أعود إلى الكرك كل أسبوع واسلك أكثر من طريق من عمان إلى الكرك لاطرد الملّل فاسلك طريق البحر الميت تارة وتارة أخرى طريق مادبا عبر وادي الموجب بالإضافة للطريق الرسمي والأكثر شيوعا وهو الطريق الصحراوي الدولي ولأني أكون وحيدا خلال السفر فأعمل على تبديد وحدتي فأفتح دفتر ذكرياتي الخصبة في الكرك في قريتي "حمود" قرية عشيرة الهلسا التي عشت فيها عشرينيات عمري وجل أحلامي الوردية التي كتبت فيها أجمل كلاماتي التي احترقت مع الزمن ولم أحافظ عليها، فأتذكر الشجر الخالد في الأرض منذ بدء التكوين وكأنه قد شرب ماء الحياة القادم من عين سارة ولسارة حكايات كثر في الكرك تروى فهل عرفتم يا سادة يا كرام من هي سارة، انها زوجة أبو الأنبياء إبراهيم وقصة عقرها الذي افاض الله فيه الحياة فأنجبت العاقر ولدها اسحاق رغم شيخوختها وهي التي خطبة لزوجها أمراه أخرى لتنجب بدل عنها ولكن الله اعطاها من رحمها ، انظر ذلك البحر الكبير الحزين الذي لا يشبه بحار العالم من حيث الحياة رغم الغنى الوافر لطينه ومعادنه فهو الاخر يشبه سارة العاقر فبدل ثروته السمكية البحرية اعطاه الله ما اعطاه، اتذكر هذا البلد الطيب الرائع الغني بشعبه ،الحكيم بقيادته اتذكر رجال الكرك الاشاوس، وكم انجبت الكرك منذ القدم رجال تفاخر بهم القاصي قبل الداني،اكتب اليوم متغنيا بجمال الاردن الخلاب وفي قلبي حصرة على كل شبر في ارضنا مازال رغم الحضارة يعاني التصحر والاحتضار ، هذا الشريط الطويل من الجيزة الى الحدود الجنوبية كيف يمكن ان يتحول الى اللون الأخضر كما نراه في الشمال وكيف يمكن ان نكف ايدي المعتدين على خضرة ذلك الشمال الباهي . وليعلم الجميع ان تراب الاردن الغالي لا يثمن بمال الدنيا وان حاول اقزام العالم الاتجار به فتجارتهم بها نجس و رجس و حرام.