تسعدني وتدهشني قراءة سطور البعض..
والبعض الآخر تذهب بي بعيدا إلى عوالم لم تفصح عنها خرائط الأزمان..
البعض يكتب ولا يعلم أن من بين تلك السطور ستتجلى شخصيته وتظهر للقارئ.. ولا يدرك بأن حروفه وكلماته قد رسمت ملامح شخصيته دون قصد منه و بعفوية مطلقة .. عملية ترتيب الأفكار وانتقاء المفردات هي عملية بناء جسد النص، و هي في الحقيقة (أنت و فكرك) ، وحصيلة سنوات عمر و تجارب وخبرات في الحياة..
عملية الكتابة اشبه بفن الرسم، واحترافه لا يحتاج الا قليلا من الحب والشغف ..
إلا إذا كانت الفكرة التي تعصف بذهن الكاتب لحظة الكتابة أقوى من جميع تلك الأدوات، حينها فقط ستتجلى بصورة مارد عملاق، بعيدا عن الرتوش التجميلية..
البعض منا لا يدرك أثر منحنيات كلماته بعد رسمها على سطور فارغة بيضاء .. ولا يعلم مقدار الأثر الذي سيتركه في نفس القارئ بعد القراءة ..
أحيانا نمسك القلم حتى نقرأ أنفسنا، حين نفقد الإحساس و الإدراك بكل ما هو حولنا، ونتوه في سراديب الأفكار الشائكة.. علها تعود تلك النفس لوعيها من بعد التفريغ ..
وأحيانا نكتب في لحظة غضب وسخط، لمجرد وجود بعض الهواجس التي تعصف في ذهننا مثقلين بالوجع ..
فتهرب منا الأحرف مذعورة وتعود، لتظهر على هيئة كلمات مشوهة بلا عاطفة مسلحة مدججة، هدفها قتل قارىء دون سواه ..
فتكون عملية قتل إبادية، لكل عابر عبر حدود تلك الكلمات..
وأحياناً نكتب اشواقنا و احلامنا و أفكارنا، رسائل حب إلى جوف الكون.. إلى الوجود أو اللاوجود..
رموز و كودات وموجات مفعمة بجملة من الأحاسيس..
ك سهم كيوبيد اطلق في فضاء هذا الكون الرحب.. فيصيب من شابهنا بالشوق والحلم والفكر..
لا تكتب لتسيء..
ولا تبذل مجهودا في محاولة شروع بالقتل.. لأن أول من سيصاب بالخيبة والوجع، هو أنت.. وبسلاحك ( قلمك) ..
فالقارىء سيقرأ، و سيصاب، ويشفى، وسيعبرك من بعد تلك الحروف، ويتجاوز كلماتك ..
ولكنها ستبقى مدونة لديك منقوشة على جدران قلبك،، وكلما عرج القارئ المصاب بشوقه نحوك طارقا باب قلبك..
ستعود حروفك تظهر له كالحارس تقول : " ابتعد.. المكان ملغوم" .
حينها فقط ستدرك ان ملامح صورتك الشفافة قد تشوهت في قلوب من أحببتهم يوم ، و قتلتهم العمر ..
شيرين بكج.
صحائف مدادها القمر