كل عام وهيبة الدولة بخير!
رحم الله أيام زمان.. يوم كنا ننام متنعمين بالأمن والأمان ندعو للوطن، ونصحو على سماع أغانيه تلهب حماسنا، فكانت تهز قلوبنا قبل أوتار مسامعنا، فكان فعلا أرض وجنة، أما اليوم فننام متحسرين على ما أصابه، ونصحو على كشف جديد لقصص الفساد فيه، ونهب خيراته.
ويأتي رد المواطن على أسباب قهره بقهر للطرف الآخر، فلا احترام لكبير مهما علا شأنه، مظاهرات واعتصامات لا متناهية قضّت مضاجع الفاسدين في قعر دارهم، بل في مخادعهم، محافظات يتجدد غضبها جمعة بعد أخرى، وشعارات تجاوزت الخطوط الحمراء بسهولة ويسر، قصص فساد، وتعليقات لا توفر أحدا أقل ما يقال فيها أنها محرجة! رؤساء وزارات سابقين، ووزراء وغيرهم ممن كانوا يسمون برجالات الوطن يتقاطرون إلى مكافحة الفساد للتحقيق معهم، وبعضهم يهدد الوطن الذي أنبت له لسانا، لكنه جاء طويلا !
من كنا نعتقد أنهم حماة للأمن والوطن باتت أسماؤهم تتداول في الإعلام، والمجالس على أنهم ساهموا في بيع الوطن، ونهب خيراته، ويتساءل الناس ماذا قدموا، وعلى ماذا تستروا حتى يكافؤوا بكل هذه العطايا والهبات، في حين يعيش غالبية الشعب تحت خط الفقر، ويعيش الشباب في ظل بطالة خانقة!
كل ما يصدر عن الديوان الملكي في هذا السياق يعقد الأمور، لاسيما ما يُختتم بدعوة الصحفيين للتأكد مما ينسب للملك في بيان مُقلِّد، بل يكاد يكون منسوخا عن بيان آخر صدر قبله، وللأسباب ذاتها.
عنف مجتمعي وشبابي متزايد، تلاشي الولاء والانتماء عند كثيرين، وتبدد الأمل والإحساس بالأمن عند غالبية الناس، وتعطل عجلة الاقتصاد؛ جرّاء حالة الترقب والانتظار لما سيحصل، بل خوفا من القادم.
يتفق الناس هذه الأيام على تكرار عبارتين: دمروا الوطن، وأضاعوا هيبة الدولة؛ لكنهم يختلفون على مَن هم؟ وما غايتهم؟ فهل من مجيب؟! وهل يمكن أن تعود الساعة إلى الوراء سنة واحدة؟! فيعتذر كل من أخطأ بحق الأردن والأردنيين، وتعود الحقوق إلى أصحابها، ويعيد السارقون ما سرقوا، فهي على أية حال أموال سحت لا تنفع سارقها، فكل لحم نبت من سحت، النار أولى به، لعلنا نتبادل التهاني في السنة القادمة بقولنا: كل عام وهيبة الدولة بخير.