تجربتي مع الاسلام ونجوم الفن
ظاهر احمد عمرو
أمين عام حزب الحياة الاردني
دخلت الجامعة الاردنية عام 1969 لأدرس المحاسبة في كلية التجارة وكانت تلك الأيام أيام موضة الميني جوب - التنورات قصيرة فوق الركبة - وتخرجت عام 1973 حيث تطورت الامور واصبحت الموضة مايكرو جوب،أي أقصر من السابق. وكانت الصلاة شيئا مستغربا للطلاب، أما الحجاب الذي نراه اليوم للسيدات فكان غريبا، فأثناء دراستي في الجامعة كانت هناك طالبة واحدة في كليتنا تضع على رأسها غطاء.
وعملت بعد تخرجي في السعودية، ثم عدت بعد عدة سنوات لأحضر حفل تخريج لطلبة الجامعة دعيت له في قصر الثقافة، وكان راعي الحفل جلالة الملك حسين رحمه الله بحضور رئيس الجامعة الدكتور عبدالسلام المجالي.
والشي الذي أثار دهشتي واستغرابي واستهجاني في ذلك الوقت هو أن جلالة الملك تسلم الشهادة من الدكتور عبد السلام ليسلمها لطالبة خريجة ومد يده ليسلم عليها ولكن العجيب أن الطالبة لم تمد يدها بل وضعت يدها على صدرها . هذا المشهد يعد أمرا طبيعيا اليوم، ولكنه كان غريبا حقا لأني لم أتعود عليه مطلقا أو أتوقعه في ذلك الزمن.
واستعرض كيف تطورت الأمور بعدها حيث أصبحت عندما أمر من أمام بوابة جامعتي أرى أن أغلب الطالبات اللواتي يدرسن في الجامعة محجبات بعكس ذلك الزمن الذي عشناه.
أما نجوم الخطابة والكلام في أيامنا فهم أصحاب الأيدولوجيات والعقائد غير الدينية، وكانوا مثار إعجاب ودهشة لقدرتهم على الإتيان بكلمات غريبة علينا لا نفهم معناها ولكن تشير إلى أن صاحبها صاحب ثقافة عالية، بعكس اليوم الذي نرى أن الاهتمام والاستماع أصبح لرجال ونساء الدين. وكان الفن في ذلك العصر هو الأغاني العاطفية وهي الغالبة مثل أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة ... الخ. والجماهير كانت تحتشد لذلك وكانوا هم نجوم الفن وهم المثل الأعلى للشباب .
بالأمس الأول عدت من احتفال فني من أجل القدس دعيت له من قبل ملتقى القدس الثقافي في قاعة الأرينا، التي امتلأت بآلاف الناس من جميع الأعمار، وأغلبهم شباب وشابات. وكانت القاعة مليئة على اتساعها ولا يوجد مقعد واحد فارغ والكل جاء ليستمع لفن جديد لم نتعود عليه سابقا وهو فن الأناشيد الاسلامية. وأصبح أهل هذا الفن هم النجوم الذين يلتف حولهم الشباب ليتقربوا منهم و يأخذوا الصور التذكارية معهم، وكذلك الفضائيات تتسابق لنقل حفلهم..
هذه المشاهد التي عايشتها ورأيتها هي تمهيد للمستقبل القادم الذي ننتظره بعد هذه الثورات العربية التي نراها ونشاهدها ونتعايش معها والتي تنبيء بأن الإسلاميين قادمون ليتصدروا واجهات الحكم، كما هو الآن في تونس والمغرب ومصر وليبيا...
وردا على بعض الآراء التي تقول أن هذا هو الإسلام السياسي المدعوم من العالم الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية، فإني أعتقد أن الزمن الذي كانت فيه الثورات أو الانقلابات العسكرية مسيسة وتخدم جهات خارجية معينة، حيث كان الحاكم مفصولا عن شعبه والشعب لا دور له، قد انتهى وولى.
ولا تستطيع أي دولة مهما كانت أن تدعم حاكما إذا لم يوافق عليه شعبه، ولولا وجود جماهير تؤمن بالإسلاميين، وشعب يؤمن بهم، لم يستطيعوا أن يحققوا فوزا بانتخابات حرة، وأن يصلوا إلى واجهات الحكم. ولهذا فنحن بانتظار القادم وسنعتاد عليه وإن كان غريبا علينا ولم نمر به من قبل.
كل ما أتمناه أن نحظى بمشهد إسلامي يعيد لهذه الشعوب كرامتها وأن تتحقق على أيديهم الحرية والعدالة والمساواة، وأن يكون للشعب رأيه ومكانته التي يستحقها، وإلا سيكون الثمن غاليا، وهي فرصة هامة في الزمن القادم فلنتفاءل وننتظر ونرى.