الملكية ومستقبل الأردن
الدكتور سطام الشقور
إن تلمّس موضوع ثقيل الحساسية كثير التعقيد كموضوع الملكية وعلاقته بالتركيب الاجتماعي السكاني في الأردن ودور الأخير في تحريك الشارع نحـو مــــــا يعرف \" بالحراك الشعبي أو الشبابي \" في ظل الربيع العربي يضعنا من - وجهة نظري – أمام تيارين مختلفين يشكلان قادة المجتمع الأردني (النخب)، وان ما يحمله كل واحدٍ من هاذين التيارين من رأي واتجاه وأجندة ومطالب – على الأغلب – يرتبط بطبيعة الحقيقة التاريخية التي أوجدت كلا منهما في هذا البلد، ولا اقصد هنا بالتيارين (أردني وفلسطيني) بل اقصد أردني يشعر بانتمائه للأردن بغض النظر عن منبعه، وآخر لا يملك في قلبه للأردن ذرة وفاء.
أما الأول فحراكه مشروع لأنه يدافع عن حقوقه المدنية ويسعى لتحسين ظروفه المعاشية - في المدن والقرى والمخيمات - وهذا التيار هو الأوفر عددا والأكثر أهمية فلقد قدم اتباعه ما قدموا دونما أجر، وللأسف هم يفتقرون للتنظيم والقيادة التي تبدأ حوار جاد مع السلطة ينهي فوضى الشارع وغليانه، حوار مبني على الموضوعية والعقلانية يقدر انجازات الوطن من جهة ويبحث عن مخارج لتجاوز كبواته من جهة أخرى.
في حين كشف الحراك الشعبي عن تيارٍ ثانٍ يلعب دورا خطيرا مزدوجا يدفع الشارع نحو الفوضى والضياع وسيفتح بعده حجاج السفارة الأمريكية - رموز التيار الثاني- الباب على مصراعيه لتدخل الغرب وإسرائيل عسكريا ووضع حدٍ للفوضى والعنف الذي سيصطنع في الأردن يلي ذلك طوفان عظيم من الديمقراطية الأمريكية تنهي الحكم الملكي وتؤسس لمجالس انتقالية تهيئ أراض خصبة لصراعات على السلطة يتبعها حرب أهلية تلفت انتباهنا عن الحقوق العربية التي ابتلعتها إسرائيل لعقود قادمة تسهل طريق المشروع الصهيوني بالسيطرة على ما يعرف \" بأرض إسرائيل من الفرات إلى النيل \".
وبدأ هذا المشروع فعلا بنداءات الملكية الدستورية وتخفيض صلاحيات الملك ليصبح وجوده شكليا (يملك ولا يحكم) تسقط بعده تقاليد واتجاهات ثقافتنا الوطنية وتثير مطامع السلطة الجديدة في الأردن نقاشات الطامعين فيها حول العرق والأصل والفصل وستتولد لذلك آراء جديدة حول الفئة والدين واللون الخ..... وعليه فـإنّ مبدأ \" تخفيض سلطة الملك\" أو \" وضعه في صورة شكلية \" سينتهي حتما بالأردن إلى النتيجة السلبية نفسها - آنفة الذكر- ونحن ومع كل مقدراتنا سنواجه مصيرا مجهولا وسيقع وزر ذلك كله على عاتق المجتمع الأردني برمته وتنتهي بالتالي مطالبه الإصلاحية بالدموية التي تصد تقدم الوطن وتقف في وجه تطوره واستقراره.
فيجب علينا إذن، الاعتراف بأن حماية مستقبلنا ومستقبل أجيالنا مسؤوليتنا جميعا وذلك بمعرفة من معنا ومن ضدنا في معركة الإصلاح، وإن حفظ الأمن والنظام والاستقرار في هذا البلد – بلا شك – هو المقياس الدقيق لمدى التقدم الديمقراطي والحضاري.