زاد الاردن الاخباري -
د. محمد صالح المسفر - اعرف ان اهل القلم ورجال الاعلام والصحافة في كل مكان منشغلون هذه الايام بنهاية معمر القذافي واركان نظامه المستبد، وانهم يتسابقون لتقديم النصح والمشورة عبر الصحافة عن ما يجب ان تفعله الثورة الليبية المباركة بعد الاطاحة بدولة معمر القذافي التي استمرت اربعين عاما ونيف.
والحق ان هناك زحمة بالغة في هذا الشأن في كل وسائل الاعلام وعلى ذلك اثرت ان ابتعد بضعة ايام عن تناول الشأن الليبي حتى تخف وتختفي نشوة الحديث عن نهاية القذافي والمستقبل الليبي بقيادة ثورة الشعب المباركة .
( 2 ) بدعوة كريمة من منتدى شومان الثقافي ومنتدى صحيفة الدستور في عمان ـ الاردن لالقاء محاضرتين الاولى بعنوان 'الاردن ومجلس التعاون الخليجي' والثانية بعنوان 'العرب الى اين؟' في هذا الاسبوع الحافل حدد لي موعدا للالتقاء بالملك عبد الله الثاني ملك المملكة الاردنية الهاشمية في ديوانه العامر، سألت كبير مساعدي الملك باي هيئة ادخل على سيدنا؟ هل ارتدي 'البشت'ام ادخل عليه بلبسي العربي البسيط؟ اعطاني حرية الاختيار، لكنه اردف قائلا يرتدي سيدنا بدلة بسيطة ليست من البدل الرسمية، قررت اذن ان ادخل عليه بدون ارتداء 'البشت'.
دخلت على الملك بصحبة احد رجال التشريفات الملكية، وجدته منتصب القامة في وسط قاعة الاستقبال، يحيط به رئيس الديوان الملكي الصديق الدكتور خالد الكركي، وكبير معاونيه لشؤون الاعلام الاستاذ امجد العضايلة، استقبلني بكل ود واحترام، كعادة الاشراف اشعرني بانه يعرفني منذ زمن، سألني عن الاهل وحالهم ـ ذكرني ذلك الموقف بمقابلة الشهيد صدام حسين رحمه الله ـ ثم انتقل الحديث الى هموم الامة العربية بدا برغبة دول مجلس التعاون الخليجي بانضمام المملكة الاردنية الهاشمية الى عضوية مجلس التعاون، نحن رحبنا بالدعوة ولكن نريد ان تكون عضويتنا في مجلس التعاون باجماع قادة المجلس، انتابني شعور بان هناك تحفظات على عضوية الاردن من بعض دول المجلس، وكأن الملك عبد الله الثاني التقط بريق عيني فراح يؤكد متانة وعمق العلاقات القطرية الاردنية واننا، قطر والاردن، على وفاق تام ودلل على ذلك تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين في القطرين الشقيقين، وكأني به يريد ان يقول بان دولة قطر ليست لديها تحفظات على انضمام الاردن الى عضوية مجلس التعاون كما اشيع بين العامة، لكن هي عادة الملوك لا يبوحون باسرارهم وهمومهم فلم يوضح من هي الدول الخليجية التي لها رأي في عضوية الاردن لمجلس التعاون، انها عادة الملوك والامراء لا يبوحون باسرارهم وهمومهم الا لذوي الحظوة العليا .
قلت ايها الملك تناولت الصحف الخليجية تخوفات عديدة من انضمام الاردن الى مجلس التعاون، منها على سبيل المثال انتقال العمالة الاردنية المدربة والمؤهلة الى الخليج - وطن - مما يفاقم البطالة بين المواطنين، وكذلك الخشية من انتقال جبروت المخابرات الاردنية الى الخليج وعجز الموازنة في الاردن الامر الذي سيؤدي الى تحمل دول المجلس سد الجز في الموازنة وتحمل عبء المديونية الامر الذي سيؤثر على رفاهة المواطن الخليجي .
قال الملك: في شأن العمالة الاردنية كم سيذهب الى الخليج من الاردنيين؟ وكل من يذهب سيكون بعقد عمل ولن يذهب احد بدون موافقات جهات الاختصاص في دول الخليج فلماذا الخوف من العمالة الاردنية؟ وراح يقول لن نحمل احدا اعباءنا المالية ولن تكون حائلا بيننا وبين اخواننا في الخليج العربي اما ما يتعلق بقواتنا ومخابراتنا فسوف تكون في خدمة امتنا العربية والاسلامية في اي مكان تطلب ولن تكون هذه القوات في مواجهة مواطني اي دولة تستعين بنا، نحن حماة حدود لا حماة شوارع وكل من استعان بنا يعرف تلك القاعدة. لنا تواجد في افغانستان ولنا تواجد في ليبيا ولنا تواجد في اماكن اخرى لم يسجل على تواجدنا اننا في مواجهة الشعب .
قلت ايها الملك الفساد امبراطورية عالمية ليس من السهل هزيمة هذه الامبراطورية، لكن بالامكان الحد من عنفوانها وتقليل مخاطرها ثم القضاء عليها وتثير وسائل الاعلام عندكم ان هناك فسادا مستشريا وفي تقديري ان جلالتكم تستطيعون كنقطة انطلاق نحو الاصلاح بتقديم عددا من المشار اليهم بالبنان بتهمة الفساد والافساد الى القضاء النزيه والمستقل ويصدر احكامه بشأن المتهمين بالفساد والافساد ولصاحب السيادة الحق في تنفيذ احكام القضاء او اصدار عفو عنهم.
قال: نحن جادون في عملية الاصلاح وقد بدأنا بتعديلات دستورية ونعمل بكل جهودنا للقضاء على الفساد واوكاره، ومحاربة الفساد ليست وقفا على الحكومة بل حتى الافراد والمؤسسات عليهم دور يجب ان يؤدوه لخلق دولة ومجتمع خال من الفساد والمفسدين.