زاد الاردن الاخباري -
ينقسم العرب كالعادة إلى قسمين: قسم مؤيد لإنتاج وعرض مسلس عمر، رضي الله عنه، وقسم مخالف يرفض الفكرة قلبا وقالبا، ويتفرع كل قسم، كعادة العرب في كل الأشياء إلى فريقين آخرين، فالقسم المؤيد أصبح فريقين، الأول معجب بالمسلسل وبفكرته ورؤيته وإخراجه، يستمتع في متابعته ومراجعة التاريخ والأحداث أثناء عرضه ويتعلم عن مواقف ولحظات حاسمة لم تصله أخبارها، أما الفريق الثاني فقد رأى المسلسل مملا مليئا بالأخطاء التاريخية والمنهجية والإنتاجية وأن الكاتب والمخرج ولجنة مراجعة النص والممثلين إرتبكوا مئات الفواحش بحق الفاروق، رضي الله عنه، وبحق القيم التاريخية الصحيحة، وأن المسلسل قد أعطى إنطباعا سيئا عن تلك الحقبة من التاريخ، فركّز على أشياء غير مهمة، كقصة وحشي مثلا، وترك أشياء أكثر أهمية كدور بعض الصحابة المقربين كعثمان بن عفان، رضي الله عنه، ودوره الكبير في قيام هذا الدين، منذ بعث النبي المصطفى محمد، صلى الله عليه وسلم.
إذا كان الهدف من هذا المسلسل التلفزيوني، كما قال المعارضون لإنتاجه هو خلخلة صورة الصحابة والخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم، وتشويه تاريخهم وسيرتهم العطرة، بالسماح لممثلين وفنانين بتجسيد أدوارهم وسيرتهم، أو كانت الأهداف هي التسلية ولقضاء أمسيات ممتعة ينعم فيها المعلنون بتسويق بضائعهم ومنتجاتهم وأنه سيؤدي إلى إشغال الناس بالمسلسلات بدل القيام والذكر، أو كان الهدف فعلا هو قلب التاريخ وإعادة إنتاجه في عقول الناشئة بما يتماشى مع الأوضاع السياسية أو النظم العالمية أو المصالح والمنافع الحالية، لأصحاب المصالح، فإننا سنكون حقا، قد وصلنا نهاية طريق سيأتي على ما تبقى من تاريخنا الإسلامي العريق، وسيحرق ما تبقى من المواد المنهجية التي قاموا بتعديلها عدة مرات في كتب التاريخ، لترضى عنا أمريكا والغرب وإسرائيل، بإعتبار أن الجهات المسيطرة القادرة على الإنتاج التلفزيوني الضخم، في الوطن العربي، متمركزة في مصر وقطر وقناة إم بي سي، وبالتالي، فإن كانت تلك الأهداف هي أهدافهم فعلا، بشكل أو بآخر، فعلينا وعليكم السلام.
أما إن كان هناك من يرى من المنتجين، والقائمين على الإنتاج التلفزيوني والسينمائي، أن إعادة عرض التاريخ، حتى مع وجود بعض الأخطاء، التي لم يستطيعوا تجاوزها، كما يقولون، كان بهدف إحياء ذلك التاريخ، وإعادة تجسيده في قلوب وعقول أبناء الأمة، كما يرى بعض النقاد أيضا، للنهوض من جديد وبث روح العزم والعزيمة ونشر قيم الرحمة والعدل والحكمة التي كان تاريخنا يزخر بها، ولمواكبة الإنتاج الهوليوودي والغربي بإنتاج عربي إسلامي ضخم، يتحدث عن رجالات الأمة العظيمة، فسيكون عندئذ لكل مجتهد نصيب، فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد.
ستسألونني، وما هو رأيك؟ والحقيقة انني أعلنت رأيي من قبل فيما يجب أن تكون عليه شروط الإنتاج التلفزيوني، في هذا النوع من المسلسلات، بضرورة خضوعها لتدقيق صحيح ومرجعية صارمة ومعترف بها، ولإيجاد ممثلين رئيسيين لم يسبق لهم "جميعا" العمل ولن يقوموا بالتمثيل بعد ذلك، أما وقد عرض المسلسل، وتابعت بعض مشاهده وحلقاته، فإنني رأيت ضعفا شديد في النص والإخراج والتمثيل، لا يليق بالدكتور وليد سيف ولا المخرج حاتم علي ولا معظم الممثلين، ورأيت إنتاجا رخصيا لا يوزاي عظمة الموضوع، ومن تلك المشاهد فتح مكة، ووجدت أن المخرج قد أحضر لفتح مكة ما لا يزيد عن 200-300 كومبارس... والحق أن ذلك "تجارة" لا ترتقي لمستوى الحدث كما فعل في بعض المواقف واللحظات الحاسمة الأخرى.
لن أطيل، فقد تابعت ردود الفعل، وسأرصدها في تعليقاتكم أيضا، وقد وجدت لغاية الآن وجهتي النظر واضحتين، منقسمتين، لدى المشاهدين الذين رصدت إنطباعاتهم وردود أفعالهم، وقد ترك مسلسل عمر، رضي الله عنه، عند البعض إنطباعا مدهشا وترك أيضا صورة سيئة ومشوهة عن التاريخ الذي يحكي عن قيام الدولة الإسلامية التي وصلت بقاع الأرض، بفضل الله عزوجل وبرحمته.