زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - قد لا تغير اللقاءات التي يصفها الإعلام المحلي بالعصف الذهني بين العاهل الأردني الملك عبدلله الثاني ونخبة من الساسة والإعلامين على هوامش أمسيات شهر رمضان من وقائع أو من نتائج أو إتجاهات طريقة التفكير المرجعية بالملفات الوطنية والإقليمية الساخنة والخلافية لكنها في أضيق الأحوال تبقي جميع الأطراف 'على إتصال'.
هذه الحوارات لا يتم الإعلان عنها رسميا وستتواصل خلال شهر رمضان وتنظم بطريقة مباشرة وغير بروتوكولية ويستمع خلالها الملك مباشرة للاراء كما هي وبسقف عال من الجرأة لكنه لا يكشف عن ما يدور في ذهنه من إتجاهات في واحدة من أصعب المراحل التي تواجه المملكة والإقليم.
ضمنيا فوائد هذه اللقاءات متعددة فهي تمهد لشيء ما بالضرورة وتلتقط أفكارا بصورة تبادلية ويمكن خلالها التواصل مع الحردانيين وبعض المعارضين أو إعلاميين وسياسيين لا تتاح لهم فرصة التلاقي مع مؤسسة القصر الملكي.
لذلك سمح منطوق هذه الإتصالات بحضور شخصيات إسلامية أو محسوبة على الإسلاميين ضمن بعضها وسط حالة تأويل وتكهن عاصفة في المشهد السياسي تتناول مسألتين بشكل أساسي ومفصلي هما الوضع المتفجر في سورية وأجراس الحرب والإشتباك العسكري التي تقرع، وملف الإنتخابات الداخلية الشائك والمعقد جدا بعد إتساع رقعة تيار المقاطعة إثر حسم الخلاف على قاعدة الصوت الواحد.
نظريا يعتقد بأن مؤسسة النظام الأردني متجهة نحو خيارات حساسة للغاية فيما يتعلق بالملف السوري، وهي في طريقها أيضا لركوب مجازفة لا يمكن توقع نتائجها نحو إنتخابات عامة خالية تماما من الإسلاميين والمعارضة الحقيقية والحراكيين، الأمر الذي يعني بأن القيادة السياسية تمهد عمليا المشهد الداخلي لإتجاهات طازجة وغير متوقعة في مسار البوصلة السياسية خصوصا تجاه أهم ملفين يشغلان الرأي العام وهما سورية والإنتخابات.
عمليا يمكن ببساطة ملاحظة جبهة التيار الإسلامي التي مالت تماما للهدوء بعد حسم مسألة قانون الصوت الواحد ورغم ما يوحي به الأمر من قطيعة بين الإسلاميين والقصر الملكي بعد تجاهل موقفهم من ملف قانون الإنتخاب.. رغم ذلك دعا الشيخ حمزة منصور إلى الإفطار الملكي الأول وحضر اللقاء مع نخبة من قادة الأحزاب السياسية.
بنفس الوقت يشارك إسلاميون أو مقربون منهم بلقاءات العصف الذهني وقام التيار بتأجيل مسيراته وإعتصاماته الرمضانية عدة مرات تمهيدا فيما يبدو لإنضاج شيء ما وسط تسريبات ترجح بأن الأخوان المسلمين يرضيهم تماما ويغريهم موقف الأردن الحالي من النظام السوري ولا يريدون أي تناقض أو صدام مع المؤسسات الرسمية للنظام ما دام يتغير أو يتقدم في الإتجاهات المتخاصمة مع أجندة بشار الأسد.
لذلك يبدو ملف الأخوان المسلمين الأردنيين متشابكا مع الملف السوري فقد أغضبهم الإصرار على الصوت الواحد إنتخابيا لكنهم 'جمدوا' عمليا آليات الإعتراض الشعبية على النظام في الوقت الذي تغادر فيه عمان بوضوح منطقة 'الحياد' في إطار الملف السوري مما يؤشر ضمنيا على مقايضة سياسية منطقية يمكن أن يرضى بها الأخوان المسلمون عنوانها العريض تجنب مناكفة النظام أو إزعاجه ما دام ينقلب على نظام بشار الأسد.
هنا حصريا وعندما يتعلق الأمر بسورية تصبح مشاركة الإسلاميين في الإنتخابات المقبلة أو مقاطعتهم مسألة تفاصيل لإن الإنتخابات نفسها لا تعود مهمة، الأمر الذي تدركه جميع الأطراف في الوقت الذي يتعاظم فيه الشعور بأن جولات الملك الرمضانية في ذهنية النخب السياسية خصوصا من خارج النادي التقليدي تهدف لشيء ما أو تؤسس لمرحلة جديدة.
العنوان المقترح والمرجح هو الملف السوري فعمان تتحدث عن خطر الغاز والسلاح الكيميائي وتحشد الجيش لـتأمين الحدود التي تعيش بدورها في وضع أكثر توترا من أي وقت مضى خصوصا بعد تزايد حوادث إطلاق النار على سوريين داخل الأراضي الأردنية كما حصل أمس الخميس حيث أصيب ثمانية مواطنين سوريين بعدما وصلتهم النيران داخل الأراضي الأردنية.
القدس العربي