زاد الاردن الاخباري -
أقل من 24 ساعة فقط فصلت بين عرض الرجل الثاني في حزب جبهة العمل الإسلامي الشيخ إرحيل الغرايبة لما أسماه بأدلة وقرائن على أن الحكومة الحالية هي عمليا الجبهة النشطة التي لا تريد تنظيم الانتخابات المقبلة وتعرقلها وبين تصريح الناطق الرسمي بإسم الحكومة الزميل سميح المعايطة الذي إتهم {قوى منظمة} بالعمل على إفشال الانتخابات.
المعايطة ذكرني شخصيا بالتصريحات المتكررة لوزراء إعلام الماضي عن {مندسين} أو جهات غامضة غير محددة أو عصابات أشرار تخطط وتدبر لإستهداف الوطن والمواطن.
وأنا هنا مضطر لإستنساخ هذا النمط من سحب الأفلام الوزاري مع التقدير الشديد للزميل المعايطة بصفة فردية ما دام مصرا على التعميم ولم يحدد لي كمواطن وبلغة صريحة من هي هذه الجهة المنظمة التي تسعى لتعطيل الإستحقاق الانتخابي.
أريد ذلك حتى أنقض على هذه الجهات المعيقة للعبة الإصلاح وأفضحها .. دون تحديد وأسماء واضحة سيبقى مثل هذا الكلام إستهلاكيا لاعلاقة له بالواقع ويرتبط بأهداف محددة من نمط تلك التي تدفع وزراء لمخاطبة رئيسهم أو مؤسسات أخرى في الدولة تزلفا وليس مخاطبة الشعب.
عمليا لا أتبنى رؤية الشيخ الغرايبة في الحديث عن القرائن التي عرضها كأدلة على أن الحكومة الحالية هي التي لا تريد الانتخابات ولا تريد الإصلاح في الواقع.
لكن دعوني أشارك برأيي في هذا الموضوع وأعرض قرائني على أمل تحديد الجهة المسؤولة واقعيا عن تعطيل الانتخابات والسعي لإعاقتها ما دامت الحركة الإسلامية التي يقصدها بطبيعة الحال زميلنا الناطق الرسمي هي المتهمة علنا وضمنا فجماعة الأخوان المسلمين في الواقع تعلن مقاطعة الانتخابات وتعلن مقاطعة عملية التسجيل للانتخابات مما يعني أنها تعلن عن نفسها كمجرم أول يعترف بوضوح بأنه يمثل تلك الجهة التي يتحدث عنها الوزير المعايطة.
لا يمكنني تصديق مقولة أن الحكومة الحالية برئاسة السيد فايز الطراونة تسعى فعلا وحقا لإجراء الانتخابات في نهاية العام الحالي وذلك للأسباب التالية:
' القانون واضح في قصة تسمية الجهة التي تحدد موعد الانتخابات لكن الناطق الرسمي بإسم الحكومة يتلاعب بالحقائق عندما يحيل ملف هذه المسألة للقصر الملكي الذي لا يمكنه عمليا تحديد موعد الانتخابات بدون تنسيب الحكومة.
' إجراء الانتخابات فعلا قبل نهاية العام الحالي يعني فورا إقالة الحكومة الحالية وقصف عمرها بموجب الدستور المعدل الذي يمنع بالنص إعادة تكليف رئيس الوزراء الحالي مرة أخرى إذا ما حل البرلمان لإجراء إنتخابات مبكرة، وعمر الوزارة الحالية لن يكون طويلا بكل الأحوال بسبب درجات الإحتراف العالية التي تسجلها وهي تسحب المزيد من رصيد النظام عند الشعب. * فليعذرني الزميل العزيز وزير الإتصال فانا لا أصدق إطلاقا بأن حكومة تسعى فعلا لعقد الانتخابات في الموعد الذي إلتزم به القصر الملكي تعود في سلسلة التعيينات بالمناصب العليا إلى وصفات البقالات القديمة التي كانت دوما وأبدا سببا مباشرا في مشاعر القهر التي تجتاح الأردنيين وينتج عنها نزولهم للشارع.
..هنا حصريا تعالو نقرأ معا ما حصل: التعيينات العليا الأخيرة شملت مقربين لرئيس وزراء سابق ولرئيس البرلمان الحالي ولرئيس هيئة الاركان الحالي .. القصد من هذه التعيينات واضح فالحكومة تقول ضمنيا للشعب: إضرب رأسك في الحيط فالأشياء لا زالت تدار رغم كل شيء بالطريقة القديمة والتعيينات العليا الإستفزازية ما زالت منهجية المؤسسة الأساسية في التزبيط والتربيط وتعيين المحاسيب والمقربين لسكان الطبقة العليا.
أما عناوين الحراك والإصلاح والعدالة وحتى إتقاء الشهبات فلتذهب إلى الجحيم لان رئيس الوزراء قرر بكامل الإصرار بعد حبس الحدائق وتهديد المسيرات السلمية ومراقبة الفضاء والصحافة أن يعين من يريد وبالطريقة التي يريد وبدون مسابقات وظيفية او لجان مقابلة أو حتى أي شفافية من أي نوع. إنها بإختصار عودة فورية وتلقائية وكلاسيكية لأدوات الماضي لا يمكنني أن أفهمها إلا على طريقة {جدع الانف} فالدولة الأردنية تقول للشعب ضمنيا بأن الأشياء لم تتغير ولن تتغير فهي تلقائيا دعوة لكي يخرج الناس للشارع مجددا وأزعم أن هذه هي تحديدا خطة الحكومة الحالية التي لن تهدأ ولن ترتاح حتى تقنع صاحب القرار بتأجيل الانتخابات وإعلان حالة الطوارىء فقط لان رئيسها لا يحب العودة لضجر المنزل وليس لأي أسباب وطنية أو مؤسسية أو منطقية. .. سؤالي الان: حكومة تعين بهذه الطريقة في القرن الحادي والعشرين وبعد الربيع العربي والحراك الداخلي هل تريد أن نصدق فعلا أنها تريد إنتخابات أو ستجري إنتخابات نزيهة لو قيض لها؟
' فوق ذلك بعد إنتهاء فترة التسجيل في السابع من أيلول وتمديدها لأسبوعين على الأرجح لان الشعب لا يريد الحصول على بطاقاته الانتخابية ثمة فترة تحتاج لستة أسابيع على الأقل حسب الخبراء من أجل الطعون القانونية في سجلات الناخبين وتعقبها فترة إجبارية لمدة شهرين من أجل الموظفين العموميين الراغبين بالترشيح حسب القانون ..بعد كل هذه الفترات القانونية هل يتبقى فعلا وقتا لإجراء الانتخابات قبل نهاية عام 2012؟
' شخصيا لا أصدق أيضا بأن الحكومة تسعى فعلا للقضاء على فوبيا مراجعة الدوائر الرسمية بهدف الحصول على بطاقة إنتخابية خوفا من سحب الجنسيات حيث قدمت ضمانات علنية للناس في هذا الإطار تقوم لجان موظفين صغار بوضعها في سلة مهملات حيث سحبت جنسيات مواطنين ذهبوا للمراجعة بهدف الحصول على بطاقة الانتخابات مما يعني تلقائيا بان الحكومة لا يمكنها أن تكون جادة.
..عمليا من يسعى لانتخابات حقيقية يجري حوارات معمقة مع القوى السياسية والأساسية عند تشكيل وزارة ستحضر لانتخابات قيل علنا أنها ستؤسس لمستقبل الأردن والأردنيين. ومن يسعى لمثل هذا الأمر لا يصر على قانون الصوت الواحد نكاية بالإسلاميين وبكل القوى الوطنية حتى قبل إختيار طاقمه الوزاري.
ومن يريد إنتخابات فعلا لا يضع العربة أمام الحصان ويماطل في البيروقراطيات ويضع الكرة مرة في مرمى القصر الملكي ومرة في مرمى الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات أو يطالب المواطن بتوفير أربع ساعات من وقته للحصول على بطاقة إنتخابية قيل له بأن الحصول عليها لا يتطلب أكثر من خمس دقائق . ..كل ذلك وتأتي الحكومة لتتحدث عن قوى منظمة تسعى لإفشال الانتخابات في الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني بأن الجهة المنظمة الوحيدة التي لا تريد إنتخابات فعلية هي حصريا وبدون منافس أو منازع الحكومة نفسها . ما أقوله بإختصار: بسبب هذا المنطق التضليلي في مخاطبة الرأي العام خرج الناس للشوارع وثقب السقف المعتاد في هتافات الناس .
وبسببه يحصل الإحتقان وينتخب المواطنون الأخوان المسلمين ويميلون للمعارضة ويحترمونها فيما يميل بعضهم للتشدد والتطرف والأصولية سواء في الدين أو التصرف والسلوك . الأردن الرسمي لا زال كمن يجدع أنفه بيديه ثم يأتي متنكرون بزي رجال حكم وحكمة ليقولوا لنا: لدنيا أخطاء لكن الوطن يستحق أن لا نتحدث عنها في هذا الوقت الحساس لانها جارحة .
القدس العربي