زاد الاردن الاخباري -
بسم الله الرحمن الرحيم
ما هكذا تورد الإبل يا وزير التربية و التعليم .
إن من أهم الأهداف التي تنطوي عليها إنشاء وزارة للتربية والتعليم في أي بلد ما هي رعاية التعليم والنهوض بالجيل إلى مستوى المسؤولية واستشعار الأمانة في بناء النشءْ ليكونوا لبنات صالحات في خدمة الأمة وحماية الوطن .
وكل نظام تربوي يحيد عن هذه الأهداف يصبح أداة طيعة في أيادي الأعداء والمتربصين بالوطن .
وما من نهضة علمية في أي قطر من أرجاء المعمورة إلا وخلفها نظام تعليمي تربوي سليم ، وما من تخلف حضاري أو تراجع للأمة على أي صعيد إلا وبسبب اختلال في النظام التربوي والتعليمي لذلك القطر .
ونحن في الأردن نصنف من أوائل الدول عالمياً في وجود الخبرات التعليمية ، والكوادر المؤهلة أكاديمياً ومسلكياً. جلُّ اهتمامنا في المؤسسة التعليمية أن نبني في نفوس أبنائنا الطلبة الأمل وأن نزرع فيهم حب الوطن والانتماء الصادق للأردن بلد العطاء والشموخ .
وقد ركّز جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين على هذه المعاني في خطاباته ولقاءاته المتكررة مع مجلس الوزراء بعامة وأثناء زياراته لأي مؤسسة تعليمية في هذا البلد المبارك .
كما أن هذه المعاني أكدتها جلالة الملكة رانيا العبد الله في لقاءاتها المتكررة مع وزارة التربية والتعليم . ولكن للأسف يبدو أن وزارة التربية تحتاج إلى أن تقرأ درسها جيداً وأن تكون بمستوى المسؤولية التي أولاها إياها ربنا أولاً ثم رمز البلاد وقائدها .
يتقدم أبناؤنا في هذه الأيام لامتحان الثانوية العامة على مستوى الوطن ، وفي يوم السبت 25/6/2011 تقدم طلاب الفرع العلمي لامتحان الفيزياء بقصد اجتياز مرحلة من مراحل العمر المهمة في حياة الطلبة .
وكلنا نعرف أن الهدف من الامتحانات هو أنها تعد وسيلة من وسائل القياس والتقويم لتميز الطالب الناجح عن غيره من الذي لم يعد العدة لخوض الامتحان بجد واهتمام .
ونعلم أيضاً أن للامتحان مواصفات تربوية تنضوي تحت جدول المواصفات التربوية للامتحان وإذا ما أخضعنا امتحان الفيزياء لكل المواصفات والمقاييس والمعايير التربوية فهو فاشل ولا يحقق أي هدف من أهداف القياس والتقويم .
لقد فوجئ ابناؤ الوطن من طلبة الفرع العلمي يوم امتحان الفيزياء بأن الأسئلة خرجت عن إطارها التربوي وبعدها الجوهري في قياس قدرات الطلاب ، وأيقن الطلبة ومن وراءهم من المعلمين والإداريين في مختلف مدارس الوطن أن الذي وضع الأسئلة كان همه أن ينتقم من الطلبة وأن يزرع فيهم كره التعليم وأن يدفعهم للوقوف في الصف المعادي للوطن وأن يصنع منهم المنحرفين والفاسدين والحاقدين على الوطن ، ولو كانت مديرية الامتحانات في الوزارة تحدد لواضعي الأسئلة سياسة ممنهجة مؤطرة الأهداف الحقيقية التي تتوخاها وزارة التربية في فلسفة الامتحانات وأبعادها الوطنية والأخلاقية والأكاديمية لما تجرأ واضع أسئلة الفيزياء من أن يضع أسئلة يعجز عن حلها جمع غفير من معلمي الفيزياء ، ناهيك عن الطلبة أنفسهم .
لقد وصلت حالات الإغماء والبكاء والعويل من طلابنا في أرجاء الوطن ذروتها وسجلت مديريات الدفاع المدني والمستشفيات حالات كثيرة ممن فقدوا وعيهم .
هل هذا هو المقصود من الامتحان يا وزير التربية ؟ وهل هذا يخدم الوطن ويخدم أبناءه يا وزير التربية ؟ وهل هذا يتمشى مع المرحلة الدقيقة التي تعيشها أمتنا العربية والتحديات التي تواجه الأردن ؟
لقد ألّبت الطلاب وأولياء أمورهم والمجتمع بأسره على التعليم وعلى وزارتك يا وزير التربية . فهل من العدل أن تمر هذه الفاجعة دون حساب أو مراجعة ؟
لقد أنعم الله علينا في الأردن بأننا نعيش حالة مستقرة يتلاحم فيها الشعب مع القائد ويقدم كل فرد في هذا البلد روحه فداء لهذا الوطن فلا تفتن الناس بولائهم للوطن وحبهم للتعليم يا وزير التربية .
إن ما فعلتموه في امتحان الفيزياء يا وزير التربية يطرح سؤالاً كبيراً : هل تتحول وزارة التربية والتعليم من راعية للتعليم وتنشئة الأجيال الواعدة إلى راعية للفساد ومعول هدم للوطن ؟
لقد خرجت يا وزير التربية عن الإطار الذي حدده جلالة الملك في وزارتكم وغرّدت خارج السرب ، وكنت سبباً في انتكاسة عشرات الآلاف من طلابنا وإذا ما انحرف الطلبة الراسبون ( ولا أظن أحداً أنه سيحقق علامة النجاح ) . عندها هل ستنجو من سؤال الله يوم القيامة ؟
ما نريده منك يا وزير التربية أن تعالج هذا الأمر على جناح السرعة وأن تشكل لجنة تحقيق لواضع الأسئلة ولقسم الامتحانات في الوزارة وأن تكون نظرتكم لأبنائنا الطلبة نظرة حب ورحمة فهم أبناؤنا لا أندادنا .
د. محمد صبحي أبو حسين