أو حتى الوزير الأسبق مجبر على العبور عبر هذا الطقس البائس الذي لا يحصل في المجتمعات الديمقراطية لأن (الحسابة بتحسب) على رأي عادل إمام فواحدة من المسائل الأساسية التي ينشغل بها رئيس الحكومة الطازج هو التمييز بين من حضر لتهنئته ومن لم يحضر خصوصا من الجنرالات ورجال الدولة القدامى.
من يترفع عن الحضور قد يجد إسمه في قضية فساد أو قد يخرج من تشكيلة مجلس الأعيان وفي الحد الأدنى سيوضع في قائمة سوداء لا يطالها أي تعاون من فريق الرئيس الجديد.. لذلك يحرص القوم على المشاركة في حفلة النفاق التي تسمى مراسم التهنئة.
حفلة نفاق
لو كنت وزيرا سابقا لحرصت على الإصطفاف لساعتين في طابور الولاء الذي سيهنئ رئيس الوزراء الجديد فغيابي سيسجل أو على الأقل هذا ما سأعتقد به وزملائي الوزراء الجدد سيفقدونني والرئيس نفسه قد يحتاجني في أول تعديل، الأمر الذي يجعل عرض سحنتي عليه وتذكيره بنفسي خطوة مفيدة.
ما لا أفهمه الوجود الدائم لبعض الأشخاص الذين لا ناقة لهم ولا بعير بالمسألة في مثل هذه المناسبات.
هؤلاء يلتقطون الصور بكفاءة مع كل رئيس جديد ويبتسمون ببلاهة أمام الكاميرات وأغلب التقدير يحصلون على الصور لعرضها على الأقارب والجيران والزوجات فمصافحة رئيس الوزراء الأردني متاحة فقط في يوم واحد مخصص للتهنئة.. بقية أيام العام لن ترى الرجل إلا عبر شاشة الفضائية الأردنية وفي تقارير تستعرض بطولاته.
وفي مثل هذه المناسبات تحديدا يمكنك أن ترى العجب العجاب فمن أثخنوا الوطن بجراح نكاياتهم ضد بعضهم البعض يتبادلون إبتسامه خادعة أمام الكاميرات ويصافحون بعضهم البعض.
شاهدت بعيني عبر الكاميرا أشخاصا أعتقد أن رئيس الوزراء الجديد سيقيلهم أو يسجنهم أو يدفع بهم للتحقيق بالفساد يصافحونه بحرارة ويلتقطون الصور بمعيته.
وشاهدت سياسيين كبارا أعرف شخصيا أنهم لا يطيقون الأرض التي يمشي عليها الدكتور عبدالله النسور يقابلونه بالأحضان مع همسات مسموعة يتمنون فيها للرجل التوفيق في خدمة الوطن والملك.. هؤلاء تحديدا أول من سيشنون حربا بلا هوادة لإعاقة الحكومة الطازجة.
تجميل الأحكام العرفية
صديقنا الدكتور سعيد ذياب ألمح عبر ظهوره الأخير على فضائية رؤيا المحلية إلى أن الحل المتاح مرحليا للأزمة المستعصية في البلاد بعنوان قانون الإنتخاب هو إعلان الطوارئ والأحكام العرفية لفترة قصيرة حتى يتسنى إصدار قانون مؤقت للإنتخاب بدلا من القانون الحالي.
سمعت نفس الإقتراح العجيب من الزميل فهد الخيطان عندما اطل عبر محطة الجزيرة وتحدث عن مقترحات بإعلان حالة طوارئ في البلاد لأغراض الخروج من أزمة قانون الإنتخاب وقبل ذلك كتب خيطان يقترح إعلان طوارئ ل 42 ساعة يتم خلالها تغيير قانون الإنتخاب لإنهاء أزمة المقاطعة.
لأول مرة في حياتي أسمع أراء معارضة أو مستقلة تقترح الأحكام العرفية عبر الفضائيات لحل مشكلة يفترض أنها ديمقراطية.
بالنسبة لي هذه الإقتراحات غير مقبولة إطلاقا ومن المعيب أن تطرح بهذه الصورة العلنية فالمواطن العربي اليوم تجاوز تماما الحالات الإستثنائية ومن غير المنطقي أن يصبح فرض الأحكام العرفية مطلبا للديمقراطيين والصحفيين ودعاة التغيير.
طبعا الزملاء وبمنتهى حسن النية يريدون لفت نظر مؤسسة القرار إلى وجود حل لكن هذا المنطق يفترض أن مؤسسة القرار تشعر مثلهم بوجود مشكلة وتبحث عن حل.
في الواقع إستراتيجية مؤسسة القرار واضحة وضوح الشمس فالإنتخابات ستجري بموجب القانون الحالي والنظام يجازف بالمقاطعة ولا يعترف بالأزمة بعد تسحيل أكثر من مليوني مواطن أنفسهم في سجلات الإنتخاب أما رواد المقاطعة من الأخوان المسلمين وشركائهم فيعتبرون أنفسهم معزولين عن المشكلة والحل ليس مطلوبا منهم.
القدس العربي