ربما هذا شأن فلسطيني ولكن عندما يقرن هذا الشأن بكلمة الربيع يصبح تلقائيا شأناً عربيا يتماشى مع واقع التغيرات في هذا الوطن العربي الكبير ، الرئيس عباس أعلن إفتتاح الربيع الفلسطيني في قاعات جامعة الدول العربية وإختصر مطالب هذا الربيع بمطلبين الأول وقف الغلاء والثاني إستلام الموظفين لرواتبهم بموعدها .
وأبقى عباس بقية المطالب الفلسطينية كشعب عربي في ملف مغلق ليس بحاجة لفتحة أمام أخوة العروبة المزيفة بدأً بشخصة وشخص رئيس الجلسة مرسي ، وهنا علينا أن لانبتعد كثيرا عن الشارع الفلسطيني كما هو في رواية الزائرين من غرب النهر لأهلهم في الأردن وهو شارع يقوم على مجموعة من التناقضات والمفارقات التي لاتيزد هذا الشعب إلا إنقساما في الولاءات وغيرها من موروث الثورة الفلسطينية القائمة على الشخص الرمز .
وأول هذه التناقضات وهي رواية مؤكدة أن حكومة عباس بقسمها الأمني لاتسمح لمن يحملون مؤهلات جامعية الدخول بها بل تشترط أن يكون الشخص في أقل مستويات التعليم ، وتقوم هذه الاجهزة بالبحث عن زعران المدن والقرى الفلسطينية وتعينهم في الأجهزة الأمنية ووضع الرتب العسكرية على أكتافهم ، ويكون الهدف الرئيسي لمثل هذه الإجراءات هو الحرص على بقاء الولاء للرئيس دون غيره وتهميش مفهوم الوطن وهذه الوقائع يعرفها كل من إطلع على تاريخ الثورة الفلسطينية منذ بيروت ومرورا بتونس وإنتهاءاً بفلسطين .
وثاني هذه التناقضات قيام مؤسسات عباس المدنية في تفضيل الفتحاوي على بقية أبناء الفصائل الفلسطينية الأخرى ، وهنا يتم طرح قضية الولاء كمعيار وفي نفس الوقت تلعب الجغرافيا والمناطقية في التعيين المميز أو التعيين العادي للحد الذي أصبحت به أراضي السلطة الفلسطينية تتساوى مع كنتونات اسرائيل بعنصريتها وكذلك يبرز هنا النفوذ المالي والإنتفاع من هذا المال على قدر القرب من شخص الرئيس أو البعد ، وعند البحث عن المواطنين وخصوصا الشباب الذين لايملكون أية ولاءات سياسية لأي فصيل فلسطيني تجدهم يبحثون عن ابواب رزقهم في أراضي فلسطين عام 1948 رغم المخاطرة الكبيرة في عملية التنقل ما بين أراضي السلطة وأراضي فلسطين عام 48 ، وهم هناك يرضون بأن يعملون بالحد الأدنى من الأجر الذي إذا قورن بالأجر داخل اراضي السلطة فهو مرتفع ، وتجدهم يتخذون من أسفل أشجار الزيتون والغابات بيوتا لهم لأن اسرايل تمنع وجودهم نهارا أو ليلا في أراضيها، ويمثل كذلك هؤلاء الشباب المحايدين في ولاءاتهم أيادي عمل رخيصة جدا في مواسم المحاصيل الزراعية للأسرائيلين .
ونكتفي بتلك التناقضات وعلى الفلسطينين أن يقوموا بترتيب الربيع الفلسطيني كما هو الربيع العربي وليس كما يريد عباس وجامعة الدول العربية ، فهو ربيع عربي داخل دائرتين أصغرهما دائرة عباس وسلطتة المبتورة شعبيا وتاريخيا ودائرة كبيرة تتمثل في دولة إحتلال عنصرية تستغل مفاصل الخلاف الفلسطيني كي تبقى موجودة على أرض الواقع، وبين هاتين الدائرتين يتوه الربيع العربي في فلسطين وتضيع ملامحة الشعبية الثورية ليصبح ربيع رسميا برعاية المحمودين(عباس ، مرسي ) وجامعة الدول العربية .