زاد الاردن الاخباري -
بسام بدارين - الاتجاه المرجح لتشكيلة الطاقم التي سيستعين بها رئيس الوزراء الأردني الجديد والتي ستعلن اليوم الإثنين على الأغلب يميل بوضوح إلى محاولة التواصل والتقارب من حراك العشائر وتحديدا عبر أدوات ورموز لم تجرب سابقا في الحكم على حساب الحراك السياسي المدني.
وما يرشح يشير حتى مساء الأحد إلى أن المجازفة في النوعية السياسية لحساب التوازنات القبلية المعنية بنشطاء نخب العشائر هو الدرب الذي قرر سلوكه الرئيس عون الخصاونة الذي يمكن إعتباره مدللا للغاية بحيث يحظى منفردا تماما بإختيار الوزراء تفعيلا فيما يبدو لأحد شروطه حتى يقبل بالرئاسة.
وهنا يمكن بوضوح تلمس عدم تدخل الأجهزة الأمنية ولا القصر الملكي في الخيارات التي سيقررها الخصاونة لكن من الواضح أن مسألة الطاقم نوقشت بالتفصيل بين أصحاب القرار بحيث ينتهي الأمر بتشكيلة عبقرية قدر الإمكان تمكن النظام من إجتياز المسافة الآمنة المخططة للحكومة الطازجة وفق أولويات يتزعمها بدون إلتباس وغموض حراك العشائر.
وعلى هذا الأساس فيما يبدو إختار الخصاونة تركيبته المرجحة مراعيا بكل الأحوال الإعتبارات الكلاسيكية في الجغرافيا والديموغرافيا ومراعيا 'حسن السمعة' وعدم وجود شبهات فساد بمن سيختارهم في الوقت الذي سقطت فيه 'الكفاءة' والمهنية كمعيار أساسي، كما يلاحظ النشط السياسي والإعلامي نضال منصور.
وعلى هذا الأساس يمكن فهم نوايا القفز بشخصية عسكرية وعشائرية صارمة من طراز الجنرال حميدي الفايز القائد الأسبق لحرس الملك الراحل حسين بن طلال إلى مستوى القرار وتكليفه بوزارة الداخلية التي تعتبر أم الوزارات السيادية في الواقع والوزير الجديد الذي يحمل رتبة فريق أول كان دوما من الجناح المناكف في قبيلة بني صخر المهمة للمرحلة التي تلت مرحلة الملك حسين وهنا تتحقق قيمة مضافة تتمثل في إستقطاب شخصية من أعمدة قبيلة بني صخر وعائلة الفايز العريقة.
لكن مشكلة هذا النمط من التمثيل أنه لا يعني شيئا في قياسات التنمية السياسية أو الإصلاح السياسي في تعاكس واضح مع أجندة الحكومة المعلنة بخصوص نقل البلاد دستوريا إلى خط الإصلاح التشريعي مما يعني أن التفاهم مع حراكات العشائر هو الأولوية بالنسبة للحكومة الجديدة في الواقع.
وقد يتضح ذلك من لعبة تغيير العناوين العشائرية التي قررها الخصاونة فالمسألة لا تقف عند حدود وزير الداخلية المرجح بل يتوقع أن يستعين الخصاونة أيضا بالصحافي العريق والقديم والمخضرم راكان المجالي وزيرا للإتصال والإعلام على أمل ان لا يكتفي الأخير بمهام تكنوقراطية وفنية ومهنية ويساهم بخبراته الواسعه وثقله الوطني العشائري في إحتواء حراك العشائر.
وقد أظهر المجالي أنه يستطيع مبكرا تقديم دعم مساند لتجربة الرئيس عندما نجح في جمع الخصاونة مع ممثل حركة حماس محمد نزال ونخبة من قادة التيار الإسلامي على طاولة عشاء واحدة محققا إختراقا مثيرا حتى قبل تسميته وزيرا بصورة دستورية.
وبنفس المنطق يمكن قراءة ترشيحات أخرى متوقعة من بينها كليب الفواز وإبراهيم الجازي وعيد الدحيات ومحمد فارس الطراونة وآخرون من الوزراء الذين يعني وجودهم مع الخصاونة تفعيل التواصل مع مناطقهم العشائرية على أمل إختراق الحراك والتوصل إلى تفاهمات معه، فيما تتكفل المجاملات الغزلية بين رئيس الوزراء عون الخصاونة وقادة التيار الإسلامي بالتأزم مع حراك الإسلاميين.
لكن ما يبقى عمليا أن الفرصة ليست متاحة لتوقع نتائج هذه الأولويات عند الحكومة الجديدة فإتجاهات التفكير في بوصلة الترشيحات قد تخمد بعض الحرائق الصغيرة في واجهات بعض العشائر وتمنح النظام فرصة التعامل مع مناكفين ومشاكسين من رموز العشائر صمتوا في الماضي دون توفر آليات لمخاطبة التيارات التنسيقية الشابة في العشائر التي لا تتحرك لأسباب لها علاقة بالإنتهازية السياسية ولاتبحث عن مواقع ومناصب إنما تهتم فعلا لا قولا بالإصلاح والتغيير خصوصا بعدما سقطت برامج التنمية السياسية مع سقوط وزارتها التي يتوقع أن يشطبها الرئيس الخصاونة.
القدس العربي