أعاجيب البحر الميت
ما فتىء بحرنا الميت يذّكرنا بأعاجيب الزمن الغابر وكيف أنّ قوم لوطٍ أُمطروا بحجارة من سجيل منضود لشذوذهم عن الفطرة الالهية........... وكيف ان كل المخلوقات ما استساغت العيش فيه لشدة ملوحه العيش وضنك الاثام .
أمّا أعجوبة البحر الميت في عصرنا التي اشّرأبت لها أبداننا هي البعث الجديد للشذوذ الاجتماعي والديني عن ديننا ....... في عصر البحر الميت انفلقت شرنقة الشعب الى طبقتين ..... افواه جائعة وبطون متخمة... وفي كلتا الحالتين لا مكان لأخلاقيات وجودنا على هذه البسيطة.
أفواه جائعة صار قوتها اليومي شغلها الشاغل فانصرفت عن أبسط أبجديات منظومة اخلاقنا وانشغلت بالتذلل الى اسيادها لسد الأفواه بفتاتٍ من جيوبهم الخلفية ........وصفّقت هذه الفئة لكازينوهات البحر الميت فهي البقرة التي تدر حليبا في بطون السادة علّهم يتفضلون علينا بجلودها ........فما كانت في أعينهم قمارا بل لم تدخل حتى في معادلة الحلال والحرام............ أولئك على عقولهم اقفالٌ من جوعٍ فهم لا يعقلون .
وصفّقت الفئة الأخرى لكازينوهات البحر الميت جدا فأولئك ينالهم لحومها وشحومها فتزيدهم تخمة وتزيدهم سقما في قلوبهم فما عادوا يتفكرون الا في تكرشهم حد ذوبان رقابهم في بطونهم.
يا قوم... يا حسرةً علينا... عدنا الى الجاهلية وغريزتها في صراع البقاء... ما عادت تحكمنا قوانين الهية بل قواعد صراع البقاء الدنيوي........ فتشبتنا بأذيال الشياطين حتى تشبع غرائزنا المادية الأرضية وتناسينا يوماً يحمل كلٌ فيه كتاب اعماله .
ايها السادة ........واحسرةً علينا ...وصلنا حدا العيش في مستقعات الخطايا غير ابهين لبلل الأثام.
كل عظام الراقدين تحت تراب البحر الميت اشتكت مُجون الموقعين على استبدال ميادين القتال بمواخير القمار وشواطىء العراة على بحر الجوعى..............
كل ذرات الملح ذابت خجلا امام الضارعين الى الله أن يعز الاسلام بمن يقيمه.............
كل مياه بحرنا السائغة تبخرت هربا من عُتو ولاة أمره الذين قادوه الى اتفاقيات العهر العصري الحديث..
كان فينا البحر الميت رتقا من استغفار حتى نستشعر غُلو السفهاء في معصية الله , فاذا بنا نُصّر ان نجعل من أنفسنا عبرةً قادمة لصلف المعصية.. حين سيكتب التاريخ ان الله اهلك قوم لوط بفاحشة لم يأتي بها احد من قبل سيكتب أيضا ان الله أعمى ابصارنا حين استجدينا كل الكَفرة أن يبنوا حول اضرحة شهداء اليرموك حلقات القمار ......وان تعلو شهقات السكارى في فنادق البحر الميت فوق صوت الآذان في الشونة...وفوق صدى المدافع في الكرامة.
هو بحر ميتٌ لأنه ماتت فيهم كل القيم الأردنية........
هو بحر ميت لأنه مات فيهم ديدن الأردنيين القابضين على دينهم وعزتهم في الاسلام.......
كل من رتع في مياه البحر الميت بكأس القمار سيقيئه لهبا امام الحناجر الصارخة غضبا امام المسجد الحسيني في عمان.
كل من ذيّل توقيعه في صفحات اتفاقية سلب الحياء من تحت بساط بيوت الشَعر الطاهرة سيجلده التاريخ في صفحات تراث الأمم.
كل من سقى فلذات أكبادنا حليب نجس من اثداء صالات القمار في البحر الميت سيُصلب على اقدامهم حين يصحون من طفولتهم...
والله أن يموت اطفالنا جوعا خير لنا من أن نضخ في شرايينهم دماءاً ملوثة بداء العولمة الفارغة.
أيّ زمنٍ عارٍ من العفةِ هذا حين تتحول الرذيلة الى فضيلة وحين تصفق لها الأيادي الممدودة عَوزا على ضفاف الخليج العربي..
أي زمن خاسىء هذا الذي يبرىء اصحاب الياقات البيضاء من نصوص كلام الله عز وجل.
ما عاد هذا الزمن يروي عطشي للحياة...فعتمة الليل أطهر ..هنالك لا فساد ولا فاسدون ..هنالك تخبو كل الديموقراطيات والايدولوجيات الاّ صوت الحق ...اذا كان عيشك يهوي بك الى الظلالة والسفاهة والعصيان حريٌ ان تتمنى الموت علّك تلقى الله بقلب سليم.