زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - أكثر من مسألة مهمة يمكن اختبارها أو استنتاجها عند أي محاولة لاستعراض طبيعة النقاش الذي دار في الأردن على المستويين الإعلامي والسياسي، بعدما انفردت 'القدس العربي' بنشر الرسالة الاولى تقريبا التي وجهت للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني باسم المكون الفلسطيني.
لأول مرة يقرر ممثلون للوسط الفلسطيني في الأردن مخاطبة رأس النظام مباشرة، في رسالة ودية وسياسية هادفة تعدد له مظاهر الاستهداف والاقصاء الرسمي الذي يعاني منه المكون الفلسطيني في البلاد.
ذلك بحد ذاته كان حدثا جديدا في المدينة، كما يلاحظ هيثم الدبس أحد الناشطين الذين سارعوا لتبني الرسالة وإثارة النقاش حولها.
باختصار يلاحظ الدبس أن الرسالة تقول ضمنيا للقصر الملكي أن الأجهزة والمؤسسات التنفيذية لا تلتزم بمضمون ما تؤمر به بخصوص ملفات الوحدة الوطنية.
هنا قرأ الدبس ومعه 'القدس العربي' عشرات التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تسخر من فكرة التفريق بين مؤسسة القرار وأجهزة التنفيذ، فالقارئة مها العسلي مثلا أرسلت لصفحة المبادرة الأردنية لمواطنة متساوية على فيسبوك تقول: التمييز ضد الأردنيين من أصل فلسطيني ممنهج ومبرمج ومقرر على أعلى مستويات القرار ولا يتعلق بموظف هنا أو ضابط أمن هناك.
الناشط السياسي البارز خالد رمضان يقول: لو كان الجميع يشعر بالعدالة والإنصاف ولا يعاني من إشكالات، لما امتلأت الساحة بالمبادرات السياسية والفكرية التي تحمل اسم 'المواطنة'، وهو عمليا التعبير الذي استخدم لأول مرة على يافطات انتخابية رفعها رمضان نفسه عندما ترشح في الانتخابات الأخيرة التي توصف بأنها مزورة.
ردة الفعل 'الشتائمية' التي طالت الرسالة الموجهة للملك واعتبرها تجرؤا على الأردن ودعوة للوطن البديل، صدرت عن مقالات نشرت في صحيفة 'العرب اليوم' فيما نشر الكاتب الصحافي محمد أبو رمان في صحيفة 'الغد' مقالا اعتبر فيه رسالة الوسط الفلسطيني دعوة للمحاصصة، رغم أن الرسالة تندد في أكثر من موقع بالمحاصصة، وتصفها بأنها 'مخجلة'، كما قال الناشط السياسي خالد السلايمة.
هنا مرة أخرى استعمل الصحافي ناهض حتر تعبيرات ضد المبادرة والرسالة واعتبر مرة أخرى أن أبناء العشائر الأردنية يتعرضون للتمييز العنصري من القطاع الخاص الذي يسيطر عليه ذوو الأصل الفلسطيني، مستعيدا الحديث مجددا عن الوطن البديل وسيناريوهاته.
هجومات وتعليقات متعددة لاقتها الرسالة المشار إليها بعدما نشرت على نطاق واسع وأثارت عاصفة من الجدل، فالبعض نعتبرها دليلا على عودة تيارات الحقوق المنقوصة وهيئة تسمي نفسها (اللاجئون وحق العودة) أصدرت بيانا ترفض فيه الحديث عن حقوق سياسية وتتمسك بحق العودة قبل أن تقرر فضائية 'رؤيا' المحلية مناقشة مضمون رسالة المكون الفلسطيني للملك في برنامج خاص منتصف الأسبوع الحالي.
بوضوح تجاهلت الصحف اليومية الرسالة رغم أهميتها وندرتها، تفاعلا مع سعي مؤسسات الإعلام الرسمي لتجاهل قضايا المكون الفلسطيني، في الوقت الذي لا يتجرأ فيه الإعلام المستقل والخاص على مناقشة قضايا من هذا النوع حتى وإن كانت الأكثر أهمية للقارئ الأردني، كما يرى الكاتب الصحافي وعضو المبادرة حلمي الأسمر.
بالنسبة لأصحاب الرسالة، ومنهم السلايمة كشفت ردود أفعال بعض الكتاب عن حقائق وجوهر بعضهم عندما يتعلق بالبحث بالموضوع المسكوت عنه، وهو حقوق المواطنة للأردنيين من أصل فلسطيني.
في رسالة إلكترونية رداعلى أبو رمان حاول السلايمة تذكير الكاتب بأن مضمون الرسالة يتعلق بمواطنين أردنيين وليس لاجئين ولاحقا قال السلايمة لـ'القدس العربي': اللعبة عند بعض مدعي الثقافة تبدو واضحة تماما فأسهل شيء بالنسبة للبعض تجاهل الحديث عن المكون الفلسطيني في المجتمع الأردني على اعتبار أن مسألة حقوق هؤلاء المواطنين لها علاقة بملف اللاجئين.
السلايمة قال لأبو رمان: نحن نتحدث عن مواطنين أردنيين لا يحملون صفة لاجئين وأنتم تصرون على أن الجميع لاجئون وأضاف: هذه لعبة تبدو سخيفة وبائسة.. باختصار سقطتم بالامتحان لان المواطنة التي تتحدثون عنها تستثني المكون الفلسطيني.
الرسالة كانت قد عرضت للملك ما سمته بمظاهر التمييز ضد مواطنيه من أصل فلسطيني في التشريعات والوظائف والجامعات وبعض المحاكم العسكرية وبعثات الدراسة وأجهزة الإعلام.
القدس العربي