زاد الاردن الاخباري -
وضعت النهاية لفرار سيف الإسلام القذافي تحت جنح الظلام في منطقة صحراوية, حين حاول بصحبة بعض رفاقه الموثوقين المرور بين دوريات المجلس الوطني الانتقالي, الذين كانوا يعتزمون عدم السماح بهرب سيف الإسلام و رفاقه عبر الحدود.
أحمد عمار, أحد المقاتلين الـ15 الذين ألقوا القبض على سيف الإسلام, يتحدث عن اللحظة التي ألقوا القبض عليه فيها, قائلاً "في البداية كان خائفاً, كان يظن أننا سوف نقتله.. لكننا تحدثنا له بطريقة ودية و حاولنا تهدئته و قلنا له "لن نؤذيك"".
بدأت محاولات سيف الإسلام للفرار في الـ19 من تشرين الأول تحت نيران حلف الناتو من بني وليد. و يعتقد المقاتل عمار و زملاؤه أنه كان يختبئ منذ ذلك الوقت في أجزاء مقفرة من منطقة براك الشاطئ الجبلية.
يذكر أن مساعدون اعتقلوا في بني وليد قالوا إن قافلة سيف الإسلام قصفت في غارة جوية شنها حلف الناتو في مكان قريب يحمل اسم وادي زمزم. منذ ذلك الحين سرت تكهنات بأن القبائل البدوية التي كان يرعاها والده ربما تعمل على تهريبه عبر الحدود الجنوبية لليبيا مثل اخويه واخته ووالدتهم الى النيجر او الجزائر.
و قال عمار إن وحدته التي تجوب الصحراء منذ أسابيع وصلتها معلومة سرية بأن مجموعة صغيرة من الموالين للقذافي سيتجهون على طريق معين نحو أوباري, فانتظروا ليرصدوا السيارتين تمران تحت جنح الظلام. و قال عمار "أطلقنا النيران في الهواء وعلى الأرض امامهم.. أوقفوا السيارتين ربما ليظهروا أنهم ليسوا خائفين". عادل علي احمد قائد المقاتلين يقول إنه حاول معرفة هوية الرجل الذي بدا أنه الراكب الرئيسي ضمن المجموعة وسأله "من انت؟" جاءت الإجابة "عبد السلام", بدأ احمد يتعرف على الرجل فانفرد بعمار وهمس له قائلا "أعتقد انه سيف". عادا الى السيارة وقال عمار "أعرف من تكون, أعرفك, انتهت المباراة".
و قال أحد مقاتلي الزنتان إنه تمت مصادرة عدة بنادق كلاشنيكوف و قنبلة يدوية و نحو أربعة آلاف دولار كانت في السيارة.
وصلت طائرة انتونوف صباح السبت الى أوباري قادمة من طرابلس, تحمل علم ليبيا الجديد, يقودها عقيد سابق بالقوات الجوية تحول الى أحد معارضي الزنتان. بعد هبوطها ببضع دقائق جلس فيها خمسة أسرى يصاحبهم عشرة مقاتلين تقريبا في الطائرة المصممة لحمل 48 من جنود المشاة. كبلت أيدي رجلين مع بعضهما البعض. وكبل ذراعا ثالث امامه. وحملت نحو 12 حقيبة سوداء ممتلئة وبعض الحشيات الرفيعة يقول المقاتلون إنها أمتعة الأسرى.
و كان الجميع يرتدون ملابس عادية باستثناء سيف الإسلام, الذي كان يرتدي جلبابا بنيا ويعتمر عمامة ويغطي وجهه بوشاح وينتعل خفا وهي الملابس التي يرتديها الطوارق بالمنطقة. وتوفر هذه الملابس نوعا من التخفي لرجل كان يشاهد عادة مرتديا بذلة أنيقة وملابس على أعلى مستوى.
لدى جلوسهم على مقاعد الطائرة قال أحد الحراس "إنه خائف الآن", فقام الطيار بالتهدئة من روع سيف الإسلام, و تحدث معه بشكل أبوي, و قال عبد الله المهدي "تحدثت اليه كأنه طفل صغير.. قلت له إنه لن يضرب ولن يؤذى وأعطيته وعدا".
كان سيف الإسلام ينظر أمامه او يحني راسه للأرض, يغطي فمه من حين لآخر على نمط الطوارق ويقول بضع كلمات لحارسه.
نظرت المراسلة رويترز -التي رافقت مع مصورها المقاتلين في رحلة القبض على سيف الإسلام- في عيني سيف الإسلام بضع مرات لكنه في كل مرة كان يشيح بوجهه عنها. طلب ماء ليشرب فمررت له المراسلة زجاجة أخرجتها من حقيبتها. ولم يرغب الأسرى الآخرون ايضا في الحديث.
بعد هبوط الطائرة في الزنتان أحاطها المئات لبضع دقائق و تصاعدت أصوات التهليل و التكبير بين الجموع. في احدى المراحل حاول آخرون الإمساك بمقابض الأبواب وكانوا يسعون فيما يبدو الى اقتحام الطائرة. و بدا سيف الإسلام هادئاً في حين كان التوتر واضحاً على مرافقيه, و لم يتحدث الأسرى كثيرا مع أحدهم الآخر ومع الحراس. و لدى سؤاله عن تصريح محكمة لاهاي بأنه على اتصال بها من خلال وسطاء لتسليم نفسه لها بدا عليه الغضب وقال "هذه كلها أكاذيب, لم أتصل بأحد منهم أبداً".
بعد أكثر من ساعة قرر المقاتلون إخراج الأسرى الاربعة الآخرين من الباب الأمامي للطائرة. وبقي سيف الإسلام في مكانه بمؤخرة الطائرة صامتا و متحفظا. مرت ساعة أخرى والحشود ما زالت تتجول على المدرج. ثم قال الحراس إن الوقت حان ليرحل الصحفيون. فسألت مراسلة رويترز سيف الإسلام بالإنجيزية ما إذا كان بخير, فنظر اليها وأجاب "نعم" ثم أشارت الى يده المصابة فقال "القوات الجوية. القوات الجوية", سألته "حلف شمال الأطلسي؟" فقال "نعم. منذ شهر" مرت المراسلة من امامه لتتوجه الى سلم الطائرة. رفع سيف الإسلام رأسه وأمسك بيدها ليساعدها.
لاحقاً عرضت لقطات تلفزيونية تظهر إنزاله من الطائرة فيما حاولت حشود على المدرج صفعه. وضعه آسروه في سيارة وانطلقوا بسرعة لمخبأ بمكان ما في البلدة.
و كانت مصادر صحافية نقلت عن الثوار قولهم أن سيف الإسلام حاول عرض مبلغ ملياري دولار كرشوة على الحاج العجمي العتيري قائد الكتيبة التي اعتقلته, مقابل اطلاق سراحه و السماح له بالفرار خارج البلاد.
يذكر أن العقيد الراحل معمر القذافي كان قد عرض على جميع سكان الزنتان في بداية الثورة مبلغ ربع مليون دولار لكل شخص مقابل تخليهم عنها وتسليم أسلحتهم وعدم مقاومة نظامه.