أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الصفدي يبدأ زيارة عمل إلى الرياض مسؤول أميركي: إسرائيل دمرت خان يونس بحثا عن قادة حماس ولم تجدهم تفاصيل تقشعر لها الابدان في الاردن .. أب يقتل ابنته المطلقة حرقا. أسرى لدى القسام لحكومتهم : تخليتم عنا مكتب بن غفير يكشف حالته الصحية بعد انقلاب سيارته يديعوت أحرونوت: بن غفير طلب قتل بعض المعتقلين بمجمع الشفاء لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش لم يعد لديه ما يكفي من الجنود الحنيفات يؤكد أهمية انعقاد المؤتمر الوزاري التعاوني لدول آسيا بالاردن 540 دينارا متوسط إنفاق الأسر الأردنية على التبغ سنويا الفايز: العلاقات الليبية الأردنية مهمة ويجب تعزيزها الامانة تعلن طوارئ متوسطة للتعامل مع حالة عدم الاستقرار الجوي المتوقعة 15 طنا يوميا فاقد خضار وفواكه بسبب سوء النقل او التخزين اشتيه: يجب على دول العالم الانتقال من النداءات لإسرائيل إلى العقوبات تم الإتفاق وحُسم الأمر .. "ليفربول" يقترب من الإعلان عن خليفة كلوب المرصد العمالي: نحو نصف العاملين في الأردن غير مسجلين بالضمان مسؤول أممي: العدوان الإسرائيلي على غزة خلف 37 مليون طن من الأنقاض. 113 سيدة حصلن على تمويل لمشاريعهن بقيمة 5000 يورو خبير تركي يتوقع زلازل مدمرة في إسطنبول الأمير فيصل يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للتنس الإمارات: وصول 25 طفلا فلسطينيا لتلقي العلاج
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام بانهيار التعليم تنهار الأمم

بانهيار التعليم تنهار الأمم

10-03-2010 09:02 PM

ما زلنا ونحن في القرن الواحد والعشرين لم نعِ بعد أن المؤسسة التعليمية هي أهم ركيزة أساسية تقوم عليها الدولة وتبنى على عاتقها الأمم، من المؤسف حقا أن القليل فقط من الناس من يشاركني مخاوفي وهواجسي النائحة ليلا ونهارا على رفوف قلبي الممدد على أطلال العملية التربوية برمتها، البعض فقط يرزح تحت كلاكل الخوف من والقلق على مستقبل هذه الأمة التي تسير نحو الهاوية بخطى ثابتة وحثيثة دون أن تحاول الربط ما بين ما يجري على أرض الواقع من فساد سياسي وإداري ومالي وأخلاقي واجتماعي وثقافي وفكري وبين فساد العملية التعليمية.
في المدرسة نحن لا نتعلم مبادئ الجمع والطرح والفرق بين الجملة الفعلية والجملة الإسمية وكيفية الوضوء فقط، في المدرسة نحن نتعلم كيف نشتق النظريات وكيف نثبتها، نتعلم كيف نفكر بطريقة علمية منهجية متسلسلة بمنطق سليم، نتعلم أن العمليات الحسابية التي نجريها على الأرقام لا تختلف عما يحدث لنا في الواقع من عمليات حياتية مبنية في جوهرها على مبادئ الرياضيات وقوانين الفيزياء، نتعلم قوالب اللغة بما تحمله هذه القوالب من تراث وفكر وأصول وقواعد وثقافة ستشكل فيما بعد قوالب فكرنا وثقافتنا ومنهجنا وعقائدنا واتجاهاتنا وأيديولوجياتنا الحياتية والعقائدية وسلوكاتنا اليومية، نتعلم ماهية الكون بإعجازه الذي لا يتكئ إلا على المنطق والعلم وقانون السببية، نتعلم أن الجسد بأجهزته وتعقيداته وتعدد أجزائه الكثيرة واختلاف وظائفه العديدة ما هو إلا خلية تنقسم وتتطور وتتفرع وتتحور، نتعلم التاريخ بعثراته وسقطاته ونجاحاته وإنجازاته فنتعلم كيف وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، ومن أين جئنا وكيف بدأنا وكيف لنا أن نستمر ولماذا نتعثر ونسقط وكيف نواصل ونزدهر.
الأهم من هذا وذاك أن المدرسة كانت في يوم من الأيام منهل الأدب والأخلاق والقيم والمبادئ والفكر والفلسفة والحكمة عندما كانت وزارة التربية والتعليم -كما كانوا يلقنوننا دوما- هي وزارة للتربية قبل التعليم.
اليوم وبالرغم من أن أعداد المدارس قد ازداد كثيرا عن السابق، وأعداد الطلبة والخريجين في ازدياد، وعلامات التوجيهي تتحسن وترتفع، وخريجي الجامعات من أطباء ومهندسين ومحامين ومعلمين وإداريين وسياسيين واقتصاديين وأدباء وحقوقيين وغيرهم في اطراد مبهر وخلاب، إلا أن الأمية المقنّعة تنخر في العقول والأفئدة، وأعداد الطلبة الذين ينهون الثانوية العامة بنجاح جيد وهم لا يجيدون كتابة عشرة أسطر بلا أخطاء نحوية وإملائية تجرح العين القارئة وتدمي القلب المنفطر حسرة، على جيل لم يعد بمقدوره إجراء عملية ضرب لعددين مكون كل منهما من منزلة واحدة دون استخدام الآلة الحاسبة.
لماذا يتذكر آباؤنا وأجدادنا كل قوانين الفيزياء والكيمياء، ويحفظون الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ويتقنون أصول اللغة ويعرفون بحور الشعر، ويبحرون في أعماق التاريخ ومجاهله وتواريخه ورموزه، بينما بالكاد نتذكر نحن شيئا مما درسنا وحفظنا بينما لا يعرف أبناؤنا شيئا عما أتحدث عنه أنا الآن؟
لماذا كان جيل الآباء والأجداد -الجاهل منهم والمتعلم- جميعهم مثقفين، بينما تقتصر ثقافة أبنائنا وبناتنا على أغاني تامر حسني وعمليات هيفاء وهبي التجميلية؟
لماذا كانت معلماتنا بالأمس معين علم وفكر وحكمة لا ينضب مهما نهلنا منه، وقد تركنا المدرسة ونحن ما زلنا لم نرتو من سلسبيل علومهم وعطائهم وتجاربهم وحنكتهم العذب الذي لا ينفد، بينما نضطر اليوم أن نجلس مع أبنائنا وبناتنا ساعات وساعات لنتابع دروسهم التي نعلم أننا وحدنا المسؤولين عنها في غياب المعلم الجاد المسؤول المثقف المتقن لدوره والمدرك لأهمية رسالته والمخلص في أداء واجبه والعارف أصلا لأصول مهنته وعلومها؟
لماذا لم نعد نعتمد على المدرسة والمعلم وعلى الجامعة والأستاذ في تأديب أبنائنا وغرس بذور الأخلاق الكريمة في تربتهم الغضة من خلال الاقتداء بهم كنموذج مشرف وكقدوة عظيمة يحتذى بها؟
لماذ هان علينا مستقبل أبنائنا وبناتنا ومستقبل الوطن كله عندما سمحنا لديدان الفساد والوساطة والمحسوبية والعشوائية والتخبط والترهل بالتسلل إلى الهيكل التعليمي لتنخر في عظامه وتفتك بقواعده وتقضي على مخرجاته؟
هل تعليم أبنائنا كيفية استخدام الحاسوب أهم من تعليمهم كيفية استخدام عقولهم وأهمية صلة رحمهم وضرورة معرفة تاريخهم والتشبث بهويتهم والانتماء لأرضهم؟ ما هي الأسس التي يتم بناء عليها ترتيب أولويات العملية التعليمية؟
هل إتقان أبنائنا الحديث باللغة الإنجليزية أصبح مقياسا لتطورنا وانفتاحنا وتقدمنا ورقيّنا بينما باتت اللغة العربية بمعاجمها ومعلّقاتها وصمة جهل وتخلف ورجعية في قواميسنا؟
من المسؤول عما يحدث اليوم في المدارس والجامعات من تهاون وتقصير وتخبط وفساد وعنف، وكراهية باتت تتجذر ما بين الطالب والطالب وما بين المعلم والمعلم وما بين الطالب والكتاب وما بين المعلم والمهنة وما بين الطالب والعملية التعليمية ككل؟
ما أمسنا اليوم إلى انقلاب تعليمي راديكالي يحمل في طياته حلولا جذرية على مستوى المنهاج ومحتواه وأهدافه، وعلى صعيد الطالب وسلوكاته وواجباته وحقوقه، وبشأن المعلم وتطوير أسلوبه وفهمه لواجباته وقدسية رسالته، نحتاج إلى خطة محكمة وعملية بخطوات متسلسة ومعلومة وأهداف قصيرة المدى وأخرى بعيدة المدى وأساليب علمية منهجية واستراتيجيات مدروسة وواضحة، حتى نتمكن من إنقاذ المرضى والسكان والطلاب والمتهمين والقراء والشعب من عبث أيدي الأطباء والمهندسين والمعلمين والحقوقيين والأدباء والسياسيين الذين يحملون شهادات علمية مؤرخة ومصدقة إلا أنها لا تعني بالضرورة أن أصحابها قد نالوها عن جدارة وعن ثقة.
أعلم أن ما أطالب به ليس بالأمر السهل أبدا، كما أنه لا يعد عملية بسيطة سطحية وسريعة تحتاج إلى تدخل فوري أو إجراء عاجل، إلا أنني على يقين من أنه أمر ممكن ومطلب مشروع وضرورة ملحة من أجل سلامة النسيج الوطني المكوّن من خلايا شعبية تبدأ في أساسها على شكل تلاميذ وطلاب، ودليلي العلمي على ذلك أن الطبيب إذا ما واجهه جرح غائر فقام بمعالجة الغشاء المخاطي السطحي أوطبقة الجلد العلوية غافلا علاج الطبقات السفلى والعضلات المكوّنة لقلب الجرح فإن الجرح ما يلبث أن يتعفن بموت النسيج الداخلي الذي أهمل فنضطر حينها لاستئصال المنطقة وبتر العضو.
بالرغم من أنني أعلم بأنني أقف على قرص الشمس في المغيب وأنا أتساقط بحزن وألم وحسرة مع أوراق ال67، إلا أنني ما زلت مؤمنة بأن الخير باقي والأمل باقي والغد ربما يحمل في طياته ابتسامة نجمة على شرفات الخير أو الصدفة.





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع