زاد الاردن الاخباري -
شعر الجميع سواء كان علي الصعيد الداخلي "فلسطين" أو الخارجي "العالم العربي والأجنبي" بصعقة تشابه الصدمة الكهربائية أثناء فتح ملف المصالحة وصعود خبر اتفاق حماس وفتح .
أكثر من أربعة سنوات وسماء قطاع غزة تفترش السحب السوداء وتمطر القطرات الدموية وفجأة ودون أي مقدمات انه تم تحديد يوم الأربعاء الموافق 4-5-2011 يوما للاحتفال بالاتفاق الفلسطيني وطي صفحة الانقسام .
كان الاحتفال باستضافة الأراضي المصرية لكافة الفصائل الفلسطينية وعلي رأسهم حركتي حماس وفتح والعديد من الشخصيات العربية والأجنبية الدولية .
بدأت جميع الوفود تتدفق إلي القاهرة للاستعداد لمراسم العرس الفلسطيني ،والتوقيع أمام شاشات التلفزة المحلية والدولية علي الورقة المصرية مضاف إليها بعض التفاهمات التي شكلت سابقا بدمشق .
وبرغم من السعادة العارمة التي شقت قلوب الفلسطينيين ورسمت البسمة المؤقت علي حوائط وجدران قطاع غزة خاصة إلا أن مفاجأة وسرعة تطبيق وإغلاق هذا الملف ترك العديد من الاستفهامات والتعجبات التي لا تزال تكتسح عقول الجميع وتهيبه من المستقبل المجهول .
تفشت عدوي الثورات الشعبية بين الدول العربية فبدأت بسقوط ديكتاتورية تونس وتلتها مصر مرورا بالعديد من الدول حتي توصلت الي ما نعنيه "سوريا" ،الجميع يدرك جيدا مدي الصلة العميقة التي تربطها مع حماس فمنذ زمن طويل وسوريا تلعب دور المساند والداعم والحاضن لحركة حماس وأبنائها .
اليوم تبدأ هذه الدولة بالانهيار فلذلك خرج شعبها في ثورات لإسقاطها ،مما أصبح البيت السوري آيل لسقوط، وهذا ما دفعها الطلب من حماس موقف واضح اتجاه ما يحدث بها من توتر وصراعات شعبية،وبسبب عدم وضوح موقف حماس ، طلبت سوريا من خالد مشعل" عضو المكتب السياسي لحركة حماس "والذي يقيم بدمشق منذ زمن طويل ،ترك البلاد بأقرب وقت ممكن ، إضافة إلي أن حماس أصبحت تدرك أن الشارع الغزي تحول لمعارض لها بسبب أساليب القمع والقتل والاعتقالات التي استخدمتها ولا تزال .
مما جعلها تهاب من لحظات انفجار أبناء الشعب والخروج بثورات لإسقاطها والإطاحة بها كما حدث بالعديد من الدول العربية،كما أن الخلافات والتباينات الداخلية بين قادات حماس وجناحها العسكري"القسام" قد دفع لتخلخل الجسم الحمساوي ،فهذه النقاط قد أضعفت هيكل حماس وبدأت أعضائه في التآكل ،ونعتقد أن هذه الأسباب شكلت دافع قوي لهرولة حماس وراء ورقة المصالحة الفلسطينية دون أي مقدمات لأنها أدركت أن الورقة المصرية هي القشة التي قد تستطيع التعلق بها لإنقاذ نفسها من الوقوع في بحر ظلمها .
علي مدار السنوات التي حكم فيها محمود عباس فلسطين وبالرغم من أنه كان يسكن مدينة غزة ويرجع أصله إلي قرية "صفد" كما انتخب بناء علي خيار الشعب بعد وفاة الأب والقائد ياسرعرفات رحمة الله عليه ولكن كان واضح جدا محاولة تملص عباس من القطاع عن طريق اللجوء إلي السفر حيث تفوق الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) على الرئيس الأميركي باراك أوباما، في عدد الجولات والزيارات الخارجية التي قام بها منذ بداية 2009 فقد بلغ عدد جولات أوباما 23 جولة، منذ توليه الإدارة في 20 يناير (كانون الثاني) 2009، وتجاوزت زيارات أبو مازن الـ 55 جولة خارجية في نفس العام .
ومنذ لحظات الانقلاب الحمساوي علي السلطة الفلسطينية الشرعية آنذاك وهو مهمل قضايا قطاع غزة سواء كان علي الصعيد المادي أو المعنوي فقد أكد الكثير من أبناء قطاع غزة عن عدم شعورهم بالاهتمام والاعتناء بأمورهم وشؤونهم من قبل الرئيس فإنهم يقعون بين مطرقة سطو وقمع حماس وسندان إهمال وعدم مبالاة أبو مازن .
إن الإنهاء الشكلي لملف المصالحة قد شابه صفقة تجارية "مشعلية – عباسية " تم التوقيع عليها دون مراجعة ضحايا هذه اللعبة القذرة "الانقلاب"،ولكننا نعتقد أن شعب فلسطين وأخص غزة تحديدا ،لم ينتظر مشاهدة البروتوكولات والورود وتصافح الأيادي والقبلات ، فهذه لقطات تمثيلية يمكن للجميع مشاهدتها عبر القنوات ، ولكن الأهم في هذه الأوراق المتناثرة ليس التوقيع عليها بل كان يتوجب علي عباس ومشعل إرضاء أبناء الشعب وإعادة اللحمة الاجتماعية التي بعثرت بين أروقة المدينة ، كانت المصالحة ستكون ذات طعم وفعل رائع إذا تصافت نفوس أصحاب الأجساد المتقطعة وأهالي الشباب التي سقطت ضحايا الانقلاب ،والاعتذار لجميع المعتقلين السياسيين فهذا سيكون كافي لإغلاق هذه الصفحة السوداء للأبد .
ما حدث منذ أيام لم تكن مصالحة فعلية بل كانت ضحكة علي عقول أبنائنا وإبرة تهدئة مجهولة المفعول وردة الفعل ، فقد أعدت هذه الطبخة السامة بيد حمساوية فتحاوية ويتوجب علي أبناء الشعب أكلها دون مراجعة احد،لذلك يبقي مستقبل الضفة وغزة وشعبها سراب لم ترتسم به أي ملامح حقيقية قد تدفع إلي بصيص أمل .