زاد الاردن الاخباري -
تحت عنوان: “هروب نتنياهو إلى الأمام في الحرب”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، المهووس ببقائه السياسي، يرفض فكرة الدولة الفلسطينية ولا يقدم سوى حلول افتراضية لمستقبل القطاع الساحلي.
وبحسب الصحيفة “بعد نحو شهرين من الحرب كانت النتائج هزيلة.. عاد أقل من نصف عدد “الرهائن”، وما زالت حماس تسيطر على غزة بشكل جيد لدرجة أن الهدنة استمرت سبعة أيام دون أي انتهاك كبير، قبل أن تقرر الحركة الفلسطينية، توقعاً لفشل المفاوضات الهادفة إلى تجديد “الهدنة الإنسانية” الجمعة صباحاً، إطلاق صواريخها على الأراضي الإسرائيلية، لتظهر بذلك احتفاظها بزمام المبادرة” بحسب ما قالت الصحيفة.
ومع مقتل 75 جندياً على الجانب الإسرائيلي وأكثر من 15 ألفاً على الجانب الفلسطيني، غالبيتهم العظمى من المدنيين، فإن هذه المواجهة هي بالفعل الأطول والأكثر دموية في سلسلة الحروب بين المعسكرين، والتي بدأت في عام 2008. وإذا كانت أهداف إسرائيل هي “تدمير” الحركة الإسلامية، فإن الطريق سيظل صعباً.
في هذه الأثناء، يعزز بنيامين نتنياهو سجله باعتباره أطول رئيس وزراء بقاء في تاريخ إسرائيل. وعلى الرغم من عدم شعبيته، والتي أبرزتها المظاهرات الضخمة ضد إصلاح المحكمة العليا، وعلى الرغم من مسؤوليته عن الفشل الأمني الذي وقع في 7 أكتوبر، وهو تاريخ هجوم حماس المباغت الذي تسبب في مقتل 1200 شخص في إسرائيل، فلا شيء يضمن أنه سيبقى في السلطة. سيستقيل في نهاية المطاف.
وتنقل “لوموند” عن لكسينيا سفيتلوفا، عضو الكنيست السابق وعضو المجلس الأطلسي الأمريكي قوله: “رئيس الوزراء يقتطع مساحة سياسية لنفسه بينما يقضم الجانبين. فهو (نتنياهو) يقاتل من أجل بقائه، ويسمح لليمين المتطرف بالقول إنه يجب إعادة احتلال غزة، وإعادة بناء المستوطنات.
ويقول إنه الوحيد الذي يستطيع منع قيام دولة فلسطينية. ومن ناحية أخرى، فهو يسوق نفسه على أنه رجل السلام، في إطار منافسته مع رئيس الأركان السابق بيني غانتس، وهو شخصية كهنوتية، ويتعايش معه بنيامين نتنياهو في إطار حكومة وحدة وطنية مسؤولة عن إدارة الحرب الجارية”.
وتابعت “لوموند” القول إن بنيامين نتنياهو منذ دخوله عالم السياسة في أوائل التسعينيات عارض دائمًا إنشاء دولة فلسطينية. لكن تحت ضغط الرئيس الأمريكي باراك أوباما أصبح نتنياهو عام 2009 أول زعيم لليمين الإسرائيلي يقبل علناً فكرة حل الدولتين – ولكن في ظل ظروف باهظة للغاية لدرجة أن هذا الالتزام فقد كل معنى.
وفي عام 2017، في أعقاب وصول دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة، حيث كان حينها يعد بـ“صفقة القرن”، وعد المسؤولين التنفيذين في حزب الليكود أنه يريد فقط أن يقدم للفلسطينيين “دولة صغيرة”.
لذلك يطلب الأمريكيون، من خلال صوت المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، والرئيس جو بايدن نفسه، من حليفهم الإسرائيلي تنفيذ عمليات عسكرية أكثر حذرًا على غزّة.
ومع ذلك، فإن احتمالات امتثال الإسرائيليين، بدءاً ببنيامين نتنياهو، لحل الدولتين ضئيلة ويكتفي بنيامين نتنياهو بتكرار رسالته: “طالما جلست على هذا الكرسي، فإن السلطة الفلسطينية، التي تدعم الإرهاب وتموله، لن تحكم غزة في أعقاب رحيل حماس”.
قال ذلك خلال اجتماع مجلس الوزراء الحربي خلال زيارة أنتوني بلينكن لإسرائيل، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، رداً على الخطة الأمريكية لإعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة بعد انتهاء الحرب.
ومضت “لوموند” قائلة إنه ليس على بنيامين نتنياهو سوى أن يقدم استراتيجية افتراضية، ويحافظ على نهجه الذي أدى مع ذلك إلى كارثة 7 أكتوبر. فحماس، التي توصف بأنها “كيان معادٍ”، خدمت لفترة طويلة رئيس الحكومة لتقسيم الحركة الوطنية الفلسطينية وتشويه سمعتها.
وهذا النموذج لإدارة الصراع، الذي صممه وحافظ عليه نتنياهو، انهار في يوم هجوم حماس، حيث يعتبر الكيان المعادي الآن عدوا وجوديا يجب طرده من غزة مهما كان الثمن الذي سيتحمله السكان.
حتى لو كان ذلك يعني النظر في الحلول الأكثر جذرية. بحسب صحيفة إسرائيل هايوم، طلب بنيامين نتنياهو من مستشاره رون ديرمر خطة “لتقليل عدد سكان غزة إلى أدنى مستوى ممكن”، والنظر في فتح الحدود البحرية للقطاع، للسماح بـ”رحلة جوية واسعة النطاق نحو الدول الأوروبية والإفريقية”.
في هذه الأثناء- تتابع “لوموند”- ينظم الجيش الإسرائيلي عملية تهجير قسري جديدة. وبعد إفراغ شمال قطاع غزة من جزء كبير من سكانه، يطلب من سكان غزة المتواجدين في خان يونس جنوب شرق القطاع، ومن بينهم مئات الآلاف من النازحين، إخلاء هذه المنطقة، في ظل خطر حشر مليوني شخص في رفح، أقصى جنوب القطاع. في الوقت نفسه، أبلغت إسرائيل عدة دول عربية أنها تعتزم إقامة منطقة عازلة على أراضي غزة، بحسب وكالة رويترز.
فما كان بالفعل أحد أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم معرض لخطر الانكماش.. وبعد تقطيع الضفة الغربية، يقوم رئيس الوزراء بتقسيم غزة.
هذه الحكومة ستفضل البقاء في شمال القطاع، للسيطرة عليه قدر الإمكان، حتى لا تفسح المجال للسلطة الفلسطينية وتستمر في الضغط على حماس. والحل هو ترحيل قيادة حماس بمساعدة قطر والمصريين والأمريكيين بحسب الصحيفة.
وهذا من شأنه أن يحقق النجاح لإسرائيل. وقال مايكل هراري، الدبلوماسي الإسرائيلي السابق: “في المستقبل، مع حكومة أخرى، يمكننا أن نقبل عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، وإنشاء قوة دولية، والعودة إلى الهدف الاستراتيجي المتمثل في حل الدولتين”.
للقيام بذلك، سيكون من الضروري استفزاز رحيل بنيامين نتنياهو الذي لا يمكن إزالته، والذي يكرر مراراً وتكراراً: “سنواصل حتى النهاية، حتى النصر. لن يوقفنا شيء”، من دون أن نعرف إن كان يتحدث عن إسرائيل أو عن نفسه، فالرجل ربط مصيره بمصير بلاده منذ زمن طويل.