زاد الاردن الاخباري -
خاص- تنويه: يحتوي هذا التقرير على صور بشعة و مشاهد فظيعة لجرائم القتل و التعذيب التي يمارسها بشّار الأسد و نظامه على الشعب السوري.
------
صباح الموت, صباح القصف, صباح الدم, صباح سوريا التي لا تتوب عن الثورة, صباح الطفل الذي يجرّب عدّ الطلقات في الثانية ليعوّض درس الحساب, صباح الفتاة التي لا تعرف إن كانت وردة حبيبها الأخيرة ستجد الطريق للقبر أم للمزهرية, صباح الموت الّذي لا ينتهي و البكاء الّذي لا ينتهي و السوري الّذي لا ينتهي, صباح الأسطورة الّتي ستكون, صباح الحلم الّذي سيكون, صباح السوري الّذي سيكون, صباح الوطن الّذي سيكون.
سوريا, أوغاريت, فينيقيا, بعد أن كانت مهد الحضارات, أمست اليوم مقبرةً لما يزيد عن أربعة آلاف شهيد, فيهم الشيخ و الطفل و المرأة و المعذّب.
بدأت ثورتهم في آذار, بنداء "الله أكبر" في مساجد درعا, خرجوا أسوةً بإخوتهم في تونس و مصر و ليبيا, خرجوا ليقولوا لا للظلم, لا للقتل, لا للخطف, لا للتعذيب.. لكنّهم قوبلوا بما هو أسوأ من ذلك, قوبلوا بالأعيرة الناريّة, بالأسلحة الثقيلة, بالقصف من السماء و الماء.
و قدّمت الشام أبناءها بكلّ كرم فداءً للحريّة, بدأتهم بابن درعا "حسام عيّاش", و ابنة حمص "فوزيّة خلاوي", ليصل عدد أبنائها الّذين قدّمتهم في آذار 118 شهيد, لكنّ النظام "الأسدي" لم يكتفي, فقتل في نيسان وحده 730 شهيد, و توالى سقوط الشهداء يوماً بعد يوم, بمعدّل 18 شهيد في كلّ يوم.
و استأسد الأسد و تفنّن في القتل و التعذيب, و لم تأخذه رحمةٌ بكبار السن فقتل ما يزيد عن 75 سوريّاً تزيد أعمارهم عن 50 عاماً, و لم تأخذه رأفة بالأطفال فحصد أرواح أكثر من 239 صغيراً. أما النساء, فلم يكن الأسد "رفيقاً بالقوارير", بل على العكس, ارتكب بحقّهنّ أسوأ أنواع التعذيب, و لعلّ أشهر شهيدات التعذيب الشهيدة "زينب الحصني" ذات الـ19 ربيعاً التي سلّمت جثّتها إلى ذويها و قد شوّه وجهها و قطعت أيديها!
فعن أي إرهاب يتكلّم النظام؟ و أيّ جريمة ارتكب هؤلاء؟
أما الدول العربية "الشقيقة", فلم تحرّكها مشاهد الدم و الدمار و القتل و التعذيب, بل اكتفت -كالعادة- بالشجب و الاستنكار و التنديد, و لربّما زاد من عجزها عن التحرّك الدعم الإيراني اللا محدود لنظام الأسد, و لربّما هذا الدعم هو ما دفع "الدكتور" إلى التهديد بزلزال يحرق المنطقة بأسرها في حال حدوث أي تدخّل خارجي.
و بعد سبعة أشهر من اندلاع الثورة استفاقت الجامعة العربيّة لتخرج بمبادرة تهدف إلى تهدئة الأوضاع المتأزّمة في الشارع السوري, تضمّنت أهمّ بنودها على ضرورة اللجوء إلى الحوار بين النظام و قوى المعارضة, و وقف العنف من كافّة الأطراف, و سحب المعدّات العسكريّة من المدن و البلدات و القرى و الأرياف, و الإفراج عن المعتقلين منذ بدء الاحتجاجات, و السماح بالتظاهر السلمي, و ضمان حريّة دخول ممثّلي وسائل الإعلام إلى سوريا لتغطية مجريات الأحداث.
إلّا أن سوريا اشترطت إضافة نقاطاً جديدة للمبادرة, أهمّها أن تجري المباحثات على أرض سوريا بدلاً من مصر, و أن تتوقّف جميع عمليّات تهريب الأسلحة من الدول المجاورة إلى الداخل السوري, و إنهاء "الحرب الإعلامية" الّتي تنفّذها قناتا "الجزيرة" و "العربية" ضد النظام.
و هنا تجدر الإشارة إلى مدى "مصداقيّة" الإعلام السوري, ففي الوقت الّذي كانت دبّابات النظام تجول بالمدن و تنشر الرعب في شوارعها, انشغل الإعلام ببثّ صور أسماء الأسد و هي تقوم بزيارة إحدى المدارس للاطمئنان على مسيرة التعليم! و في الوقت الّذي كان الجيش يصوّب رشّاشاته إلى صدور المتظاهرين السلميين و رؤوسهم, كان "التلفزيون العربي السوري" يبثّ مقابلات مع شخصيّات تطمئن العالم أن سوريا بخير و الشعب السوري بخير! و غير ذلك الكثير الكثير, و ما خفي كان أعظم!
و يبقى السؤال, هل ستجدي المبادرة العربية نفعاً بعد أن وافق الأسد عليها؟ هل فعلاً سيجلس المعارضون مع الدكتور على نفس الطاولة للنقاش و الحوار؟ هل سيتوقّف شلّال الدم؟ و الأهم هل سينسى السوريون ما شهدوه من تنكيل و تعذيب و ذلّ و هوان؟