أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول لحزب سياسي إسرائيل تساوم بـ"اجتياح رفح" في مفاوضات غزة .. ووفد مصري إلى تل أبيب أوقاف القدس: 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى مسؤول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما مسيرة في وسط البلد دعمًا لـ غزة 34.356 شهيدا و77368 إصابة جراء العدوان الإسرائيلي على غزة الأمن يحذر من حوادث الغرق نتيجة السباحة بالأماكن غير المخصصة الأرصاد تحذر من السيول والانزلاق على الطرقات السبت دراسة: تحسن الرفاهية والصحة النفسية للأردنيين واللاجئين العراقيين منذ 2020 أسعار النفط ترتفع عالميـا الإسعاف والإنقاذ يواصل انتشال جثامين شهداء من مقابر جماعية في مجمع ناصر الطبي متحدثة باسم الخارجية الأمريكية تعلن استقالتها احتجاجا بشأن غزة فتح باب اعتماد المراقبين المحليين لانتخابات النيابية المعايطة: لن تكون الانتخابات مثالية رسو سفينة قبالة سواحل غزة لتجهيز رصيف لإدخال المساعدات الاحتلال يحبط محاولة تهريب مخدرات إلى الأردن مقتل إسرائيلي بقصف جنوبي لبنان شبهات بسرقة الاحتلال الإسرائيلي أعضاء لضحايا المقابر الجماعية في خان يونس انطلاق منافسات ألتراماراثون البحر الميت اليوم أميركا تعلق على تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات بالجامعات
الصفحة الرئيسية ملفات ساخنة هل يُمثل "النّور أو الخجر" في البرلمان المقبل .. ?

هل يُمثل "النّور أو الخجر" في البرلمان المقبل .. ?

02-04-2010 11:32 PM

زاد الاردن الاخباري -

العرب اليوم - محمد ابو عريضة - تصوير محمد الرفايعة

(.... كم كانت تستهويني ثيابهم المزركشة وخيامهم الملونة, وضفائر الصغيرات الجميلات التي تتطاير  في الهواء حين يتراكضن بفرح مقبلات على الحياة....

اما في تلك المساءات الجميلة الراقصة فكانت الاغنيات الجميلة الراقصة ترافقها نقرات الايقاع تتسرب الى منازلنا القريبة منهم, لتشحن نفوس الرجال بالطرب وتبهج النساء, ولكن الرجال والنساء على السواء يصرحون في كل الاوقات بكراهيتهم للغجر, ويهددونهم بالطرد اذا ظلوا خارجين على اطار عادات وتقاليد المجتمعات القروية التي يلتصقون بها, وعلى مقربة منها ينصبون اعمدة خيامهم..)


بالكلمات السابقة يلخص احد الكتّاب العراقيين علاقة الناس - اي ناس - بـ (الغجر او النوّر) او (الزط) او (الكاولية)  او (الروم)  وكلها اسماء تشير الى فئة اجتماعية ذات صفات خاصه منتشره في ارجاء العالم كافة, افرادها غريبو الاطوار وفق وصف احد المؤرخين الاوروبيين, تحب الفئات الاخرى فيهم الجرأة, وقلة اكتراثهم بالانساق الاجتماعية السائدة, كما يعشق رجال الفئات الاخرى اتساع عيون نساء (النوّر) وقدرتهن الفذة على مخاطبة رغبات الرجال الدفينة في الانعتاق من القيود الاجتماعية والتخلص من ارث دفين - يحاكي التمايز الاجتماعي عبر العصور, يشعر المرء معهم بالانطلاق وبأن الدرب امامه مفتوحة على اتساعها, فمعهم  تختفي الفوار الاجتماعية كما يقول شاعر الاردن العظيم مصطفى وهبي التل »عرار«:

بين الخرابيش  لا عبد ولا أمة

ولا ارقاء في ازياء احرار

الكل زط مساواة محققة

تنفي الفوارق بين الجار والجار


هي ظاهرة اجتماعية اكثر منها سلالة تاريخية وفقا لعدد من علماء التاريخ, وهي تشبه الى حد كبير ظاهرة »الصعاليك« لدى العرب في الجاهلية, اي انها ظاهرة تمرد فئة اجتماعية على سلطة سياسية او اجتماعية, وخروجها عليها, ما يجعل معظم الحكايات الواردة في »ميثولوجيا« الشعوب والامم التي تحدثت عن الغجر متشابهة في مضامينها الى حد كبير, وهو ما يؤكد ما يقوله شيخ بني مرة - شيخ النوّر في الاردن فتحي عبده موسى, لجهة نفيه نفيا قاطعا علاقة نور الشرق الاوسط بغيرهم من النوّر او الغجر في اوروبا او في اي بقعة اخرى, علما بان كثيرا من الصفات غير الخلقية - بتسكين اللام تجمع هؤلاء مع اولئك.


عبد الرحمن طايل

ما اثار الموضوع وجعل له اولوية في البحث حالتان متناقضتان في بعض الجوانب, ومتجانستان في جوانب اخرى, اولهما عبد الرحمن يافع ابن اربعة عشر عاما متفوق على اترابه في التحصيل العلمي, فمعدله 96%, ومتفوق ايضا في رياضة »الكراتيه« وحصل على ميدالية ذهبية في بطولة نظمتها تركيا العام قبل الماضي, ورفع العلم الاردني كما يقول والده طايل نايف رغم انه شارك في البطولة على نفقه والده الشخصية, كما حصل على ميدالية ذهبية اخرى في نفس البطولة العام الماضي. والده يعمل سائقا, وهو يعيش في اسرة اردنية عادية, تعيش في حي الدبايبه بالوحدات ولكن عبد الرحمن المتفوق اخذ اليوم يشعر بالغبن والجور والظلم, فهو من اسرة تنتمي لعشيرة من النوّر - بنومره, وهذا يجعله محلا للاستهزاء والسخرية من زملائه في احيان كثيرة, وفي بعض الاحيان من عدد من اساتذته, وكانت كلمات استاذ اللغة العربية حينما قال باستهزاء »شفتو النوري شو سوا« اكثر ألما من اي شيء وفقا لتعبير عبد الرحمن ما جعل الشاب المقبل على الحياة يشعر بالاحباط, وما يزيد الطين بلة ان الألم يأتي من الذين لا تتوقع ايذاءهم فحسب والدته »ام عبد الرحمن لم يسلم ابنها من السخرية حتى من اكثر الناس قربا الى معاناة البشر وهم الاطباء فأحد الاطباء قال في معرض تعليقه على تفوق عبد الرحمن في رياضة »الكراتيه« شو بدو يكون مستقبل ها النوري«...


عُلا رامي

الطفلة الجميلة عُلا رامي غازي في الصف الثاني الابتدائي تعيش مع اسرتها في خيمة في منطقة الهاشمي, عمرها ثماني سنوات, وتدرس في مدرسة حكومية بالهاشمي الجنوبي, هي الوحيدة التي تذهب الى المدرسة من بين اكثر من عشرين طفلا تجمعوا حول مندوب »العرب اليوم« حينما زارتهم الصحيفة في خيامهم المنصوبة في المنطقة والغريب ان هؤلاء الاطفال لا يحرمون فقط من التعليم بل يضطرون تحت إلحاح الحاجة وشروط حياة اسرهم الفقيرة للعمل في اعمال مختلفة منها كما قال ابن العاشرة رشيد علي انه يجمع »الخردة« من حاويات النفايات,ومن الطرقات, وانه لم يدرس الا عام واحد فقط.

»ابو مروان« او غازي غوري محمود علي جد الطفلة علا يقول انه يعيش مع اسرته في الخيام بسبب عدم وجود منازل اسمنتية لهم, ولا يذهب  اطفال »النوّر« في الغالب الى المدارس بسبب عدم قدرتهم على الانفاق عليهم, ولأنهم لا يجدون في المدارس مصلحة لهم, وبشكل عام فان عددا كبيرا من الشباب من »النوّر« وفقا له يعملون اليوم عمال وطن - نظافة -  في امانة عمان الكبرى, وهو شخصياً عمل في الأمانة الى ان تقاعد, وأما في السابق فقد كان النوّر يصنعون السكاكين والشباري والمقاور وخلافها, ويبيعونها, وكانت النساء يشحدن, وبعضهن يرقصن في المناسبات.


شيخ النوّر

فتحي عبده موسى  نجل الفنان المعروف الذي توفي عام 1977 تربوي متقاعد من وزارة التربية, يعتبره »بنو مُرَّه« - النور - الذين يزيد عددهم وفقا له على 50 الفاً في الاردن شيخهم وهو من حيث المبدأ شيخ لهم بالوراثة, فعمه سعيد باشا موسى كان الشيخ قبل ان يتوفاه الله عام ,1970 فاصبح والده عبده موسى شيخاً, ومن ثم فتحي بعد وفاة والده, يقول موسى ان مجتمع »النور« كباقي المجتمع, فيه الصالح وفيه الطالح, ولا يجوز القياس على الطالح لنعت عشائر بني مره ال¯ 63 في الاردن بصفات السيئين . وتأسيساً على هذا القول فان صعوبة اندماجهم في المجتمع الاردني يحتاج الى بحث وعلاج, خاصة ان الذين يحصلون منهم على فرص للارتقاء الاجتماعي, ينسلخون عن اصلهم, ويختارون اسماء عائلات اردنية معروفة ينتسبون إليها حتى لو لم يكن لهم بهم علاقة, ولا يعود لهم علاقة بالنوّر من قريب او بعيد, والمجتمع مليء بمثل هؤلاء من الشرائح والمهن كافة.

موسى يرى ان الفجوة العميقة بين »النوّر« والمجتمع تعود الى الأفكار الخاطئة التي ترسخت في أذهان افراد المجتمع عن »النوّر«,وهذا الأمر يزيد من الاحباط, خاصة لدى الجيل الجديد, فهذا بهاء - اشار باصبعه لأحد ابنائه - في السنة الرابعة بتخصص الحقوق, يجد شأنه شأن كثيرين غيره من ابناء عشائر بني مره, صعوبة في التعامل مع الآخرين, بسبب النظرة السلبية التي ينظر بها المجتمع الى »النوّر« فمع انهم - أي النوّر - مواطنون اردنيون منذ تأسيس الدولة الاردنية ومخلصون للوطن, وولاؤهم للهاشميين أحد أهم ثوابتهم, ولكنهم للآن يشعرون بأنهم غرباء في وطنهم.


النوّر والسياسة

التاريخ القديم يزخر بتفاصيل كثيرة عن علاقة »النوّر« بالسياسة, ولعل ثورة »الزط« التي حدثت عام 1205 إبان حكم الخليفة العباسي المأمون من ابرز تلك الاحداث, ويشار الى ان الذين كتبوا التاريخ تناولوا هذه الثورة بطريقة اساءت الى »الزط«, ومع ذلك فان سياسيين كثيرين وصلوا عبر التاريخ الى مواقع مهمة في دولهم كانوا من أصول غجرية, ولكنهم تنصلوا من اصولهم وكتبوا لأنفسهم تاريخاً جديداً, لكي لا ترتبط اسماؤهم بفئة اجتماعية تم تلويث اسمها عبر التاريخ, لأنها تمردت على القيود.

موسى قرر عام 2003 الترشح للانتخابات النيابية, فواجهته معضلة كبيرة, تتمثل في أن اعداد »النوّر« في الدائرة الثانية التي ترشح بها لا تسمح بحصوله على اصوات كافية للفوز في الانتخابات, ولم تتح له الفرصة مثل غيره لنقل اصوات مؤازريه من ابناء عشائر »النوّر« المنتشرين في المملكة الى دائرته الانتخابية, فاخفق في الانتخابات, ولم يجرب حظه في انتخابات ,2007 ولكنه اليوم يفكر بشكل جاد بخوض الانتخابات المقبلة, ويتطلع الى ان تتاح له فرصة اسوة بغيره للقيام بنقل اصوات »بني مره« الى دائرته. فالنّور رغم انهم جزء حيوي من المجتمع الاردني, ومنهم الأطباء والمهندسون والمعلمون والمحامون واساتذة جامعات وغيرها من المهن, ويقومون بواجباتهم الوطنية المطلوبة منهم وفقاً للدستور الأردني, إلا انهم مظلومون بشكل مضاعف, مظلومون اولاً من المجتمع الذي ينظر اليهم نظرة سلبية, ومظلومون ثانياً من الدولة التي لا تعمل بشكل جاد على جعلهم  جزءاً من النسيج الاجتماعي الاردني كغيرهم.


»النوّر« لا يبيعون اصواتهم الانتخابية كما يقول المواطن خالد محسن الذي التقته »العرب اليوم« في مضافة الشيخ فتحي عبده موسى, فهو على سبيل المثال رفض مبلغ 50 ديناراً دفعها له احد العاملين مع احد المرشحين في الانتخابيات الماضية, لكي ينتخب مرشحاً بعينه, فهو وصوته ليس للبيع, لان بيع الصوت يعني بيع الوطن ويقول اذا لم يترشح احد من »بني مره« فانه لن ينتخب احداً في الانتخابات المقبلة, ويتفق معه في ذلك مصطفى نايف الذي قال انه لن يشارك في الانتخابات اذا لم يجد مرشحاً يمثله بشكل حقيقي, فهو مثلاً يواجه كل يوم بوصفه يعمل في امانة عمان بوظيفة »عامل وطن«, النظرة الفوقية التي ينظر بها اليه بعض الناس, وكان آخرها حينما تعامل معه احد مدرائه بازدراء, ما دفعه لتقديم شكوى بحقه.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع