العمل .. بين القيمة والدخل
زاد الاردن الاخباري -
هل لو عرض على احدنا ان يجلس في بيته ويحصل على نفس الدخل الشهري اللذي يحصل عليه دون الخروج للعمل سيكون سعيدا؟ هذا ما المسه الان عند معشر المواطنين .. يذهب الى العمل وهو يعد الساعات والدقائق ليخرج ويعود الى بيته ويقول لنفسه هذا يوم اخر قد انقضى... اذكر قبل سنوات ليست بالبعيده عندما كنت طالبا في المدرسه كنت- كما معظم الطلاب- نملك حلما بالتفوق , هذا الحلم الذي زرع فينا منذ طفولتنا حملناه في عقولنا وقلوبنا طوال حياتنا .. كان الجميع من حولنا يضرب لنا مثلا اعلى في العطاء والتميز .. اذكر ان بعض المدرسين كانوا يزورونا في بيوتنا بدون موعد مسبق ليطمئن اذا كنا بحاجه الى استفسار او توضيح وهذا كله بدون مقابل !! ما هو الدافع اذا؟
العمل عباره عن قيمه غريزيه تولد مع الانسان أو كانت كذلك في ايام الزمن الجميل .. كان الموظف يخرج من بيته وفي قلبه رساله يريد ان يؤديها مهما كلفه ذلك من جهد .. حتى انهم لم يقدموا طلبا باحالتهم للتقاعد وكانت الوزارات تحيلهم الى التقاعد رغما عنهم رغم ان دخولهم التقاعديه قد تزيد عن ما ياخذون على راس عملهم وهذا كله بسبب وجود قيمه انسانيه اجتماعيه ورساله وطنيه كان المواطن يملكها ويعمل من اجلها ... اليوم لا يدخر الموظف جهدا في ان يجد عذرا للتغيب او تقريرا طبيا مزورا حتي يجلس في بيته .. اين هي قيمة العطاء والانتماء ؟
اذكر ايضا ايام نتائج الثانويه العامه حين كنت اشعر ان المعلمين كانوا اكثر فرحا من الطلاب في تفوقهم واكثر حزنا من الراسبين برسوبهم ... كانوا اكثر قلقا من الاهل على الطلبه وكل هذا كان لوجود قيمه غاليه وهي رساله بنجاحها يشعر المعلم بوجوده وبفشل طلابه يشعر انه قد يكون قصر في العطاء ... اين هم اولئك الرسل اصحاب الضمائر الذين نذروا حياتهم من اجل رسالتهم ومن اجل ابناء بلدهم ومن اجل الوطن ؟لماذا تخلى الطالب عن هدفه والمعلم عن رسالته والاب عن مسؤليته حتى فقد المجتمع قيمه قد تكون اهم قيمه في وجود اي وطن وهي قيمة العطاء ؟
نعم نحن نحتاج الى العمل من اجل قضاء حاجاتنا المعيشيه اليوميه ولكن ما قيمة العمل بدون رساله ؟ بدون طموح ؟ هذا ينطبق على كل مواطن مهما كان موقعه, حتى ربة المنزل التي كانت تبذل جهدا عظيما لتوفير البيئه المناسبه في البيت ...المزارع والبناء والمعلم والطبيب والمهندس .. كان الجميع يحمل وطنا في داخله كان الجميع يبني بتناسق رائع كمعزوفة موسيقية متقنه وكان الوطن هو الرابح الاكبر ... فهل نسينا رسالتنا وبدأنا نبحث عن من اختلس ومن سرق ومن فسد ؟ الفاسدون موجودون على مدى الزمن ولكن كان سرعان ما ينكشف امرهم دون عناء البحث عنهم .. عندما كانت قيم العطاء والشرف والصدق والامانه هي الغالبه على كل ابناء الوطن كان الشاذون يظهرون دون قصد وتحرق اوراقهم دون الحاجه الى مؤسسات لمكافحة الفساد ...كانت مياه الوطن عذبه ونقيه وشفافه سرعان مايظهر فيها الفاسد ويلقى به الى مزبلة الفاسدين ... لم اذكر في يوم من الايام اني سمعت عن المال السياسي والرشوه والمحسوبيه ..وكانت الام الاميه تسال ابنها من اين لك هذا والاب الفقير يرفض ان ياتي ابنه بمال ليس من تعبه ...كان المجتمع هو الحصن الامن وكانت القيم هي السلاح الاقوى .
"من عمل منكم عملا فليتقنه "هذه هي الرساله الواضحة وهي الطريقه الوحيده للاصلاح ... الاتقان في العمل مهما كان نوعه,أن نتق الله في كل ما نعمل .. ان نسأل انفسنا هل حلال ما ناخذ من دخل ؟ هل ادينا رسالتنا نحو انفسنا ونحو وطننا ؟ ان خنت في عملي اليوم فان ابني هو الذي سيدفع الثمن غدا ..لنعد الى قيمنا وعاداتنا وديننا الحنيف وسيكون الوطن كما كان دائما بخير وسننام ملئ اعيننا مطمئنيين على مستقبل اولادنا ...
اوجه ندائي لاخواني اللذين يخرجون مطالبين بالاصلاح .. نحن معكم نطالب بالاصلاح ولكن ارجوكم دعونا نبدأ من انفسنا .. من لا يعمل ليجد لنفسه عملا ومن يعمل عليه ان يخلص في عمله .. فهذه هي بداية الاصلاح الحقيقي ..اكثر من نصف مليون مغترب يعملون في اردننا الحبيب ... نرحب بهم جميعا ولكن لا يوجد عمل يعيب اذا كان مخلصا ونضيفا ...لننطلق معا حاملين شعارا واحدا ... انا اعمل اذا انا موجود...
م.بادي عضيبات