زاد الاردن الاخباري -
درج على ألسنة الناس من باب التسامح قولهم التمس لأخيك عذرا فان لم تجد له عذرا فقل لعل له عذر ولكني لم أدركه، فقد اعذرنا حكومتنا الرشيدة على كل هفوة وكبوة تعرضت لها، فهي التي تميزت من بين كل حكومات الوطن بأنها الحكومة التي لا تقوم من كبوة إلا ووقعت بأختها.
وكنا نقول لأنفسنا إن اثر المعارضة وخطرها على سلامة الوطن ووحدة صفة كبيرا، حتى إننا فضلنا الفساد على المعارضة إن كانت المعارضة ستجلب لنا الخراب والشقاق كما هو حال بعض الدول اليوم، فكانت ثقتنا بالحكومة كبيرة رغم ما يخالج أنفسنا من يقين بان هذه الحكومة لا تستطيع أن تسير شؤونها عداك عن تسيير شؤون دولة أصبح كل شيء فيها يهتز وبدون تحفظ، نتيجة الأخطاء الكثيرة المتراكمة من كبار موظفي الدولة، حتى استشرى الفساد وصار عادة يمارسها كل من سنحت له الفرصة فقوانين تقر لمصلحة متنفذين، وتعليمات تصدر لخدمة أناس معينين، ومخالفة الأنظمة بدعوى التسهيل والتبسيط لمصلحة الأصدقاء والمحسوبين.
فوجدنا أنفسنا بدل أن تخدمنا الحكومة وترعى مصالحنا نباع ونشترى ونحن لا نعلم، ففي الفترة التي كنا نتغنى بها بان هذا الأردن أردنا، اكتشفنا إننا ولاية من الولايات المتحدة، مزروعة في الشرق، أصحاب القرار المؤثر على القرار السياسي فيها أردنيون الظاهر أمريكيون الجنسية، فكيف لنا أن نصدق أن من يحمل الجنسية الأمريكية أو أي جنسية غير أردنية ويكون في وظيفة من وظائف الطابق العلوي، لا يؤثر بسياسة البلد لصالح من أعطاه جنسيته، كنا نعتقد بأننا منقادون وتابعون لأمريكا لاعتمادنا الكبير على المساعدات المالية التي يقدموها لنا، فكل قراراتنا السيادية تابعة للإرادة الأمريكية ولا تمضي إلا بمباركتهم وهذا ما كشفته وثائق الويكليكس التي تم نشرها، ولكن ان نجد ان الأمريكان أنفسهم باعتبار جنسياتهم التي يحملونها يديرون شؤون البلاد بشكل مباشر فهذه كارثة كشفها لنا تعديل الدستور بخصوص مزدوجي الجنسية.
فمن الواقع المرير نجد ان المعارضة أكثر صدقا ووطنية من الحكومة، فالفساد الذي تحاربه المعارضة والإصلاح الذي تطالب به لا يمكن ان تقبل به الحكومة لأنه يعني اقتلاعها، وهذا لا يمكن ان يكون إلا بمباركة أمريكا، وليس من المعقول ان أمريكا ستضحي بسهولة برجالاتها المزروعين حيثما يصنع القرار السياسي وحيثما تكون السيادة الوطنية.
فإذا تأكد ان هناك وزراء يحملون الجنسيات الأمريكية والأوروبية واعيان ونواب وسفراء وكبار موظفي الدولة، فهل يعني هذا ان هناك احتمال بان يكون رئيس الوزراء يحمل الجنسية الأمريكية، فإذا كان الجواب بنعم فالسؤال يستطرد وإلا يقف ان كان الجواب بلا.
ومن باب التماس العذر نقول لأنفسنا ماذا يعني ان يكون الرئيس أو الوزير أو أي من كان يحمل جنسية أخرى ان يكون بأي من الوظائف العليا، فما المشكلة بذلك فهذا الشخص سيستطيع بكل سهوله ان يكون مواطنا أردنيا مخلصا، وفي نفس الوقت يكون أخلاصة للجنسية الأخرى على قدر المنفعة وبحدود تنفيذ تعليمات سفارة دولته الأخرى بدون ان تتعارض مع الولاء المطلق الذي نمتلكه نحن الأردنيون بكثرة، فهذا الولاء موجود في كل مكان وفي خلجات النفس أيضا، أما مدى صدقة فلا يمكن اكتشافه إلا إذا تم صهر الخبث وإزالة الأقنعة عن الوجوه التي نرجو أنها في مواقعها تريد ان تخدمنا لا ان تبيعنا لقاء ثمن زهيد.
فالشعب الأردني طيب وبسيط ويحب بوفاء ويتسامح في كل شيء متنازلا عن حقه، وأذى سمع أغنية وطنية تهيج مشاعره ويزداد حماسة وينسى الصعاب، ولكن لا يمكن استغفاله أو تخديره طويلا فهو شعب صلب وواعي، ولكن لا يتنازل عن كبريائه وكرامته أبدا.
kayedrkibat@gmail.com
كايد الركيبات