زاد الاردن الاخباري -
يقف العامل المصري "رشاد" عاجزا امام قرار اتخذته وزارة العمل، يشترط توقيعه على "مخالصة نهاية العمل"، التي تفيد بـ"تنازله عن كافة حقوقه العمالية، بشكل شامل ومطلق، لا رجوع عنه"، للسماح له بمغادرة الاراضي الاردنية، وهو الامر الذي سيضيع حقوق "رشاد" لدى صاحب العمل، الذي استقدمه، ورفض إعطاءه رواتبه عن ستة اشهر، فضلا عن حجز جواز سفره، ما دفعه لرفع قضية امام المحكمة.
"رشاد" مضطر حاليا لترك البلاد، بعد ان عجز عن ايجاد عمل، اثر تركه وظيفته لدى مستقدمه، الذي يطالبه ايضا بألف دينار، والتنازل عن القضية المرفوعة على صاحب العمل، مقابل توقيع الأخير على المخالصة، التي تشترط الوزارة توقيع صاحب العمل عليها، ما يعتبره خبراء في مجال حقوق الانسان "انتهاكا" لحرية الافراد في التنقل.
حالة العامل "رشاد" تنطبق على حال مئات العمال المصريين، الراغبين بالعودة الى بلادهم، والذين تتم إعادتهم لعدم حصولهم على مخالصة نهاية العمل، ما يضعهم تحت رحمة اصحاب العمل، ممن يلجأ بعضهم لطلب مبالغ مالية من العمال، مقابل الموافقة على توقيع المخالصة.
وتنتقد مديرة مركز تمكين للمساعدة القانونية لندا كلش تعليمات دخول وخروج وإجازات العمال المصريين، وبراءة الذمة، لغايات المغادرة النهائية، وترى أن هذه التعليمات "باب واسع" لاستغلال العمال من قبل أصحاب العمل، وتعزيز لممارسات العمل الجبري، وقالت "هذا ابتزاز مقنن للعمال".
وأضافت كلش أن المركز تلقى العديد من الشكاوى، تؤكد "ابتزاز" أصحاب العمل لعمال وافدين، كون التعليمات الجديدة تلزم العامل بالحصول على إذن صاحب العمل، في حال رغب بالسفر في إجازة الى بلده.
ويسمح نظام الخروج والعودة، الذي بدأت الوزارة بتطبيقه مؤخرا، للعامل الوافد الذي يرغب بالحصول على اجازة لمغادرة البلاد، بأن تكون مدتها 60 يوما بحد اقصى لكافة القطاعات، باستثناء قطاع الزراعة، الذي لا تزيد مدة الاجازة فيه للوافد على 90 يوما، شريطة ان تنتهي مدتها قبل تاريخ انتهاء التصريح الممنوح له، وبموجب موافقة صاحب العمل، وبعد توقيع مخالصة لتسوية الحقوق العمالية المترتبة على الطرفين (العامل وصاحب العمل)، على ان يصادق مدير العمل المعني على ورقة المخالصة، وختم جواز سفر العامل، الذي يبين انه حصل على اجازة لمغادرة البلاد.
وتقول كلش "قد يكون لهذا القرار تبرير مشروع، هو الحفاظ على حقوق العامل، بحجة أنها مخالصة لصالح العامل"، الا أنها تؤكد أنه "كان بالإمكان اتباع طرق أخرى، للحفاظ على حقوق العمال وصاحب العمل".
وترى كلش انه كان من الممكن أن تكون هناك مخالصة من قبل الطرفين وبموافقة العامل، كشرط للسماح لصاحب العمل باستقدام عمال مرة أخرى، "وبهذا قد تتوازن كفتي الميزان"، مبينة أن هذه التعليمات "مخالفة صريحة" للعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية، كما انها "تعزز مفهوم الكفيل"، والذي يعد بدوره صورة من صور "العبودية الحديثة".
وفي إطار الحديث عن التعليمات، انتقدت كلش شروط وإجراءات استخدام واستقدام العمال غير الأردنيين، حيث تنص المادة 14/6 منه، على أن يدفع العامل 250 دولارا أو ما يعادلها بالدينار الأردني عبر معبر العقبة الحدودي، كتأمين للالتزام بصاحب العمل، على أن تسترد بعد استصدار تصريح العمل خلال 45 يوما.
كما انتقدت عدم قدرة العامل على استصدار تصريح عمل لنفسه بنفسه، ولكن عن طريق صاحب العمل، والذي "يخسر حين يتقاعس عن استصدار التصريح، أو يرفض إعطاءه للعامل، ما دفعه".
وقالت كلش "هذه التعليمات بحد ذاتها تعد تمييزا بحق العمال المصريين"، مؤكدة ضرورة إعادة النظر في هذه القرارات، التي قد تعزز انتهاكات حقوق العمال المهاجرين.
وحاولت "الغد" الاتصال اكثر من مرة بأمين عام وزارة العمل حمادة أبو نجمة، وبعدد من المديرين المسؤولين عن هذا الملف، لاستطلاع رأي الوزارة في القضية، دون ان يتسنى لها ذلك.
الغد