أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الأورومتوسطي: الجيش الإسرائيلي يرتكب مزيدًا من الجرائم في جباليا حملة لإزالة الاعتداءات على الطرق والأرصفة بلواء بني عبيد مستشفى المفرق: خدمة جديدة لحجز المواعيد عبر تطبيق “واتساب” وزارة التعليم العالي الأردنية تعلن عن وظائف شاغرة (رابط) إصابة أردنية باعتداء على مركبة تابعة للأمم المتحدة جنوبي غزة .. والخارجية تدين باحثون وأكاديميون في أكسفورد يطالبون بتدريس طلبة غزة عن بعد الحكومة: ارتفاع موجودات صندوق الضمان إلى أكثر من 15 مليار دينار 395 قطعة أرض بيعت لمستثمرين غير أردنيين خلال الثلث الأول من العام إصابة أردنية باعتداء على مركبة تابعة للأمم المتحدة برفح الأردن يؤكد استمرار جهوده لوقف العدوان على غزة وإيصال المساعدات ألمانيا تقدم 25 مليون يورو لدعم اللاجئين السوريين بالأردن سرايا القدس: قنصنا جنديين صهيونيين بجباليا منح دراسية للطلبة الأردنيين بأذربيجان - تفاصيل الحكومة: يجب أن ينتبه الناخب إلى برامج الأحزاب حماس تدين دعوة سيناتور أميركي قصف غزة بقنبلة نووية الحكومة: 3 آلاف مركبة مرخصة تعمل على التطبيقات باربد أردوغان: مستشفيات تركيا تستقبل أكثر من ألف عضو في حماس ولي العهد يزور ميناء حاويات العقبة ويطلع على سير العمليات اللوجستية فيه إصابة 19 جنديا إسرائيليا خلال الساعات الـ24 الماضية لجنة الطوارئ برفح: الاحتلال لا يزال يغلق المعبر أمام المساعدات
الصفحة الرئيسية أردنيات «الانتحار» .. حين يغدو المجتمع «وحشا» يقودك...

«الانتحار» .. حين يغدو المجتمع «وحشا» يقودك للموت..

«الانتحار» .. حين يغدو المجتمع «وحشا» يقودك للموت ..

21-07-2018 04:20 AM

زاد الاردن الاخباري -

عامر شابٌ في الثامنة عشر من العُمر، شكلت ضغوطُ أُسرتهِ عليه ورغبتهم في حمايته بطريقتهم الخاصة من المُجتمع رغبةً قويةً تدفعه للانتحار، يروي عامر قصتهُ للدستورِ قائِلًا « حدثَ ذَلكَ قبلَ سنةٍ ونِصف السنة، كانت أُسرتي تتحكم في حياتي وسيرها، ماذا أفعل؟ وماذا آكل أو أرتدي؟ هُناكَ قانونٌ لدينا يوجبُ على الأبناءِ الرضوخَ لرغباتِ أبائهم ما داموا لم يُنهوا المرحلة الثانويَةَ بعد، بحكم أن الأهل أكثرُ وعيًّا وحرصًا على مصلحتنا، وكونهم أكبرُ سنًا منا كما يَقولون « .
شعورهُ بالحملِ المُلقى عليه وعدمِ تفهُمِ أهلهِ لوجهاتِ نظره ومتطلباته الشخصيّة دفعهُ لتركِ المدرسة بدونِ علمٍ منهم، حيثُ كانَ يوهمهم بالخروجِ لها ولا يرتادها، وبالتدريج تمكنَ من الهرَبِ من المنزِل ليُحاولَ قتلَ نفسهِ بشتى الطُرق، كانَ آخرها محاولته قطع شريانه والتي باءَت بالفَشل .
زادَ اهتمامُ أُسرتهِ به وتفهمهم له بعدَ هذهِ المُحاولة إلا أنَّ الأمورَ عادت لكونها سيئةً بعدَ شهرٍ من ذَلِك، مما دفعَ شقيقهُ الأكبر لأخذهِ لإحدى منظماتِ المُجتمع المَدنِي المُتخصصةِ بتوعيَّةِ الشبابِ حول الانتحار ومساعدتهم لتجاوزه ليجدَ ملاذهُ ومن يسمعهُ هُناك، لكنَ الأمرَ لم ينته هُنا، يصفُ عامر عدمَ استجابةِ أُسرته لهُ بقوله « فقدتُ الرغبةَ بكل شيء، لا شيءَ لديَ لأعيشَ لأجله، وأعتقد أن من المُستحيل أن يقتنعَ أهلي بهذا» .

إحصائيات وأرقام
لم يكُن عامر الوحيدَ الذي حاولَ الانتحارَ، فوفقًا للصحف المقروءة، سُجلت 17 حالة انتحارٍ حتى اذار من العام الحالي .
فيما تُبين إحصائياتِ إدارَةِ المعلومات الجنائية في الأمن العام أن العام الماضي شهد أكثر من 110 حالات انتحار، مقارنة مع 120 حالة في العام 2016، في حين بلغ عدد مُحاولات الانتحار للأشهرِ التسعةِ الأولى من العام الماضي 388 مُقارنةً بـ 486 لنفس الفترة من عام 2016 .
بينما تناولت إحصائيةٌ نشرها الأمن العام خلال عام 2017، انتحار 631 شخصا خلال الخمس سنوات التي سبقت نفس العام بينهم 536 أردنيًا و95 من غير الأردنيين.
فيما أشارَ الطبيب النفسي الدكتور عبد الله أبو العدَس إلى تزايُدِ محاولاتِ الانتحارِ لدى النساء مُقارنةً بالرجال، فيما كانَ العكسُ بالنسبة لأعداد حالات الانتحار، فقد ارتفعت لدى الذكورٍ مُقارنةً بالإناث؛ بسبب استخدامهم لطُرقٍ أكثرَ عُنفًا كالأسلحة، بينما تلجأ الإناثُ لتناوُلِ كمياتٍ كبيرةٍ من الحبوب ، ويعودُ السبب في ذلك إلى سيكولوجية الأنثى والدور الاجتماعي المقيد لديها عكس الرجل الذي يقوم بتفريغ الصراع النفسي خارج المنزل واحيانًا يكون ذلك عن طريق تكسير قيود مجتمعية معينة وفقًا للطبيب.
وذكرَ أبو العدس ارتفاعَ نسبة الانتحار في فترتيّ المُراهقة وبدايةِ البلوغ 18- 24 سنة، وبعدَ سنِ الأربعين 40-45، في حين ترتفعُ في المُدن أكثر من الحضر؛ نظرًا لقلة المساحة التي طغى عليها تراكم الأبنيّة وانتشارُها مما يتناسب طرديًا مع قلة الراحة النفسيّة .
من أين تأتي الفكرة ؟
يُعرفُ الطبيب النفسي الدكتور عبد الله أبو العدس الانتحار بقوله «هو حالة غضبٍ تجاه الذات وهي مهارة غير ناضجة يوجهها الإنسان لذاتِه « فيما تتعدد أسبابه بين البيولوجية والسيكيولوجية والاجتماعيّة ويوضِحُ الأسباب المؤدية لهُ قائلًا « الضغوطات المجتمعية؛ الأسرة، والزواج مثلًا ، بالإضافةِ للغربة الاجتماعية التي يعيشها الفرد في مجتمعه وتجعله لا ينتمي إليه ويشعر أنهُ غريبٌ فيه» .
فيما اشار الى أن أسبابه قد تكون للفت الانتباه لتحقيق مطلب اجتماعي معيّن كذلك، حيث يكون الفرد بحاجة سيكولوجية لتفريغ الحاجات النفسية عن طريق الانتحار، وهذا ما يستوجب الوعي الكافي للتعامل مع هذه الحالات على حد قوله .
وفي السياقِ ذاته قال اختصاصي العلاج السريري الدكتور يوسف مسلم « الإنسان لا يحمل الجرأة على قتل نفسه إلا إذا وصلَ لحالة اكتئاب، الضغوط والمُنغصات في الحياة تؤدي لزيادة مستوى القلق والضغوط لدى الشخص، إلا أن العلاقات المُقربة هي ما يؤدي بالشخص للأفكار الانتحارية وهذا ما يَنتُج عن ما يُسمى باضطرابات الفُقدان والخَسَارة» .
وأضاف « أي شخصٍ من الممكن أن يصلَ للكآبة إلا أن هُناكَ اسباب للوصولِ للاكتئاب، وهي من المسببات الرئسيّة للانتحار بالإضافةِ لأمراضٍ أُخرى كثُنائي القُطب والفصام» .
في حين تطرق مدير المركز الوطني للصحة النفسية الدكتور نائِل العدوان إلى أن المركز يتعامل مع فكرة الانتحار الناتجة أساسًا عن مرض نفسي أو صدمة عاطفية أو مالية أو حدث آني أو مرض جسدي أو الناتج عن اكتائب أو فصام عقلي وغيرها، حيثُ يتم إحضارُ المرضى من قِبل الأهل في أغلبِ الحالات .
وارجع الاستشاري النفسي والتربوي الدكتور موسى المطارنة هذه الظاهرةِ الى تراكُمات، قائلًا « السبب الرئيسي هو عدم وجودِ مُساندة، فمنذُ زمن كان هُناكَ تكافُل ومحبة، أما الآن فالشخصُ يكونُ لوحده ويجدُ نفسهُ وحيدًا مما يدعوهُ للانتحار، كما أن التطورات الموجودة خلفَت نوعًا من عدمِ الراحة « وتابع « الضغطً الشديدُ على الابن للدراسةِ مثلًا، تعذيبُ الزوجةِ من قِبلِ أهلِها أو زوجها كَذَلِك، الأصل ألا نُعلي سقف توقعاتنا حتى لا تُشكل ضغطًا على الآخر» .
أين الإعلام ؟
يذكُرُ الدكتور يوسف مسلم وجودَ فيلمِ « أنيميشن « خاصٍ بالتوعيةِ حول الاكتئاب تحت اسم «الكلبُ الأسوَد»، فيما حذَرَ من خطر الإعلام الجديد على الجيل القادم وخصَ بذلك منصات التواصل الاجتماعي، مُعللًا ذَلِك بأن بعضَ الأشخاص يُعلمونَ غيرهم كيفَ يُقدمونَ على الانتحار، ويتعاونونَ على طريقةٍ تودي بهم لِذَلِك، مُدللًا بظاهرة « الإيمو» التي انتشرت سابقًا وكيفَ أن مُتبعيها كانو يحثونَ بعضهم على الموت .
في حين أشادَ الدكتور عبد الله أبو العدس بدورِ الإعلامِ بتسليطِ الضوءِ على هذه الظاهرة، قائِلًا « لا أعتقدُ أن هُناكَ تقصيرًا في ذَلِك» إلا أنهُ تناولَ الحديثَ عن خطرِ بعضِ الألعابِ الحديثةِ كمريم والحوتِ الأزرق وكيفَ تؤديانِ للانتحار بقوله « من أنشَأ هذه الألعاب شخصً متمرسً في النفس، ويقوم باستضعاف الآخرن من خلال استغلال الفراغ وخرق جدارِ الوعيِّ لديهم، هؤلاء المؤسسين لهذه الألعاب يفترضونَ أن البشر زوائد بيولوجية لا داعي لها، بالإضافةِ لكونها تجارةً عالميّة، فيما تعمل بدورها على عزل الشخص عن بيئته وعدم سماع كلام والديه وتغييب رقابتهما» .
هل تقومُ الجهاتُ المعنيَّةُ بدورِها ؟
يُشيرُ الدكتور مسلم إلى غيابِ دورِ وزارة الصحة في التوعيّة النفسيّة ويقترحُ وجودَ مُقرر صغيرٍ لفصلٍ واحد حول الصحةِ النفسيّةِ وأهميتِها؛ ليعرِفَ الجيلُ القادم كيف يتعامَلُ مع القلق والانتحار، منوهًا إلى وجودِ هذا النوعِ من المُقررات في بعضِ المدارسِ الخاصة، في حين تمنى تبني الصِحةِ لخُطَةٍ للتوعيَّةِ النفسيّة مرةً في كُلِ شَهر .
إضافةً إلى ذلك أبدى الدكتور موسى المطارنة استياءهُ من كونِ خريجي علمِ النفس عاطلون عن العمل، قائلًا « علينا عملُ برامج للحدِ من الانتحار وهذِهِ مسؤوليةُ التنميّة لأنها من يجِبُ عليها أن تُعنى بالإنسانِ وراحته، مُتساءئلًا هل سَبَقَ لهم وأن قاموا بعمل برامج تتعلقُ بالانتحار ؟ « مؤكدًا أن الإشكاليّة تكمن في القِطاعِ الرَسمي الذي يجِبُ أن يقومَ ببرنامجٍ استراتيجي وإعلانٍ للتوعيّة .
الجهاتِ المعنيّة ترد ..
الناطقُ باسم وزارة الصِحة حاتم الأزرعي قال ان الوزارة تُعطي اهتمامًا كبيرًا لموضوعِ الصِحةِ النفسيّة عن طريقِ العياداتِ النفسيّةِ الموجودةِ في المُستشفيات، وإدماجِ الرعايَّةِ النفسيّةِ مع الرِعايّة الصِحيّة، مشيرا الى وجودَ عددٍ من المراكز التي تمَ دمجها بذلك عن طريقِ تدريبِ الطبيبِ على الطِبِ النفسي؛ لأن بعضَ المرضى يخجلونَ من دخولِ عيادةِ الطِبِ النفسي في حال كانت موجودةً على حدى في المركز؛ لذا فإن دخولهم لطبيبٍ عامٍ تدرَبَ على الطب النفسي يُقلل من قلقهم ويُساعدهم على الحديثِ براحة .
فيما أشارَ لإطلاقِ الاستراتيجيّة الوطنيَّةِ للصحةِ النفسيّة 2018 – 2022 ،وقال ان التوعيّة النفسيّة في المدارِس غائبة خاصة موضوع الانتحار وهذه مسؤوليّة المُرشد النَفسي .
وفي هذا الصَدد قال مدير مديريةِ الصحةِ النفسيّة في الوزارة الدكتور خالد الخرابشة انهُ وعلى الرغم من عدم وجودِ عياداتٍ للصحةِ النفسيّة في المدارِس إلا أنهُ تمَ عملُ ورشاتٍ وتوعيَّةٍ وتثقيفٍ حول الأمر، بالإضافة لعدم وجود توجهٍ لمقرراتٍ للصحة النفسيّة في المدارِس .
أما الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط فقد اكد أن دور التنميّة يكمن في دعم مكاتب حِماية الأسرة من خلال مكاتب التنمية التي تختصُ بهذا الشأن وعددها 17 مكتبا، فيما أشار إلى عدم وجود أي جمعية لدى الوزارة تحمل تحت عنوانها الانتحار والوقاية منه .
الحالاتُ التي تمَ رصدها في الصُحف تبين أن جسر عبدون شهد حالاتِ انتحارٍ مُتكررة، وفي ذلك يقول مديرُ المركز الإعلامي في أمانَةِ عمان مازن فراجين أن موضوع تعديل الجسر قيد الدراسة بين الأمانة والجهات الحكومية وهناك عدة مقترحات حوله، إلا أنهُ تساءَلَ كيفَ يُمكنُ للأشخاص الانتحارُ من فوقه على الرغم من أنه لا يحتوي على ممرٍ للمُشاةِ حتى .
و أتفق معه نائِب مُديرِ المدينةِ للأشغال المُهندس أحمد ملكاوي، الذي قالَ ان الجسر يحتوي على حواجز طولها مترا و80 سنتيمترا .
أما الناطق باسم مديرية الأمن العام المقدم عامر سرطاوي فأكد أن الأجهزة الأمنيّة تتعامَلُ مع هذهِ الظاهرةِ بشكلٍ قانونيّ وتقومُ بالدعمِ النفسيّ والاجتماعيِّ للشخصِ المُقدِمِ على الانتحار من خلال إدارةِ حمايَّةِ الأُسرة، إذ أنهُ –غالبًا- ما يتمُ جلبه للأمنِ من قِبل الأهل للتعامُلِ معه ومُساعدته.
وقال « الهدَفُ من إجراءاتنا ألا يُحاول الانتحارَ مرةً أُخرى، فإذا كانَ حدثًا – على سبيل المِثال- نقومُ بإرساله إلى حمايَّةِ الأُسرة، ونتعامَلُ مع كُلِ حالةٍ على حدا، وحسب الإجراءِ اللازمِ لها « .
ولم تغب وزارةُ الشبابِ عن الساحة، اذ يقولَ مديرُ الشؤون الشبابيّة فراس الشوابكة» إذا كان هناك سلوك غير إيجابي تتم مناقشته في المراكز الشبابية التي تبلغ 192 مركزا موزعةً في أنحاء المملكة « مُضيفًا أنهُ لم يتم التطرُقُ بشكلٍ مُباشِر إلى الانتحار كظاهرة ولكن تمت الإشارةُ لذلك في العديد من المحاورِ المُختلفة، وفي الوقت نفسه تحاولُ الوزارةُ إيجادَ وحدةِ إرشادٍ نفسي داخل مراكزها لكن الخوف والقلق من النظرة المجتمعية يحولا دونَ ذلك .
إلا أن الشوابكة أظهر تعاونًا عن إمكانية البحث أكثر في الموضوع لطرحه داخل المراكز ومعسكراتِ الحُسين للشباب.
الانتحار في عيون الناس ..
فؤاد العمري – 54 عامًا قال ان هذه الظاهرة بدأت بالانتشارِ منذ سنواتٍ قَليلة وبشكلٍ كَبير مُعللًا ارتباطها بالأوضاعِ الاقتصاديّة التي يعيشُها الشعبُ الأردني .
وعن تعامله مع الشخص الذي يحاول الانتحار قال « سأبذُلُ كُل جهدي لمنعه من ذَلك، هذه الظاهرةُ حرامٌ في الدين الإسلامي؛ لذا سأعطيه نصائِح تمنعه من الإقدامِ عليه بشتى الوسائِل، فما يقومُ بهِ مُنافٍ للأخلاق والدين، ، ناهيك عن تأثير المُخدرات وعوامل كثيرة على الشبابِ في البلد « .
أما سامي إبراهيم – 16 عاما فقد أرجع انتشارَ الظاهرةِ للخلافاتِ الأُسريّة، والألعاب الإلكترونيّة المنتشرة مثل الحوت الأزرق، وبيَّنَ أنه سيستمعُ لصديقه ويُحاول مُساعدته في حال عرف عن رغبته بالانتحار، قائلًا « أشعرُ بتعبٍ نفسيٍّ جراءَ متابعتي لحوادث الانتحارِ المُتكررةٍ يوميًا، وأتساءَلُ دومًا ما الذي بقيَّ في الدُنيا؟ الجميعُ ينتحِرون « .
وتقول علا قاسم – 22 عامًا « إذا تحدثَ أحدٌ أمامي عن رغبته في الانتحار فسأعرف السبب الذي دعاهُ للتفكيرِ بِذَلِك، وأحاولُ تفهمَ نفسيَّتِه، سأظلُ قريبةً منه وأدعمهُ للمشاركةِ بالأنشطةِ الاجتماعيَّةِ والمُبادرات، سأشعره أن ما يمرُ به مُجردُ فترةٍ صعبة وسيتحسنُ بعدها»، وأضافت « أعتقدُ أننا جميعنا نشعر بأن من يُقدم على الانتحار وصلَ لمرحلة الشعورِ بالوحدة بشكلٍ أو بآخر، لكن مجتمعنا يقومُ بتحميله كاملَ المسؤوليّة دونَ فهمِ الأسبابِ المؤديَّةِ لِذَلِك».
هل من حلٍ ؟.
يقول الدكتور عبد الله أبو العدس ان وصولَ المريضِ للعيادةِ النفسيّة درءٌ لنفسه من الانتحار، على الرغم من أن زيارةَ الطبيبِ النفسي تُعدُ وصمة عارٍ في المُجتمع بالإضافةِ للكُلفة الاقتصاديّة والخجل الاجتماعيّ، ولذلك تم العمل من قِبل وزارة الصِحة على تقديم الصحة النفسية من خلال الرعاية الصحية الأولية ودمجها بخدمات الصحة النفسية لإعادة دمج الأشخاص في المجتمع من جديد؛ فالعلاجُ المُجتمعي الذي يعتمدُ الدمج هوَ الأهم .
أما الدكتور يوسف مسلم فقد اكد أنَّ العلاجات الدوائيّة آمنة، إلا أن الكَثيرَ من الناس يُفضلونَ اللجوءَ للمُشعوذين و»الحجابين» على الطبيبِ النفسي .
وتوسع الدكتور موسى المطارنة بالحديثِ عن الحلولِ بقوله « إذا أخبركَ شخصٌ عن رغبته بالانتحار عليكَ أن تقترِبَ منه وتتفهمه وتفتح لهُ نوافِذَ جديدةً للحياة، وإذا لم تستطع التعامُلَ معه قُم باستشارةِ أخصائِي، لا تُخبرهُ أبدًا عباراتٍ مِثل « أنت كافر، الله معطيك، بلا جنون .. إلخ « .
وأضاف « الأصل أن يشعرَ الإنسانُ بوجودِ من يُحبونه ويهتمونَ لأمره، إذا أحسَ الشخصُ بذَلِك سيتمكنُ من العيش، إذا فقدنا الحُبَ لبعضنا فهذا يعني فُقداننا لمعنى الحياة « وأكد « المُقبل على الانتحار بحالة ضعف، هو بحاجةٍ لشخص يُعطيهِ نوعًا من العاطِفة، إذا لم نكن إنسانيين لن نتمكنَ من احتواءِ من لديهِ حاجةً إنسانيّة» .
يتعلقُ المُقدمُ على الانتحارِ – عادةً- بقشة ويُساهمُ المُجتمعُ بشكلٍ كَبيرٍ في جعلهِ يغرقُ أو مُساعدته على النجاة، الثقافةُ السائِدَةُ وعدم أخذِ موضوعِ الانتحارِ على محمل الجد حين الحديثِ عنه يدفعُ الكَثيرينَ الى طريقٍ مسدودٍ ينتهي بهم الى الموتِ أو مُحاولته، و» عمار» لم يكُن الأول ولا الأخيرَ من سلسلةِ الانتحارات المُتكررة والتي لن تتوقف ما لم يتوقَف المُجتمع عن حصرهِ في موضعٍ كالجنونِ والحَرام بدلَ البحثِ عن طريقةٍ أفضَل للتعامُلِ معه، وكذا إذا لم تجد الجهاتُ المعنيَّةُ مكانًا يحوي الشباب ويُبعدُ عن أذهانهم فكرةَ الموت .الدستور








تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع