زاد الاردن الاخباري -
العرب حيوانات سياسية - صورة نمطية للعرب في أمريكا
- كتب د.ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي
ربما لا أبالغ حين القول أن جذور الفكرة العدائية التي رسمها الأمريكان والأوربيين للعرب ، تأتى من خلال ايدولوجيا وأساطير ممزوجة ببعد عقائدي لدى فئة منهم خلقت لتقريب وجهة النظر الصهيونية المسيحية ، ووضعها بقالب واحد عدائي تجاه العرب والمسلمين .
فقد وضعت وسائل الإعلام الأمريكية تحليلات ايدولوجية للإرهاب ، صوروا فيها العربي والمسلم صورة مشابهة للإرهاب الكلي ، هذا شكل الإطار الثقافي العام وصياغة قوانين مناهضة للعرب أو من ينحدر من أصول عربية أو إسلامية سحبت وبكل بساطة كافة الحقوق المدنية منهم .
لابد الإشارة أن عوامل عدة شكلت الوعي العدائي للأمريكان تجاه العرب منها ( الثقافة الأمريكية المشوهة – النظرية الأمنية المستقاة من التقاليد الصهيونية – المصالح المعادية ، والأطماع الاستعمارية والنظرة الدونية للعرب على أنهم حيوانات سياسية ) بمعنى آخر ممكن الزعم أن النظرة التميزية العنصرية الأمريكية تجاه العرب تشكلت من تقاطع السياسية الثقافية المحلية ، والدولية للأمريكان ..
فيلم الحصار صورة واضحة التشبيه للعرب في ذهنية الأمريكان :-
فالمشاهد لهذا الفيلم يري حجم الصورة السلبية للعرب في ذهنية المثقفين والعامة في أمريكيا ، حيث نشاهد التفجيرات العنيفة ضد الأمريكان ، وما يتبعها من صورة لسيارة مرسيدس يقودها رجل عربي وبزى عربي يتزامن معها في الفيلم صوت لآذان ينطلق من فوق منارة (بروكلين) الأمريكية الشهيرة ، كرسالة إلى أن الإرهاب العربي الإسلامي، وصل إلى أمريكيا ومعالمها البارزة ،
ويبرز الفيلم تزاوجًا بين الاسرائيلين وأهالي نيويورك ، وقدرتهم على مقاومة الإرهاب العربي ، والمثير للتقزز في هذا الفيلم ذو الأبعاد الأيدلوجية ، هو انه يعرض للجمهور صورة للزعيم الإرهابي الذي يقوم بتدبير التفجيرات هو بروفيسور فلسطيني من رام الله ، ومن المثير للجدل أن الفيلم يضع الإسلام والمسلمين في صورة نمطية ، تزامن وجودهم مع عمليات تدمير واسعة ، والمشاهد للفيلم الامريكى يقف أمام محاكاة للواقع على شكل خيال منسق لتحقيق أقصى تأثير درامتيكى لخلق نموذج عاطفي ، له وزن حقيقي في الذاكرة الجمالية للمشاهدين ، محاولة منهم لتشويه صورة الإسلام والعرب ...
ومن الأمور المزعجة حقا في فيلم الحصار هو تصوير العلاقة الجنسية بين الإرهابي الفلسطيني والبطلة الأمريكية عميلة المخابرات الأمريكية ، وكيف تنهار ثقة العشيقة الأمريكية بعشيقها الفلسطيني عندما تعرف انه إرهابي ويحاول قتلها أخيرا..!
المشاهد للفيلم بشكل نقدي يقف عن حبكة الجنس الثانوية النمطية في أفلام هوليود يدرك أنها تركز على عدوانية من شكل خاص لأنها تنسج نمطًا عدوانيا للعرب في إطار موضوع العلاقة بين الجنسين ، وتشبه العربي ليس كمرتد سياسيي عنيف فقط ، ولكنه وحش جنسي ونوع متخلف من البشر ، وتصوير العربي والفلسطيني والمسلم على انه مستبد جنسيا ...
من خلال العديد من الدراسات نستنتج أن الإسلام قد أصبح الآن في نظر الأمريكان والعديد من الأوربيون ( الشيوعية الجديدة ) التي تهدد الحضارة الأوربية ، وأصبح النظر للمسلمين كحيوانات سياسية، وهذا ما عبر عنه (بيتر بروبس) عضو لجنة الدفاع الامريكى حين قال (إن التهديد الذي يواجهه الأمريكان يأخذ بعدا كميا وكيفيا ، وقال أن الإرهاب المتدين لا يهتم بالدمار الشامل فحسب ، بل يضمر أحلاما بشان ما يشبه المعركة الفاصلة ..!)
ومع تلك الرؤى القذرة للأمريكي نحو العربي والمسلم ، ومع وضع أمريكا إستراتيجيتها الأمنية القومية عام 1991م المتمثلة بسلب ثرواتنا ونفطنا وحرماننا من أسلحة الدفاع الشامل ، واعتبارنا حيوانات سياسية ، وهذا كرم منهم ..! إلا أن قادة العرب السابحون في محيط التخلف ، لازالوا يرون أن أمريكا هي طوق النجاة ، والمنقذ لعروشهم المتهالكة . د.ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي كاتب باحث فلسطيني