أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
تسمم 43 شخص إثر تناول وجبات شاورما في البلقاء اسرائيل توافق على الافراج عن البرغوثي .. بشرط وزير الدولة: الأردن يحثُ الدول التي علقت دعمها عن "أونروا" للعودة عن قرارها البرلمان العربي يشيد بدور الملك والملكة والجيش في دعم غزة روسيا تدرج الرئيس الأوكراني على قائمة المطلوبين اكتشاف حقل غاز جديد في الإمارات الامن العام : لا إصابات بحريق الشميساني الأوقاف تنشر أسماء الموظفين والأئمة والواعظات المرافقين لبعثة الحج. قوات الاحتلال تقتحم بلدتين شمال غربي رام الله هذا موعد عيد الأضحى المبارك فلكياً حريق في شارع الملكة نور وتنبيه من إدارة السير حزب الله: إصابات مباشرة باستهداف مواقع للاحتلال قوات الاحتلال تعتقل حارس القنصل اليوناني من كنيسة القيامة 6 شهداء في دير الغصون شمال طولكرم. وفاة أردني بحالة تسمم في السعودية معاريف: أهالي جنود يطالبون بعدم اجتياح رفح الدفاع المدني: تعاملنا مع (1084) حالة إسعافية مختلفة الأونروا: أطفال غزة يعانون مستويات توتر مدمرة إعلام إسرائيلي: كلنا رهائن لردّ حماس الحياصات يستقيل من مجلس إدارة الفيصلي
الصفحة الرئيسية آراء و أقلام سوسيولوجيا الثانوية العامة

سوسيولوجيا الثانوية العامة

20-02-2010 08:55 PM

ها نحن قد انتهينا من تراجيدية الثانوية العامة واتي مارس فيها طلابنا حقهم في إثبات وجودهم .. ليشقوا .. طريق المستقبل ويتجاوزوا نظرية ( أن تكون أو لا تكون ) في ديمومة الحياة المعاصرة ..ووفق منهجية تقليدية .. أكل الدهر عليها وشرب .. والتي فرضت وأقرت منذ زمن بعيد وبمنطق سوسيولوجي مستهلك .. دون مبرر موضوعي أو ذرائعي ودون الأخذ بالتحولات الاجتماعية ومنطق حسابات التفكير الأدائية أو الجوانب المهارية البلومية..أو مهارات التفكير الناقد أو الإبداعي أو الاستدلالي والتي أصبحت بحكم التغيرات التربوية الحديثة مطلب يفرض نفسه .. في ظل الثورة المعلوماتية والتكنولوجية .. وبذلك أشبعنا طلبتنا أفكاراً مستهلكة .. وأوحينا لهم .. أن لا سبيل إلى شق طريقهم المستقبلي الدراماتيكي المجهول إلا بما يحصلون عليه من مجموع .. كل حسب مقدرته على الحفظ والتذكر ليصبح – أعانه الله- مسيراً لا مخيراً إلى المجهول الذي يُفرض علية بمنطق التنافسية العادلة في الجامعات ..والتي توجه مصير شبابنا نحو مزيدا من البطالة الهيكلية المقنعة .. بعيداً عن تلبية حاجاتهم وطموحهم ورغباتهم.. فالعصف التساؤلي هو الذي يعبد الطريق نحو هذا المنطق المستشري . أليست السوسيولوجيا مجرد علم يبحث في شروط إنتاج و إعادة الإنتاج الاجتماعي ؟ لنبني الإنسان الذي هو أغلى ما نملك ؟؟ بل وتركنا أبناءنا يفكرون بمنطق سقراطي وجودي يقول : اعرف نفسك بنفسك لتتابع الحياة ..

ليس هذا موضوع حديثي ولكني تعمدت أن اطرح واقعاً تعاني منه الكثير من الأسر الأردنية .. ومأساة تتكرر كل عام .. ولعل المتتبع ليوميات فوبيا امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة ومفارقاتها وحسب ما أشارت استطلاعات الكثيرين أن هناك شكاوى كثيرة من صعوبة في أسئلة بعض المساقات وخاصة العلمية منها كالرياضيات والفيزياء ، وبعض المساقات الأخرى في مختلف الفروع دون تحديد ويا للطامة الكبرى فيما إذا كان هناك خطأ في بعض الأسئلة فهل أن تلك الأسئلة تخضع لمزاجية البعض من واضعيها ..؟ أم هي بعيدة عن مقاييس النزعة المركزية أو حتى مقاييس التشتت ؟؟ .المعروفة في علم الإحصاء التربوي .

ولم يبقى لأبنائنا (المرهقين والمتعبين) الذين وصلوا الليل بالنهار وهم يحفظون ويتذكرون مادة الامتحان .. والتي لا سبيل فيها إلا النجاح ليتقرر مصيرهم الحتمي للاندماج في سوسيولوجيا المجتمع الأردني بكل فئاته.. فمجرد تفكيرهم بالرسوب في مادة سبق وأخفقوا بها .. ذلك ينعكس سلباً في أدائهم اللاحق.. ويطغى على تفكيرهم نظرة سوداوية لباقي المواد.. ويبقي دور وزارة التربية والتعليم بتعديل النتيجة .. خاصة إذا ما تبين أن نسبة الرسوب مرتفعة فيبدأ العمل على تلافي الكثير من الانتقادات! وعلى كافة الأصعدة .. لأن الحرج وان حصل فإنه ينعكس على أدائها وآليات عملها .. إن كان ذلك على من كلفوا بوضع الأسئلة ..أو من دققها وأقرها ..

من هنا تأتي الرحمة والشفقة التي ستمن بها وزارة التربية والتعليم على طلبتنا للعمل على رفع نسبة الناجحين في المواد التي سيكون فيها نسبة الرسوب عالية حتى تخفف من الصدمة المتوقعة .. لكن هل هذه الطريقة مقبولة في علم القياس والتقويم .. أم أن بها إجحاف بحق الطلاب الذين حصلوا على نسب مرتفعة في المبحث ذاته . وإن ذلك سيظهر واضحا في النتيجة بعد الانتهاء من الملحمة الإختبارية المتواصلة هذه ..

من هنا دعونا ندعو جميعاً .. إلى عمل تقييم شامل للعملية التعليمية ومراجعة عامة وشاملة وخاصة للمرحلة الثانوية ؟! وفيما يتعلق بتحديد المناهج الدراسية و بيداغوجيا التعليم ..أو بأدوات التقييم التقليدية المختلفة .. وتقصي المناهج الخفية المكتوبة ( مناهج الظل ) التي تعتمدها المراكز الثقافية كبائل قوية للمناهج الرسمية .

لا نريد أن نضع كل اللوم على أجهزة وزارة التربية والتعليم ..ولكن ..!! وباستمرارها في الإدعاء بتبني سياسة تربوية تقضي بضرورة مراعاة جميع المستويات العقلية للطلبة عند وضع الأسئلة لإزالة الفوبيا من التوجيهي.. ولكنا لا نرى إلى جدلية غير مبررة في الأسئلة التي لا تحاكي إلا ذوي التفكير العالي أو الخارق .. إن صح التعبير والتي يعجز حتى معلمو المواد على حلها .. فلنتذكر أنهم إباؤنا وأفراد هذا التكوين السوسيولوجي لمجتمعنا الفتي ولم يأتوا من على كوكب آخر !!

كم كنا فرحين عندما سمعنا أن هناك آليات عمل وصياغات جديدة لامتحان الثانوية العامة ولكن ما لبث أن طال الحديث في الموضوع .. وكأنه يطبخ على نار هادئة في صالونات القياس والتقويم ليصار إلى فرض سياسات تربوية جديدة .. فلننتظر بزوغ فجر جديد بالصيغ والحلول التطويرية الجاهزة بعد مؤتمر الثانوية العامة ؟ ليريحنا ويريح طلبتنا وأسرهم .. أم أن مطالبة البعض بما فيهم أصحاب المنطق والتفكير السوسيولوجي المستهلك .. قد رجحت كفة تفكيرهم.. بالبقاء على أسلوب الامتحانات وطرق التدريس بنفس الطريقة التقليدية القديمة ؟... بالرغم من سعي الوزارة الحثيث على تجديد وسائل العمل الديداكتيكي والبيداغوجي داخل الفضاء المدرسي .. الذي يعتمد بدرجة كبيرة على تنظيم المعلومات والفهم والاستنتاج وتقصي الحقائق والاستنتاج ... وليس على طريقة التلقين والحفظ والتخزين التي ما زالت تسيطر على عقول الكثير من المعلمين قبل الطلاب ... من هنا يشعر الطالب بصعوبة الامتحان لأن المفهوم الخاطئ للتقييم ، والذي يبني عليه المعلم أسلوب تدريسه هو الذي ينسف هدف العملية التعليمية التعليمة بكاملها ..!

نتتبع وباستمرار عصرنة الاتجاهات التربوية وأساليب تطوير القطاعات التعليمية المختلفة بما يتلاءم والحياة الحديثة مع مضاعفة حجم المعرفة..فلنستفد من تجارب غيرنا من الدول المتقدمة التي تعتمد في أنظمتها التعليمية أكثر ما تعتمد على الجانب الأدائي للطالب وبمستوياته المختلفة .. ولكن ..!! هل ما زلنا نحتفظ بكاريزما تربوية قديمة ؟ ندعي أنها تحافظ على تراث تربوي عتيد ؟ وارث حضاري تليد ؟؟ فما حجم التغيرات المأمولة في القطاع التربوي وما مدى انعكاسها على سلوك المدرسة والمجتمع ؟
إن المتتبع لأحوال أبنائنا من طلبة الثانوية العامة يجد أن بعضهم - إن لم يكن غالبيتهم- قد التحقوا بالمراكز والمعاهد والدروس الخصوصية منذ إجازة الصيف الماضي أي بعد انتهائهم من الصف الأول الثانوي مباشرة .. مما شكل عبئا إضافيا كبيرا على أسرهم .. في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وما يرافق ذلك من قلق وتوتر عاشته هذه الأسر على مدى عام كامل !! لدرجة أن تلك الأسر حرّمت الزيارات والمجاملات على نفسها .. ولم يجد أفرادها إلى الدعوات بالخلاص من هذا الكابوس المستشري في بيوتهم...!

إن الاتجاهات الخاطئة التي يتبناها القائمون على التقييم التربوي والامتحانات في مدارسنا يؤدي إلى تشكل حالة من عدم الاستقرار النفسي .. والتي ينتابها ويرافقها الخوف المقيت والهمّ والارتباك ؟ إن هذه الحالة ليست حديثة العهد بل إن جذورها مترسخة منذ زمن .. وأصبح الامتحان مربوط بالخوف وهذا جزء من وعي أبنائنا وإدراكهم .. لا بل جزء من ثقافة المجتمع بأسره .. ولم تتحول هذه الامتحانات أو الاختبارات إلى مواقف تعليمية تعلمية من جهة .. وتقويمية من جهة أخرى تتبنى أفكارا تحقق العدل والمساواة بين مختلف فئات المجتمع الطلابي ...
أنا ألوم وبكل صراحة بعضاً من زملائنا المعلمين خاصة معلمي المرحلة الثانوية والذين ما زالوا ينتهجون الطرق التقليدية القديمة في التعليم .. وأصبحوا يلقنون أبنائنا طريقة ( حل السؤال ) واختيار الإجابة النموذجية الصحيحة..كما تريدها وزارة التربية والتعليم .. بل وجروا طلبتنا إلى الابتعاد عن الأهداف الأساسية التي يجب أن تكون أهدافا تابعة من طرق تقويمية حديثة تمنح الطالب ثقة بالنفس وتبعده عن جو الخوف والريبة ..بل تتمسك تمسكاً قوياً بتعليم مهارات التحليل والتركيب والتطبيق والحكم على ...الخ .. فحال الطالب هو فقدان ثقته بنفسه وانتيابه حالات القلق والتوتر والخوف المستمر ...
هذا واقع ملموس نشعر به ونعيه تماما في مدارسنا الثانوية .. فعلى مدار عام دراسي كامل ودور المعلم هو أن يلقن الطالب إجابة السؤال وتوقعه هو للسؤال .. ولم يعطى للطالب فرصة التفكير في السؤال وكيفية التعامل معه .. وبالتالي يصبح السؤال صعبا وخارج نطاق تفكيره وخارج المقرر وكما يدعون ..فضاع الطالب وضاعت الإجابة .!!!

نعود إلى القول أن الطلبة لم يستطيعوا التعامل مع الامتحان على أنه قياس لمدى قدرتهم على الاستيعاب والفهم والتحليل والتركيب والتطبيق ومن ثم الحكم أو التقويم ، وأنهم تدربوا فقط على الحفظ الذي يساعدهم على حل الأسئلة بالشكل النموذجي .. فشتان بين أن يكون الإنسان صاحب فكر يحلل ويربط .. وبين أن يكون صاحب فكر يحفظ ويقبل ويرفض ضمن أسس ثابتة وسابقة لا يحيد عنها .. فقط لأنه وجدها بين يديه ووجد نفسه في خضمها .. فالنموذج الأول يمثل ثقافة الإبداع التي تستند إلى نسبية الحقيقة وتعدد أوجهها .. بينما يمثل النموذج الثاني ثقافة الذاكرة المستندة إلى مبدأ اليقين والحقيقة المطلقة .. وبين النموذجين فارق شاسع يظهر في الفكر والعمل .. فالنمط الأول يدخل في إطار الوعي ذلك أنه يمارس وعيه .. بينما الثاني يدخل في إطار يضع فيه وعيه جانبا لا يستجيب فيه للتغير أو لتبدل الأحوال والظروف والنظم المعرفية .. فيا وزارة التربية أي النموذجين تريدون .. ؟!
وأخيراً دعوني أقول : إن استبدال العين البيولوجية بالعين السوسيولوجية في قراءة الظواهر و التغيرات و التحولات المجتمعية لهي استقراءات مستقبلية لابد من الوقوف عندها لأنها تبعد عنا أوهام الحس المشترك و تجعلنا نتأمل الظواهر و التحولات ، فالطريق نحو الفهم السوسيولوجي يكون عبر الانضباط لهذا البراديغم وفق المعطيات التي تمليها الوقائع المجتمعية لفرز ثقافة تعنى بالإنسان ومستقبله الاجتماعي والذي لابد من أن تبشر بمستقبل واعد للأجيال القادمة.
الكاتب : فيصل تايه
البريد الألكتروني : Fsltyh@yahoo.com





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع