زاد الاردن الاخباري -
ماذا يحدث لنا؟ كيف سمحنا للمرتزقة أن يتاجروا بمشاعرنا ويكتبون باسمنا ويصفّون حساباتهم القديمة والجديدة عن طريق حسابنا وتناسينا الدفاع عن وطننا وأنفسنا ورحنا نبالغ بردة الفعل تجاه موضوع الإعتذار عن انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي، مع أن الفكرة لم تكن فكرتنا، ولو حدثت لكان خيرا لنا وإن لم تحدث فلن يكون الفرق كبيرا ولا شاسعا ولن تؤذينا من قريب أو بعيد.
هل يعلم الجميع أن الأردنيين تحديدا يتلقون معاملة خاصة جدا في دولة الإمارات العربية المتحدة؟ قبل فكرة الإنضمام بسنوات طويلة، ويكفي أن يقول الشخص أنه أردني ليحصل على تعامل يفوق فيه الإحترام والتقدير والمحبة الذي يحصل عليه مواطن خليجي آخر، وهذه بالتجربة الشخصية والإحتكاك المباشر، وهل نعلم أن أكثر جنسية عربية محترمة في الخليج العربي هي الجنسية الأردنية؟ ليس لأن الأردني مؤهل ومحترف وصادق وأمين ونشمي فقط، بل لأن الأردني يحمل إرث وطن من النخوة والشهامة وحسن الجوار والمعشر، وقد كان الأردنيون من أوائل من ساهم بنهضة الخليج العربي، في التعليم والتطوير والبنوك والإدارة والتجارة والجيش والأمن وغيرها، ولأن أهل الخليج عموما وأهل الإمارات والسعودية خصوصا، تربطهم بالأردن علاقات متينة وشديدة تستند إلى الأخوة والمودة وتبادل المنافع والمصالح التي يريد المرتزقة تدميرها، ويريدون أن تنتهي علاقة الأردن مع الخليج، ويصبح إعتذارهم، ولأسباب لا تهمنا، قطيعة يدفع ثمنها أكثر من 600 ألف أردني يرسلون اكثر من مليار ونصف المليار دينار أردني إلى وطنهم وعائلاتهم سنويا.
هل نعلم أن العلاقات التجارية والإستثمارية بين الأردن والخليج في أوجها، وهناك الآلآف من الشركات الأردنية تعمل هناك، وقد قابلت أردنيا مجتهدا هو المهندس خالد الخطيب ويمتلك مصنع نافكو الذي يُعد واحدا من أكبر مصانع العالم لإنتاج معدات السلامة وإطفاء وسيارات الحريق ولديه 4 الآف موظف، كنموذج يتحدث عن حجم الإمتياز الذي يمنح للأردني والتسهيلات التي يحصل عليها والدعم الذي يتلقاه من دولة الإمارات العربية المتحدة بدون إنضمام لمجلس التعاون وهو نموذج للكثير الكثير من شبابنا وقياداتنا الفنية والإدارية والمهنية المؤهلة، إضافة للسياحة الخليجية في الأردن، وفوق هذا كله، العلاقة المميزة بين قيادتنا الهاشمية وبين قادة الخليج العربي.
هل نعلم عن حجم التبادل التجاري بين الأردن ودول مجلس التعاون الخليجي، وكيف ينمو بصورة مضطردة وأنه وحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة لشهر أيار 2011 فإن قيمة الصادرات الأردنية لدول الخليج قد بلغت 309.5 مليون دينار بنسبة تقدر بنحو 6.4 % مقابل 290.7 مليون دينار أردني لعام 2010؟ وإن أبرز الصادرات الأردنية إلى دول مجلس التعاون الخليجي هي الأغنام الحية والألبان والأجبان والعسل والبهارات والتوابل والدقيق والزيوت النباتية والمصنوعات الغذائية والعصير والتبغ ومنتجات الحجر والرخام والجرانيت والمواد الكيماوية والمركبات العضوية والأسمدة والأدوية واللقاحات البيطرية والأدوية البشرية والأنابيب والمواسير والأحبار ومستحضرات التجميل والمبيدات الحشرية والورق الصحي والأقمشة المنسوجة وغير المنسوجة والسجاد والأحذية وقضبان الحديد والأثاث الخشب؟
كيف سمحنا لبعض "المارقين" الذين يكتبون مقالاتهم حسب "حجم المبلغ" الذي يتلقونه من أسيادهم، ولتصفية حساباتهم، من الحديث باسمنا؟ فإذا كانت علاقة أحدهم جيدة مع قطر راح يتغنى بها وإذا كانت سيئة مع السعودية تراه يستخدمنا كطعم في كلماته ومفرداته ليحصل بالإبتزاز السياسي على مزيد من "التمويل" و"الحركشة" ليعودوا يلقون إليه ببعض الفتات فيصمت، والمصيبة، وأحدثكم بحزن والله، أن نعلق على تلك المقالات بشكل عاطفي ونقول أننا شعرنا بالإهانة فعلا بسبب إعتذار مجلس التعاون، كيف ذلك؟ ألم يأخذ البعض القصة كلها منذ البداية بـ "الضحك" وشراء "الدشاديش" والتحضير بتعلم اللهجة الخليجية..الخ؟ وحينذاك، قال "المارقون" أنفسهم، أن إنضمام الأردن لن يؤثر أبدا في حجم التبادل التجاري والإستثماري، وصدقناهم؟ لماذا يعودون يعبثون بعلاقاتنا مع أشقائنا الذي يحترموننا ويقدروننا سواء انضمت الأردن إلى المجلس أم لم تفعل؟
سيبقى وطننا الغالي، بتاريخه العريق وموقعه ودوره الكبير في منطقة الشرق الأوسط، لاعبا إقليميا يتمتع بعلاقات دافئة وحميمة مع الأشقاء العرب جميعا، ولن نسمح لأحد أن يتحدث باسمنا، أو يتاجر بمشاعرنا وعلاقاتنا وأهدافنا ومصالحنا، أو يلتف علينا بحجة تعزيتنا ونثر كلامه المعسول في ظاهره والمملتىء حقدا ومكرا وسُمّا في باطنه ونواياه.