المتابع لتطورات الأحداث في سورية يلاحظ أن هذا النظام بدأ يزداد وحشية يوما بعد يوم, من خلال المجازر الفظيعة المتتالية التي تظهر تباعا على وسائل الإعلام, فما عاد يفرق فيها بين طفل رضيع أو شيخ مسن أو امرأة ثكلى, حتى أساليب القتل عندهم سلكت أبشع صور الوحشية والهمجية...
هذا التمادي بالقتل والدمار لا يمكن تفسيره إلا بالآتي:
أولا:
نلاحظ أن النظام السوري مطمئن جدا في ممارسة عملية القتل الوحشي الجماعي لأهلنا في سورية دون أن يأبه بأي تبعات دولية قد تطاله في المستقبل القريب, فهو يدرك تماما أن المجتمع الدولي بقيادة أمريكا ومن خلفها الصهيونية مرتاحة جدا لهذا النظام المألوف على مدى عشرات السنين, وبعيدا عن ظاهرة العداء المعلن الذي لم يتجاوز الشعارات...؟؟؟ وما التصريحات المتناقضة التي تطلقها الإدارة الأمريكية بين فترة وأخرى إلا كتلك التصريحات التي تبرر فيها قتل جنودها للمدنيين الأفغان ...تصريحات وبيانات لا تتجاوز الاستهلاك الإعلامي المضلِل لحقيقة موقفها الخفي من الثورة السورية وتداعياتها المستقبلية على ربيبتها (إسرائيل).
ثانيا:
تدرك الإدارة الأمريكية جيدا أن هذا النظام ساقط لا محالة وأن سقوطه هي مسألة وقت لا أكثر كما تدرك أن الشعب السوري وبعد كل هذه المجازر والتضحيات الجسيمة لم ولن يتوقف أبدا ليعود إلى الوراء, كما أن النجاح الذي تحقق على الأرض من خلال انتشار الثورة في معظم المدن والقرى السورية بعد عام كامل من انطلاق شرارتها يعد انجازا كبيرا للثورة؛ نتيجة لتحرر السوريين من عقدة الخوف المزمنة التي استحكمت فيهم طيلة حكم هذا النظام.
لذلك تحرص أمريكا من خلال المماطلة والتسويف بإضاعة الوقت وإطالة حكم بشار لأطول فترة ممكنة من خلال المبعوثين تارة, واجتماعات مجلس الأمن تارة أخرى والتي تعلم مسبقا بطلانها بالفيتو الروسي والصيني...كل ذلك يهدف لإضعاف اقتصاد الدولة السورية ومؤسساتها المختلفة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية, التي تدرك أمريكا أنها عاجلا أم آجلا ستؤول هي وترسانتها العسكرية للثورة والنظام الجديد الذي سيحكم سورية ..من هنا فهي تحرص على ضمان استنزاف وضعف هذه المؤسسة مع مرور كل يوم يمضي من عمر النظام ...في النهاية علينا أن لا ننسى أن الغاية الأسمى لأمريكا هي أمن (إسرائيل) أولا وأخيرا...وبالتالي لا يمكن لأمريكا أن تتخذ خطوة واحدة إلا ضمن هذه الغاية...ومن هنا ندرك حقيقة التلكؤ والتردد الدولي الواضح في دعم وتسليح الجيش السوري الحر بحجج واهية لا وجود لها وأسخفها الحرب الأهلية المزعومة...
ثالثا:
الدعم الإيراني غير المحدود والذي يأتي من خلال الحدود العراقية أو عن طريق البحر وسفن إيران العسكرية التي تمر بكل سلام واطمئنان من أمام سواحل فلسطين المحتلة ؟؟؟
أليس غريبا أن ترسل إيران سفنا حربية إلى سورية لتمر من أمام سواحل فلسطين المحتلة؟ ثم لو كانت إيران تعادي حقا الكيان الصهيوني فهل سيسمحون بمرور تلك السفن لترسو في شواطئ سورية دون أية مضايقات أو حتى استفزازات تذكر.. ؟ وهل سيسمح الصهاينة للإيرانيين بإيصال معونات عسكرية لنظام بشار أو لحزب الله مثلا جهارا نهارا في ظل دق (إسرائيل) المتواصل لطبول الحرب على إيران...؟!
أما أنها مؤامرة دنيئة على الشعب العربي السوري ولعبة دولية قذرة تتقاطع فيها المصالح الغربية مع الفارسية لتلتقي عند نقطة واحدة هي ضمان عدم وجود أنظمة تخرج من رحم الشعوب تراعي مصالح شعوبها وأمتها أولا وأخيرا وبالتالي تهدد وجود هذا الكيان الصهيوني الذي أقسم كل زعماء العالم الغربي وعلى رأسهم أمريكا أن يحفظوا أمنها ووجودها ولو كان على حساب دماء الملايين من العرب والمسلمين.
وأخيرا تبقى الثورة السورية تسطّر ملاحم البطولة على طريق النصر والتحرير من نظام وحشي مع شعبه, أليف مع عدوه المفترض... ويبقى الشعب السوري وحيدا أمام كل هذا التواطؤ الدولي... وتبقى سورية رغم كل هذا الألم...على أمل انتصار الثورة وإحداث التغيير المنشود.