زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا أحد في عمان نجح ولو مؤقتا في تشكيل تصور استراتيجي أو حتى تكتيكي سياسي عن آثار وانعكاسات انتخابات الرئاسة المصرية على الوضع الداخلي في الأردن.
ورغم اهتمام السلطة ومحيطها بعدم الالتفات كثيرا للمستجد المصري المحتمل والإيحاء بالثقة بالنفس والقدرة على عزل الخارطة الداخلية عن أي تأثيرات لها علاقة بالمسألة المصرية إلا أن جميع دوائر القرار والسياسة في المملكة الأردنية الهاشمية تترقب وباهتمام بالغ جدا ما حصل وما يمكن أن يحصل في مصر الجديدة أو الجمهورية الثانية على حد تعبير الإعلام الرسمي.
وهنا يمكن ببساطة ملاحظة عملية 'الكمون السياسي' التي دخل فيها لأغراض الترقب قادة الحركة الإسلامية الأردنية وسط تزايد المؤشرات على نجاح محتمل لجلوس كرسي الرئاسة المصرية في حضن المرشح الاخواني محمد مرسي، الأمر الذي قد ينتهي بولادة أول دولة اخوانية عربية سيعمل كثيرون على اعاقتها.
وأردنيا تجنب الاخوان المسلمون طوال الأيام الماضية الشارع والتصعيد ولغة البيان السياسي بانتظار قراءة التحول المصري الدراماتيكي والمنطقة التي سيستقر فيها وسط قناعة من جميع الأطراف بأن ما يحصل في القاهرة سيؤثر جذريا على عمان وبصورة شمولية.
أحد كبار الساسة الأردنيين قال لـ'القدس العربي': لدينا شعور في عمان بأن استقرار مرسي رئيسا لمصر سيعني بأنك لن تستطيع التحدث مع الشيخ علي أبو السكر في الأردن، ولدى دوائر القرار هنا توجس وقلق من يسعى ان الاخوان المسلمون لفرض عضلاتهم في الأردن إذا ما سيطر حلفاؤهم على الدولة المصرية.
أبو السكر نفسه إستمع لملاحظة مماثلة على شكل ممازحة فسعى إلى طمأنه الجميع مشيرا الى ان لغته لن تتغير وبإمكان الجميع التحدث معه ومع غيره كما كان يحصل في الماضي تماما مذكرا بأن الحركة الإسلامية ليست ساعية للسلطة قبل أن يؤكد القيادي البارز الشيخ عبد اللطيف عربيات بأن المواطن الأردني ينبغي أن لا يعاقب لإنه يصوت للإسلاميين ويتجاهل دعاة الفساد والإفساد.
نفس السياسي لاحظ بأن الشيخ زكي بني إرشيد نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين وبمجرد الإعلان عن تسمية فايز الطراونة رئيسا مكلفا بالحكومة سارع لإعلان مقاطعة أي حوار مع الحكومة الجديدة قائلا بأن الجماعة لن تحاور بعد اليوم إلا رأس الدولة والقصر الملكي.
حصل ذلك قبل تقدم مرشح الأخوان في انتخابات الرئاسة المصرية. والسؤال الذي تغرق فيه عمان سياسيا اليوم: ماذا سيفعل شباب الاخوان المسلمين في عمان ورموزهم إذا ما جلس مرسي فعلا على كرسي الرئاسة المصرية؟
بالنسبة لمحلل سياسي خبير من طراز خالد رمضان لا مبرر للغرق في التوقعات والسيناريوهات محليا بعدما تغيرت تكوينات التحالفات في ظل الواقع الموضوعي للمنطقة وعلى هذا الأساس تبرز بين بعض مثقفي اليسار نظرية تقول بأن أحد شروط نجاح تجربة الاخوان المسلمين في مصر تحديدا هو 'كمون' وأحيانا سبات تشكيلات الاخوان المسلمين في الجوار المصري وفي ساحات مثل سورية والأردن وفلسطين تحديدا.
وجهة نظر من هذا النوع تجد أصدقاء كثيرين في أوساط النخب المثقفة على أساس أن المرجعية الدولية للاخوان المسلمين تدفع باتجاه تجنب الصدام مع الأنظمة في بلد مثل الأردن وتقليص طموحات النسخة المحلية من التنظيم لأغراض تكتيكية تستند إلى الرغبة في نجاح استقرار التجربة المصرية حتى لا يتحول النظام العربي المجاور إلى خندق التحريض والتحذير من مشاريع وتطلعات الاخوان المسلمين للسلطة في كل مكان.
لكنها لم تعد مجرد وجهة نظر، فالمعلومات في أوساط الحركة الإسلامية تتحدث عن 'إرشادات وتوجيهات' صدرت فعلا تقضي بتخفيف حدة الظهور قليلا في الساحات المجاورة لمصر.
بوضوح الصيغة المقترحة هنا هي خطة اخوانية دولية ترفع شعار'مصر أولا'، الأمر الذي يتطلب كمونا سياسيا في الساحات المجاورة وإبتعادا عن الأضواء وتجنب التصرفات التي يمكن أن تتحول لذرائع بيد الخائفين من التنظيم الدولي، الأمر الذي يعتقد كثيرون أنه يحصل في عمان.
بالنسبة لعضو مخضرم في البرلمان الأردني من طراز الدكتور ممدوح العبادي قد لا تنفع المقايسات والمقارنات لكن الإسلاميين لديهم مشروع واضح يتطلع للسلطة في كل مكان دون أن يقدموا بعد إجابة مقنعة حول نواياهم فيما يخص الدولة المدنية.
القدس العربي