زاد الاردن الاخباري -
المتابعة والتفتيش بين الإلغاء أو التهميش
لقد تابعنا خلال الفترة السابقة وما صاحبها من نداءات بالإصلاح ومراجعة الذات ...أصوات اغتنمت الفرصة والتي اختلطت فيها الأوراق ومالت الكفة لصالح الشارع فأصبح كل ذي دلو يدلي بدلوه فمنه النقي الصافي ومنه الكدر الآسن ...وبعد أن هدئت الأوضاع واستقرت وانتصر صوت العقل على أصوات النشاز لا بد لنا من مراجعة وتقييم ...لأننا ربما اننا الشعب الوحيد الذي يتطور في إطار القيم والمبادئ الراسخة ولسنا ممن يطورون مبادئهم وقيمهم تبعا لمصالحهم....
وكان من ابرز تلك المطالب وقف سحب الأرقام الوطنية وإلغاء دائرة المتابعة والتفتيش والتي لقيت استجابة خجولة ومتحفظة من الحكومة لم أجد لها سببا إلا الضعف والجهل...وأنا بصدق لم استغرب هذه المطالب بقدر استغرابي واستهجاني للوقاحة والصلف الذي انطلقت منهما هذه المطالب...والتي تخالف بشكل واضح لا لبس فيه ولا تأويل المبادئ والثوابت التي ترتكز عليها قضية العرب الأولى والكبرى بل إنها قضية العالم اجمع...وأريد أن اسأل سؤالا بسيطا إجابته نسمعها كل يوم على شاشات الفضائيات ...والسؤال هو على ماذا يتفاوض ويحارب ويموت الفلسطينون والعرب منذ بدايات القرن الماضي وحتى اليوم؟ وما هي أسباب الصراع العربي الإسرائيلي؟
أليست الأرض والقدس واللاجئين وحق العودة.
أليست هذه الثوابت هي الغاية من هذا الصراع ؟ لماذا أصبحنا نستخدم هذه الثوابت وسائل وعناوين لغايات أخرى تتناقض معها؟
لماذا نتعامل مع ملف سحب الأرقام الوطنية على خجل وبتردد ولا نقول كلمة الحق والتي لا تستند إلى الثوابت والمبادئ والقيم التي يقوم عليها صراعنا ورفضنا للكيان الصهيوني فحسب، بل وتستند إلى فتاوى شرعية تحرم توطين اللاجئين لأنه تنازل ضمني عن حق العودة، وعليه وبالاستناد إلى ما سبق فإن كل من يطلب تحديد صلاحيات دائرة المتابعة والتفتيش وتغيير عقيدتها وإفراغها من موظفيها (وهو ما يحدث حاليا للاسف) وصولا إلى إلغاءها بطريقة ديناميكية فإنه خائن وعميل مهما كانت نيته وقصده ، فهو ينقلب على الثوابت ويخدم بشكل مباشر الكيان الصهيوني ويحقق ما عجزت أن تحققه جيوش إسرائيل وطائراتها، ويسيء إلى كل شهيد قدم روحه من اجل فلسطين وحق أهلها فيها...إن نتنياهو يقاتل بشراسة ويسفك الدماء ويسحب الهويات من المقدسيين (كان آخرها بالأمس 170 ألف هوية ) من اجل ماذا ؟ من اجل أن يحقق هدفا يريد البعض أن يحققه له مجانا، وتحت شعارات ومصالح آنية وضيقة...
إن سحب الأرقام الوطنية وتصويب أوضاع الفلسطينيين كما يعلم الجميع لم يكن قرار عبثيا يهدف إلى مصلحة فئة معينة ، إنما هو تنفيذ لقرار الجامعة العربية عام 1988 بفك الارتباط وإبراز وتثبيت الهوية الفلسطينية على المستوى الدولي، وجعل منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهي خطوة مدروسة وإستراتيجية مكنت الفلسطينيين من المطالبة بحقوقهم والاعتراف بهم على المستوى الدولي، فأصبحت منظمة التحرير هي المرجعية الوحيدة للقرار الفلسطيني وكان قرارا صائبا لم تحكمه مصالح مخصصة بل تحكمه مصلحة فلسطين وارض فلسطين.
فكيف لنا أن ننقلب على هذا القرار ويصبح تنفيذه جريمة إنسانية ....
لقد دفع العرب والمسلمون وشرفاء وأحرار العالم ثمنا باهضا من اجل فلسطين وأهل فلسطين وهي تستحق. والتضحيات التي بذلت ليس لها سقف ولا تقف عن حد...وأقول ختاما لمن لن يعجبه كلامي او سيضعه في دائرة الاتهام تحت أي من التهم الجاهزة.
ان فلسطين والأقصى أثمن وأغلى من أي شيء مهما غلا والتاريخ يسجل والحقيقة لا تموت.
قيس عمر المعيش العجارمه