زاد الاردن الاخباري -
أكدت صحيفة فلسطينية أن تصريحات وزير الخارجية الأردني ناصر جودة بخصوص الأجواء الإيجابية التي سادت الاجتماعات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في عمان "لم تكن صحيحة مطلقاً "، مشيرة إلى أن الوزير طلب من المجتمعين "عدم التحدث بحقيقة ما جرى بالاجتماع إلى وسائل الإعلام".
وكانت وكالة الأنباء الفرنسية قد نقلت عن جودة القول، في الثالث من الشهر الحالي، خلال مؤتمر صحفي له عقب اللقاء الأول بأن "أجواء إيجابية" قد سادت الاجتماع، الذي أشاد به أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ليحث الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على "المضي قدماً لبناء آلية توصل إلى تحقيق سلام دائم".
كشف مصدر وصفته صحيفة "فلسطين" بـ"المطلع رفيع المستوى" النقاب عن أن المحامي الإسرائيلي اسحق مولخو، الذي يمثل الجانب الإسرائيلي ، أكد على وجهة النظر الإسرائيلية التي تتلخص في "عدم إمكانية التوصل إلى أي اتفاق مع الفلسطينيين دون حفظ أمن (إسرائيل)".
وجرى تأكيد هذه النقطة، في تصريح لرئيس السلطة محمود عباس، خلال لقاء مع برنامج "أصحاب القرار" بقناة روسيا اليوم، الذي تناولته وسائل الإعلام، الإثنين 23-1-2012، حيث قال:" لا يجوز لرئيس وزراء (يعني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) أن يقدم هكذا عناوين: الحدود، الأمن، الدولة اليهودية، بمعنى أنه كلام لا يمكن للإنسان أن يفهم معناه. ماذا يعني بهذه الطلاسم؟ 21 طلسماً، ويقول ها قد قدمت لك شيئا؟! ما الذي قدمته؟".
وخَلُص اللقاءان، الذي عُقد أولهما في الثالث من الشهر الحالي، فيما جرى الثاني في التاسع من نفس الشهر بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في مبنى المخابرات الأردنية بعمان، بين كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، والمحامي اسحق مولخو عن الجانب الإسرائيلي، بحضور وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، "باستهتارٍ من قبل الجانب الإسرائيلي وعدم تقديم أي أوراق، خاصة في ملفي الحدود والأمن، إضافة إلى تأكيده أن الاستيطان أساس ترسيم الحدود".
وأوضح المصدر -الذي رفض كشف اسمه- لـ"فلسطين" أن لقاء عمان التفاوضي الثالث جرى بين وفد السلطة والجانب الإسرائيلي، بحضور صائب عريقات، ومحمد اشتية، وزها حسن عن الجانب الفلسطيني، واسحق مولخو، ويوعاز هندل مدير الاتصالات في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأيمن منصور عن الجانب الإسرائيلي، ووزير الخارجية ناصر جودة، والسفير بشر الخصاونة، ورئيس المخابرات الأردنية فيصل الشوبكي عن الجانب الأردني.
وأكد المصدر ذاته أن عريقات طالب بشدة بـ"إيقاف الاستيطان" خلال الاجتماعات المذكورة أكثر من مرة، إلا أن الطرف الإسرائيلي أكد وبصراحة عدم إمكانية الالتزام بهذه النقطة، على حد قول مولخو، بل والأدهى أن الأخير زعم أن "عدداً من الإسرائيليين يرون أن وادي الأردن يجب أن يكون جزءاً من (إسرائيل)"(!!).
ويشار إلى أن مساحة الأغوار، الذي تعد جزءاً من وادي الأردن، تمثل 30% على الأقل من مساحة الضفة الغربية المحتلة، وتعد بحسب كافة القوانين الدولية "أرضاً محتلة"، بحكم أنها جزء من الأراضي الفلسطينية التي تم احتلالها عام 1967.
كما طالب الإسرائيليون الطرف الفلسطيني بالالتزام بـ"الشق الأمني" من الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، بحكم أن الأمن هو "الملف الأهم لدى (إسرائيل)"، بحسب ما أكده مولخو، خلال الاجتماعات المذكورة، والتي لم يحمل موقف المحامي الإسرائيلي في مجمله - بحسب المصدر- " أي تطور جديد" بالنسبة للموقف الإسرائيلي العام "المماطل في تطبيق التزاماته مع الطرف الفلسطيني".
وبحسب المصدر، فإن مولخو، قد وجه كلامه لـ"اشتية" خلال أحد الاجتماعات قائلا:" بالنسبة للهدف من حل الدولتين، فإن وجهة نظرنا تتلخص في أنه بدون الأمن، لن يكون هنالك أي اتفاق قد تم التوصل إليه بيننا وبينكم (في إشارة إلى التنصل من الاتفاقيات السابقة). إننا بحاجة إلى مراعاة ضرورات (إسرائيل)".
كما شدد مولخو، بحسب المصدر، على أن الطرف الفلسطيني لم يلتزم بالشق الأمني من الاتفاقيات مع الجانب الإسرائيلي، حيث أشار المحامي الإسرائيلي إلى أنه "لم يتم تفكيك البنية التحتية للإرهاب بغزة"، على حد قوله، وأن آلاف الصواريخ ما زالت تهطل على المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع، دون أن يقدم في الوقت ذاته أي شيء على الأرض بالنسبة للطرف الفلسطيني.
والجدير بالذكر أن الإدارة الأمريكية ما زالت تواصل تقديم المساعدات للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية "بكافة أنواعها"، رغم القرار الأمريكي بوقف مساعداتها للسلطة، حيث إن الولايات المتحدة استثنت من وقف مساعداتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية هناك، وذلك رغم أنها أوقفت رسمياً مساعداتها للشعب الفلسطيني من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID)، التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، عقب توقيع عباس لاتفاق المصالحة مع حركة حماس، وتقديمه طلباً لعضوية فلسطين بالأمم المتحدة.
كما أوضحت صحيفة "القدس العربي"، في عددها الصادر يوم 22 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بأن المساعدات الأمريكية للأجهزة الأمنية بالضفة تقدم "من خلال القنصلية الأمريكية في القدس، وليس من خلال الـ(USAID)، التي أوقفت جميع مشاريعها في الأراضي الفلسطينية، مشيرةً إلى أن الإدارة الأمريكية ما زالت تواصل تقديم مساعداتها للأجهزة الأمنية بالضفة الغربية سواء من ناحية "إقامة المقرات، أو التجهيزات، أو الدعم اللوجستي، إضافة إلى الأموال، في الوقت الذي أوقفت فيه تمويل أي مشاريع جديدة للفلسطينيين في القطاعات الأخرى، باستثناء الأمني الذي تواصل رعايته وتفقده"، على حد قولها.
من جهته، انتقد عريقات خلال الاجتماع - الذي أكد المصدر أن أجواءه "لم تكن إيجابية بالمطلق"- الإجراء الإسرائيلي الأخير بإصدار السلطات الإسرائيلية، منذ اليوم الأول لعام 2012، تصاريح خاصة لرؤساء أجهزة الأمن الفلسطينية، وكافة المسئولين في السلطة الفلسطينية، بدلاً من تمديد مفعول بطاقات "الشخصيات الهامة" (V.I.P) الموجودة بحوزتهم، مثلما جرت العادة، إذ إن هذه التصاريح ستكون سارية المفعول لمدة شهرين فقط خلافاً لبطاقات (V.I.P) التي كانت سارية المفعول لمدة 6 أشهر.
كما انتقد عريقات بالتحديد فرض جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" قيوداً وبشكل خاص على حركة الرئيس محمود عباس عبر تقديم تصريح مؤقت لمدة شهرين فقط، ليعقب عريقات على هذا الأمر بالقول:" ألا يعد هذا رفضاً للاتفاقيات الموقعة بيننا وبينكم؟"، فيما أكد وزير الخارجية الأردني بدوره رفضه لهذا الإجراء الإسرائيلي بحق عباس، واصفاً إياه بأنه "غير مقبول".