أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
القيسي: الإعلان عن 20 فرصة استثمارية سياحية قريبا كوريا الشمالية: لا يمكن للولايات المتحدة هزيمة روسيا كتائب القسام: قصفنا مقر قيادة اللواء الشرقي 769 الإسرائيلي ما علاقة الحطام الغارق قبالة سواحل العقبة بالطائرة الماليزية المفقودة؟ الخصاونة: الدمار الذي حدث بغزة يقدر بـ 18.7 مليار دولار الضريبة تحدد آخر موعد لتقديم إقرارات دخل 2023 إطلاق عشرات الصواريخ من لبنان نحو الاحتلال إسرائيل أمام قرار حاسم: عملية رفح أو صفقة تبادل بدء الامتـحان العملي لطلبة الشامل الأمن يحذر من حالة عدم الاستقرار الجوي إطلاق عشرات الصواريخ من لبنان نحو الاحتلال أسعار الـذهب في الأردن الاثنين تدهور شاحنة في منطقة الحرانة حاخام إسرائيلي: انشغالنا بالتوراة أبطل الهجوم الإيراني ارتفاع عدد الشهداء جراء الغارات على رفح إلى 20 النفط يهبط مع استمرار محادثات وقف إطلاق النار بغزة الصحة العالمية: 31 ألف أردني مصابون بمرض الزهايمر الدويري: عملية المغراقة كانت معقدة ومركبة الاثنين .. يزداد تأثير حالة عدم الاستقرار مسؤول في حماس: الأجواء إيجابية ولا ملاحظات كبيرة في الرد
الصفحة الرئيسية مقالات مختارة الصين؛ حيث السرعة والدقة تجتمعان

الصين؛ حيث السرعة والدقة تجتمعان

19-03-2022 03:19 AM

الدكتور المهندس أحمد الحسبان - يتبادر للأذهان، عندما تذكر الصين، ذلك المرض اللعين، الكورونا، فيزداد غل قلوبنا على أوهان، التي تلطخت أيدي ابنائها بدماء ما يزيد عن ٦ ملايين شخص، واصابة ما يزيد عن ٤٦٠ مليون حالة حول العالم وخلال سنتين فقط، ويتبادر ايضا ذلك الصاروح التائه الذي اوقف انفاس البشرية ٧ ايام والكل يتوقع سقوطه فوق رأسه من حيث لا يحتسب، ولكن مالا يتبادر للأذهان هو انهم شعباً وحكومةً لا يكترثون لجرائم الحرب الصحية الجرثومية تلك، ولا ارهاب وارعاب الشعوب ذاك، بل ولم تهتز لهم شعرة بمفرق، وتعجز منظمة الصحة العالمية عن اثبات سبب منشأ الفيروس رغم تكرار زيارة معاملهم، وكأنه قيد ضد مجهول بجريمة قتل فاجعة مكتملة الاركان، وتمر قصة الصاروخ التائه بعد سقوطه وكأن شيئا لم يكن، وليس هذا مقصد المقال، بل ما هو آت أشد وقعاً على المسامع والعقول.

لطالما كانت الصين مثار اهتمام من خالط شعبها وتابع اخبارهم، لما يتميزون به من تكنولوجيا متقدمة، واقتصاد قوي، ما اتت ثمارها الا من توفر عدة عوامل شجعتهم للعطاء والعمل الجاد، واهمها اجتماع السرعة والدقة، وفي كل شيء يقومون به. نتحدث عن شعب مختلف، زخم بشري بمليار ونصف انسان يشبهون بعضهم خلقا وخلقا، استطاعوا تصدر المركز الاول بالعالم في الاقتصاد، وكذلك في البحث العلمي والابتكار والتطوير في السنوات السابقة الاخيرة ولا زالوا، والسر وراء ذلك هو طبيعة الانسان الصيني، ذلك الانسان الذي تراه فتسرح عيناك بعينيه المائلتين، وتحسبه بسيطا ساذجا يتأتئ بالكلام ويتحرك كالدمية، لكن بداخله طاقات عجيبة، جعلت منهم مجتمعبن كشعب قوة اقليمية عظمى، رغم الاخطاء التي ارعبوا العالم بها، كالكورونا والصاروخ التائه الذي اوقف انفاس البشرية جمعاء. ولكن يستمرون بلا توقف، وفي النهاية يتوقع لهم بلوغ ما تخشاه اميركا - قوة عظمى ذات نجم بدأ يسطع.

هم يستمرون بصمت وسرعة ودقة لبلوغ اهدافهم الاستراتيجية، فخلال عامي الكورونا الكارثيين على اقتصاد العالم، استطاعت الصين اطلاق عشرين قمراً صناعيا ملاحياً، لتكمل بذلك منظومة اقمارها الملاحية الثلاثين Beidou، ويتحول نظامهم هذا من نظام مناطقي (Regional RNSS) الى عالمي (Global GNSS)، تماما كال (GPS) الامريكي وبقفزة نوعية وكمية سريعة ودقيقة، سبقت بذلك القمر الصناعي الملاحي الاوروبي Galileo، الذي توقفت اطلاقاته تماما خلال الجائحة، علما انه لم يتبق للاتحاد الاوروبي ذو ٢٨ دولة الا اربعة اقمار فقط لاكمال الثلاثين قمرا خاصتهم. ولكي تعوض الصين نقص محطات التحكم الارضية بتلك الاقمار، والتي يجب ان تتوزع على رقعة واسعة من الارض كالعاملة في امريكا واوروبا مجتمعتين من اجل ديمومة خط النظر بينها وبين الاقمار، جعلت التحكم فيهن فضائيا بين الاقمار الدوارة ذاتها، وبتكنولوجيا جديدة تسمى Inter-Satellite Link : ISL، بحيث يزود كل قمر القمر الذي يدور امامه بالمعلومات اللازمة لادامة دورانه بمداره الصحيح عندما يغيب عن مدى بث المحطات الارضية في أراضيها، وبدون الاستعانة بتركيب المزيد من هذه المحطات في اراضي غيرها لضمان السيادة عليها. وبهذا زادت دقة تحديد الموقع، ووضعت الصين موطئ قدم سريع لها في الفضاء، بينما باقي العالم يرزح في جوع وفقر واقتصاد متدهور جراء الكورونا وتداعياتها.

ليس هذا فحسب، بل لم نجد في المجلات الدورية المحكمة العالمية ابحاثا في مجال الستالايت الا ما ينشرونه علمائهم فقط، وتجاوز عددها العشرة في ظل غياب امريكي واوروبي بهذا المجال خلال العامين الفائتين. وكأنها اختزلت مسافات طويلة جدا تستغرق سنوات كثيرة من العمل، ودفعت تكاليف باهظة تصل الى ٤ بليون دولار للقمر الواحد، باجمالي ٨٠ بليون دولار للعشرين قمرا صناعيا لاتمام هذا المشروع الهام، لتستغني به تماما عن النظام الامريكي GPS والاوروبي المرتقب المجمد Galileo، غير تكاليف الابحاث العلمية والفحوصات الفضائية والمستقبلات اليدوية والمحطات الارضية. فكيف تتحقق تلكما السرعة والدقة بهذا الشعب، الذي يبدو للوهلة الاولى صامتا خالٍ من المشاعر والاحاسيس، ولكنه مفعم بالطاقة والعطاء والعمل الجاد، مقارنة مع باقي شعوب الارض التي عانت الامرين اقتصادا ومرضا، وبعضها فقرا وبطالة كذلك. نعم اختزلوا بأوهان ذات العشر ملايين نسمة كل ذلك، وتفرغ باقي المليار والنصف لزيادة الناتج المحلي القومي، فما أشبههم برماة جبل أحد، لم يشاركوهم الغنائم ولا الهزائم، مع اختلاف التنفيذ والعصيان.

لقد خالطت منهم اربعة فقط في حياتي، ولطالما اثاروا اهتمامي، ليس مدحا بهم، بل اعجابا بعملهم، مع فارق اني بعد الكورونا قد قل اعجابي بكل ما يقومون به، اولهم طالب في البكالوريوس انضم الينا بمختبرات الدوائر والالات الكهربائية في الجامعة عام ١٩٩٢، وكان سريع الحسابات، دقيق الاجابات، يهتم بقياس التيار الكهربائي قبل حسابات معادلات كيرشوف، فتبين لي سطوع الجانب العملي على النظري لديه، وثانيهما؛ طالب في دورة اللغة الانجليزية بمعهد اللغات الدفاعي بأميركا عام ٢٠٠٤، احتصل على علامة ٩٩ بفحص اللغة نوع CAT والذي يتنافس به مع الكمبيوتر، فاجابة صحيحة تعني سؤال اصعب، Computer Adapting Test، وكأنه يحفظ القاموس الانجليزي - الصيني، وبالكاد يتكلم لغة منطوقة صحيحة، وبالكاد غيره يحصل على علامة النجاح في هذا الفحص الصعب، وثالثهما طالبة في الماجستير بفرنسا عام ٢٠٠٦، احتصلت على علامة كاملة بمادة الديناميكا الفضائية وخلال اقل من الوقت اللازم، وكنا لا زلنا نتذاكر قوانين كبلر الثلاثة لنطبق عليها حسابات المدارات في الفضاء، ورابعهما ذلك الدكتور المهندس في لجنة تحكيم البحوث العلمية في مؤتمر ال UNOOSA في مجال الفضاء في فيينا بالنمسا عام ٢٠١٥، الذي لم يلق بالا لأحد، ولم يكترث بأحد، يجلس كالنائم، وحينما حان دوره لم يعطي كل ما لديه، وتبين لاحقا انه مدير لأكبر مصانع الاقمار الصناعية. لا اذكر اسماءهم لانها متشابهة كوقع التنك على البلاط كما يقولون، لكن ما اذكره انهم مختلفون حقاً، يعملون بصمت وسرعة ودقة و(خباثة) احيانا ايضا.

خلاصة الحديث؛ الشعوب ذات الارادة، هي التي تصل الليل بالنهار لتحيا، تعتمد على ابنائها وعزائمهم، ولا يقف بوجه تحدياتهم اية عوائق، بصرف النظر عن الاسلوب، لكن حتما لا غاية تبرر وسيلة قذرة، ولكن العمل الجاد النظيف هو الوسيلة لتلكم الغاية، ان وجد ووجدت.

أحمدالحسبان-هنغاريا، بودابست








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع