أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
اللجنة الملكية لشؤون القدس: مشاهد مروعة يتعرض لها الصحفيون في فلسطين 750 ألف دولار لتخفيض انبعاثات الكربون "مياهنا": اتباع هذه الارشادات يسهم في توفير استهلاك الماء خلال الصيف استقرار الرضا عن خدمات النقل العام في الربع الرابع من 2023 25 % ارتفاع رؤوس الأموال المسجلة خلال الثلث الأول ترامب: من الممتع مشاهدة مداهمة اعتصام مناصر للفلسطينيين زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب شرق تايوان وزارة الصحة في غزة: 3 مجازر إسرائيلية أسفرت عن 28 شهيدا خلال 24 ساعة هلع كبير على متن رحلة إسرائيلية من دبي إلى تل أبيب انطلاق فعاليات الموتمر التربوي الدولي الخامس في جامعة اليرموك الامانة تعلن إيقاف خدماتها الإلكترونية حتى السبت الجيش الإسرائيلي: رصدنا أمس إطلاق قذائف من وسط غزة معاريف : هناك رئيس وزراء جديد لاسرائيل اسمه بن غفير إدارة السير تحذر من خطورة هذه المخالفة! إقبال ضعيف على "المزارع السياحية" الفلبين تستدعي دبلوماسيا صينيا على خلفية توتر ببحر الصين الجنوبي امطار يصحبها الرعد تشهدها هذه المناطق اليوم النفط يخسر أكثر من 5% خلال أسبوع إعلام عبري: فقدان إسرائيليين في البحر الميت شهداء وجرحى في قصف الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة تيجي نتصدق بالسر؟

تيجي نتصدق بالسر؟

24-07-2023 09:06 AM

يعيش الكثير من أبناء شعبنا في ظروف مالية صعبة في الآونة الأخيرة نتيجة للتطورات الاقتصادية السلبية التي عصفت بالمجتمع و الدولة لتخلق مناخاً من التشاؤم و النظرة السوداوية للمستقبل و بأن القادم أسوأ لا محالة إن استمرت الأوضاع الراهنة على ذات الوتيرة .

لو ألقينا نظرة سريعة على ما يدور في الوضع الاقتصادي اليوم فسنجد ما يفطر القلب و يميت الروح كمداً فمن نسب بطالة مرتفعة تكاد تصل لحاجز الثلاثين في المئة و ربع الشعب يرزح تحت خط الفقر و غلاء في الأسعار لا سابق له و لا مثيل و تراجع كبير في القدرة الشرائية لدى غالبية المواطنين و ثلث الشعب يعاني من ارتفاع القسط الذي يسدده للبنوك بسبب الرفعات المتكررة للفائدة مع شعور عام بتقصير حكومي لافت للنظر في حل المشاكل الاقتصادية و في مفاقمة مشكلة الديون المتراكمة على البلد عداك عن ضعف المناخ الاستثماري الذي ترافق مع خروج متتابع من التجار و الشركات خارج الأردن زد على ذلك قلة الوظائف و تدني الأجور و تراجع النمو الاقتصادي و رغبة الكثير من الشباب بالهجرة خارج البلاد و ارتفاع معدل جرائم السرقة و النصب و الاحتيال و انتشار حوادث الانتحار من قبل بعض المعسرين الذين لم يجدوا حلاً سوى مفارقة الحياة أضف لذلك إفلاس و إعسار بعض الشركات و المؤسسات و أكوام القضايا المكدسة في المحاكم بين الدائنين و المدينين و التي لازالت تنتظر حلولاً مجدية دون طائل.

كل هذه الأمور آنفة الذكر تجعل الحياة تضيق على طبقات كثيرة من الشعب و ترغم الكثيرين منه على اختيارات في غاية الصعوبة سعياً لما يسد رمقهم و يكفيهم ذل السؤال و الحاجة لعطف الآخرين أو استجداء من لا يرحمون أحداً في هذا الزمن .

وسط هذا المشهد الضبابي يحاول العديد من الناس إيجاد حلول لمشكلة الفقر عبر البحث عن وسائل مختلفة بعضها أحله الله و رسوله و بعضها يدخل في نطاق الكسب الحرام و العياذ بالله و بعضها الآخر فيه شبهات و بعضها الآخر فيه من الخبائث و المحرمات ما الله به عليم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.

لكن دواءً شافياً لما نحن فيه من العلل و المشاكل المالية وصفه لنا رسولنا الكريم ابتعد الناس عنه و تجاهلوه و بعضهم لم يجربوه بالمطلق و يبدو أنه لا حل لمشكلاتهم و معاناتهم المالية سوى تطبيقه و المواظبة عليه فمن أصدق من الله و رسوله في هذا الكون؟ إن هذا العلاج ما هو إلا صدقة السر، الصدقة التي أقسم الرسول صلى الله عليه و سلم أنها لا تنقص المال و التي قال عنها أنها تطفئ غضب الرب على عبده و تقي من مصارع السوء .

صدقة السر علاج اقتصادي لا يعرفه الكثيرون و لا يدرك فوائده إلا القلة من الناس و من فوائدها المؤكدة أنها تطفئ غضب الرب عز و جل كما تعمل كظل لصاحبها تحميه من هول يوم القيامة و تمحو الخطايا و الذنوب وتطفئها و تقي صاحبها من حر جهنم و أما في الدنيا فصدقة تعد أهم سبب في التخلص من الأمراض البدنية والنفسية والشفاء التام منها بإذن الله تعالى ،كما أنها مفتاح لجلب البركة وزيادة المال كما تعتبر من أسباب دخول المتصدق للجنة بفضل ما يحصل عليه من دعاء الملائكة كما أنها تساعد الشخص المتصدق في الوصول إلى أعلى مراتب الإحسان و الإيثار فإن الله يحب العمل الخفي، ولذلك ذكروا عن زين العابدين بن الحسين بن علي رحمه الله–وكان سيداً من سادات التابعين وعلمائهم المجتهدين - أنه كان إذا جن عليه الليل حمل على ظهره الطعام إلى بيوت الأرامل والأيتام دون أن يعلم به أحد، وهو الذي ينتسب لآل البيت الكرام و قد كان إماماً في العلم والورع والزهد والصلاح لكنه أراد أن يكسب من الخير أعظمه ومن الثواب أكثره ، حتى إنهم لما أرادوا أن يغسلوه ويكفنوه خلعوا ثيابه من أجل أن يغسل و يكفن، فوجدوا على ظهره خدوشاً من أثر الدقيق الذي كان يحمله على ظهره في عتمة الليل رحمه الله .

قال الله تعالى آمرًا نبيه صلى الله عليه وسلم: {قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ} [سورة إبراهيم: 31]. ويقول جل وعلا: {وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ...} [سورة البقرة: 195]. وقال سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم} [سورة البقرة: 254]. وقال سبحانه: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [سورة البقرة: 267]. وقال سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة التغابن: 16]. ومن الأحاديث الدالة على فضل الصدقة قوله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة» [في الصحيحين]. والمتأمل للنصوص التي جاءت آمرة بالصدقة مرغبة فيها يدرك ما للصدقة من الفضل الذي قد لا يصل إلى مثله غيرها من الأعمال، حتى قال عمر رضي الله عنه: "ذكر لي أن الأعمال تباهي، فتقول الصدقة: أنا أفضلكم" [صحيح الترغيب]، و قد جعل الله تعالى صدقة السر في التطوع تفضل صدقة العلانية بسبعين ضعفا لأنها تعود بالنفع على أصحابها سواء في الدنيا أو الآخرة فهي نوع من التجارة مع الله سبحانه وتعالى .

أيا من ذهبت تبحث عن مصادر الربا بحجة الاقتراض و تحسين ظروف حياتك و يا من رضيت لنفسك أن تكسب مالاً محرماً بحجة الحاجة الماسة له و انعدام البديل من الرزق الحلال و يا من قررت بملء إرادتك الخوض في بيع ما حرم الله الوقوع في شبهات الأعمال التي حرمها الله عز و جل على عباده من أجل زيادة دخلك و يا من لم تجد عملاً حلالاً أو رزقاً كافياً من وظيفتك فقررت أن تستثمر أموالك فيما حرمته الشريعة الإسلامية أفلا نظرتم إلى الحل الأمثل الذي تركتموه وراءكم ظهرياً؟أفلا تجربون صدقة السر و جعل الله فيها من فضائل و بركات في الدنيا و الآخرة و تتقوا الله الذي سيحاسبكم على كل قرش اكتسبتموه من حرام ،فالمال الحرام يهلك و يهلك صاحبه في الدنيا و الآخرة .

و الله لو أن صدقة السر أصبحت منتشرة في أي مجتمع مهما كان فقره فإن أفراده سيشعرون بالبركة في أحوالهم المعيشية و سائر شؤون حياتهم و سيعيشون حياة أفضل ألف مرة من هذه الحياة البائسة المفرغة من كل ما هو تكافلي و تعاوني بين أفراد الشعب و التي يأكل فيها القوي الضعيف و يحسد فيها الفقير الغني و يحقد عليه و يتمنى زوال النعمة عنه .

يقال في الطب أن المريض إن لم يلتزم بعلاج مرضه فإن مرضه سيستفحل و قد يؤدي ذلك لجلب المزيد من الأمراض و العلل التي ستقود المريض لميتة مؤلمة كان قادراً على تجنبها لو التزم بعلاج مرضه، وهذا هو حال من يتناسى فضل صدقة السر التي ما إن ابتعد مجتمعنا عنها حتى تفشت فيه السرقات و الرشاوى و الإقبال على الربا و التعدي على حقوق الآخرين و حرمان الورثة من الميراث مما أدى إلى ازدياد حالات الطلاق و القطيعة بين الأرحام و تفكك المجتمع رويداً رويداً.

يتحجج البعض بقلة المال و صعوبة الظروف التي تمنعه من صدقة السر و ما علم المسكين أنه يحرم نفسه من باب عظيم من أبواب الخير بأعذار واهية فليس شرط صدقة السر أن تكن غنياً موسراً مقتدراً لفعلها بل كل ما عليك هو أن تخفيها و تجعلها خالصة لوجه الله الكريم و إن قلت في مقدارها و لكن داوم عليها فأحب الأعمال إلى الله أدومها و إن قل فبادر اليوم قبل الغد و ابحث عن أقرب فقير أو جائع أو أرملة أو مطلقة أو يتيم أو عابر سبيل أو معدم وما أكثر هؤلاء في مجتمعنا في هذه الأيام الصعبة للأسف و قم بعد ذلك بإخراج ما تيسر لك من صدقة بشكل لا يعلمه سواك و سواه و احرص على أن تخلص النية لله عز وجل فأنت تتعامل مع الجواد الكريم الغني الحميد و لا تدع الشيطان يوسوس لك أن ما قدمته ماذا عساه يصنع للفقير و المحتاج و اعلم أن الله لا يكلف كل نفس إلا وسعها و ما آتاها و أنه على قلة المبلغ في نظرك فقد يكون ذلك بالنسبة للفقير و المحتاج غوثاً طال انتظاره و معروفاً قلما أسداه أحد إليه و اعلم يقيناً أن الخير كل الخير في تلك الصدقة فهي استثمار للدنيا و للآخرة و هي علامة على أنك تسير في الاتجاه الصحيح نحو رضا الله عز وجل و تيقن أنك لم و لن تخسر شيئاً عندما أخرجت تلك الصدقة فالله تعالى لا تخفى عليه خافية و هو الذي يجزي بالإحسان إحساناً و يكفيك أنك بصدقتك في السر قد تأسيت بمنهج الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم و آل بيته الطيبين و صحابته الكرام الطاهرين الذين كانت لهم مع صدقة السر حكايات و وقفات و عبر لا يتسع المقام هنا لسردها و لكنني أنصح كل عاقلٍ أن يرجع لها و يبحث عنها و يواظب بالرجوع إليها لتطيب نفسه بصدقة السر و ليعلم مقدار فضلها و جزيل أجرها في الدنيا و الآخرة .

لن تخسر شيئاً لو أعطيت جارك الفقير جزءاً من الخضار أو الفاكهة أو الحبوب (كالعدس و الأرز و الذرة ...إلخ)التي تشتريها من السوق و لو بمقدار بسيط في كل مرة فقد تكون هي المئونة التي تكفيه قدراً لا بأس به من أسبوعه و شهره و قد تكون جبراً لخاطره إن لم يكن قادراً على شراء تلك الأمور ،كما أنك لن تخسر شيئاً لو لاحظت أن أحد معارفك أو جيرانك الفقراء يستعملون وسائل المواصلات العامة التي تثقل كاهلهم مادياً للانتقال من مكان سكناهم إلى مكان عملهم فقمت بإيصاله في طريقك بسيارتك إلى مقصده أو حتى دفعت عنه أجرة المواصلات في كل مرة تصادفه فيها في أثناء تنقلك عبر استخدام المواصلات العامة ، و لو لاحظت أن هناك فقيراً معدماً يتكسب من الناس ببيع بعض النثريات البسيطة أن تشتري منه و لو بالقليل شيئا ًما بسيطاً لتعطيه هدية أو تذكاراً لأحد الأيتام أو أبناء الفقراء الذين تعرفهم في حارتك أو في الحي الذي تقطن فيه ، و لن تتكبد نفقةً كبيرةً لو حرصت في كل شهر أن تهدي أرملة أو مطلقة تعول عيالها شيئاً بسيطاً من اللحم أو الدجاج أو السمك أو حتى لو اشتريت لأطفالها بعض الألعاب البسيطة بثمن زهيد لتدخل المسرة لقلوبهم و تسد جزءاً و لو بسيطاً من احتياجهم،و لن تتكبد أية خسارة لو تبرعت بالفائض لديك من الملابس التي لا تحتاجها لتكسو فقيراً أو يتيماً أو حتى لتساعد بها طالب علم انقطعت به السبل فلا يعلم حجم سرور المحتاج و فرحته إن وجد ضالته و حاجته لديك و لو من النزر اليسير إلا الله جل في علاه ، وما الذي ستخسره لو اشتريت وجبةً أو كوب شاي أو قهوةٍ أو عصير باردٍ أو زجاجة ماءٍ لمن يحتاجها لتفرح به قلبه في زمهرير الشتاء أو لهيب الصيف ، و لو آتاك الله شيئاً من الخير و وجدت من تعثر في سداد إيجار منزله أو تعثر في سداد قسط ابنته أو ابنه الجامعي فلا تحرم نفسك من أن تخوض غمار عمل خيري قد يفتح الله به عليك باب رزق لم تكن تظن في يوم من الأيام و في أقصى درجات تفاؤلك أن يفتح لك أو يقيك من شر بلاء أو محنة لم تكن تظن يوماً أنك ستخرج منها بشتى أنواع الحيل و الطرق ،فلله في خلقه شؤون لا يدركها كثير من الغافلين فلا تكن منهم و حاول اكتشاف عطايا الله عز و جل و كنوزه التي وضعها في الأرض و تنتظر من يطرق الباب بنية مخلصة لله وحده ليجد الثواب العظيم و الخير العميم في القريب العاجل و البعيد الآجل فمن كانت صدقة السر تجارته و خبيئته زادت عند الله رفعته و درجته فيا سعد من لقي الله و في رصيده سرور أدخله على قلب مسلم و تفريج لكربة معسر هذا من يقال له حقاً إنه لذو حظٍ عظيم و لمثل هذا فليعمل العاملون.











تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع