ثرواتنا مطمورة لأسباب ....سياسية !
صايل الخليفات
على أية حال ، جميع التصريحات الرسمية لم تعد تعني لي شيئا ، إلا مزيدا من الغثيان والشعور بالإحباط.
وعلى أية حال ، أنا على يقين بأن الواقع شيء ،وما أسمعه وأراه شيء آخر مختلف جملة وتفصيلا .
وفي جميع الأحوال يبقى الفقر السلاح الأقوى والعلاج الأنجع لضمان وهَنِ القوى وتشتت الجماعات ، وإلجام الأفواه ، وصم الآذان!!
حدثني صديقُ قال : التقيت بمهندس ممن يعملون مع الشركة التركية القائمة على تنفيذ جر مياه حوض" الديسه" ،فأبدى المهندس استغرابه لما يتردد على ألسنة بعض المسؤولين عن شح المياه العذبة في المملكة ، ذاكرا أن المملكة تسبح فوق بحيرات من الماء العذب، ومما يقوي فرضيته قصص كثيرة نسمعها من هنا وهناك عن آبار لبعض الشخصيات "الوطنية الحقة"، وكيف أن كمية المياه فيها كافية لتزويد قرى بأكملها دون توقف !
ونحن على يقين تام بعدل الخلاق العليم في أنه لن يخلق خلقا بلا طعام أو شراب ،وما دامت الأرحام تلد فإن الأرزاق تنزل ، ولا شك أن خزائن الرحمن ملأى....!!!
ذهبت يوما وصحبةٌ لي في رحلة - قل إنها استكشافية - لمنطقة وادي عربة ، وأخذنا بالتجوال بين جنبات القرى المنتشرة هناك ، سالكين ممرات رملية بين الأودية والهضاب ، ولفت انتباهنا على إحدى الطرقات حركة لسيارات فارهة تخرج من قلب الهضاب حيث لا يتوقع أحد وجود مسلك إليها ، وتتبعنا أثرها حتى انتهت بنا إلى بناء غريب بنمطه وموقعة والطرق المؤدية إليه ، فتوجهنا تلقاءه فإذا به فندق يدعى "نزل فينان" ، معد ليكون صديقا للبيئة ، حيث أنه يعتمد في خدماته البدائل التي لا تحدث أي تلويث للبيئة ، ودخلناه وتجولنا بين مرافقه وقد أعجبنا كثير ا، وتحدثنا مع بعض الموظفين فيه ، ودار بنا الحديث حتى انتهينا إلى تاريخ المنطقة وما فيها من آثار ومعالم ، وذكر لنا أحد الموظفين أن المنطقة فيها مناجم للنحاس كانت تستخدم قديما مصدرا للنحاس يصل إلى مختلف مناطق العالم ، ثم هي الآن خاوية على عروشها ، وذكر لنا رأيين مختلفين لإغلاقها :رأيا رسميا ورأيا لخبراء دوليين . أما الرسمي الذي لا أثق به ،فمفاده أن كمية النحاس فيها قليلة وكلفة استخراجه عالية ولم يعد الاستثمار فيها مجديا ، بينما ينقض ذلك رأي الخبراء الذين زاروا المنطقة ونزلوا بهذا الفندق المتواضع ، إذ سمع الموظفون منهم أنها مناجم غنية بالنحاس؛ ولكن لأسباب سياسية لا يجري الاستثمار بها !
وفي جانب آخر سمعت من بعضهم قصة يذكر فيها خروج النفط إلى ظاهر الأرض في منطقة ما شمال المملكة ، وعندما أُخْبِر المسؤولون بذلك ، وبعد فترة وجيزة حضرت آليات إنشائية رسمية -أيضا - لتردم المنطقة بأكملها ...!
واعتقد أن ذلك لأسباب سياسية ،ويا ليتهم يشركوننا في السياسة التي يتشدقون بها ويزعموننا شركاءهم في كل شيء : في السرّاء والضرّاء،فيخبروننا ما تلك الأسباب السياسية ، ومتى ستزول هذه الغمة السياسية ؟
كثيرون أولئك الذين ينظرون إلى الأردن على أنه سلة متخمة بالثروات على اختلاف أنواعها وأشكالها :من سياحة ،ومعادن ، وأسمدة ،وبترول ،وغاز، وزراعة، وعقول مبدعة ومنتجة، لكنها الأسباب السياسية التي جعلت الكثيرين أيضا يقتنعون بأن الأردن بلد نام وفقير ومحدود الإمكانية ، ويداه مبسوطتان للمساعدات والمنح والقروض الاستعمارية من شرق العالم وغربه .....!