محنة الناحب
يسارخصاونة
قال إيليا ابو ماضي في قصيدته ابنة الفجر خلال إقامته في مصر
وتعالى العويلُ حولك ممن..... مارسونه وأصبحوا يُحسنونه
فقد اعتاد المصريون من فترة بعيدة جداً التوافق على ناحب من أهل البلدة أو المحافظة لينوب عن أهل الميت في البكاء والعويل ، وتعداد صفات وحسنات الميت ، ومن الطبيعي أن هذا الناحب يصلح أيضاً وقت الاعراس ليُعدّد صفات العريس
كما يقول أبو ماضي "ممن مارسوه وأصبحوا يحسنونه " فقد أتقن الناحب دوره في اللطم والعويل والبكاء ثم بعد ذلك يُدعى إلى العشاء عند أهل الميت ويدفعون له مقابل صياحه وعويله وثمن الدموع الكاذبة التي أثار فيها المعزين ، وكلما صدقه المعزون أكثر كان الدفع أكثر
الناحب يتمنى أن يستمر عذاب الناس بالقهر بالموت حتى تروج بضاعته ، وإن كان يكره الاعراس لأن الدفع فيها أقل وينافسه في ذلك المغنون والموسيقيون والراقصات ، لذلك فهو يكره أن يفضوا مجالس المآتم .
في زمن ما مضى شهر ولم يكن في البلدة مأتم أو عرس وأصبح الناحب في حيرة وفي عسر ولا يدري ماذا يفعل مع أنه كان يدعو الله سرّاً بأن يموت أحد المواطنين ، وطال الأمر فما كان من الناحب إلاّ زيارة القبور والبكاء الكاذب عليها ثم يذهب إلى اهل الميت لأخذ الثمن ، وهكذا تم للناحب العيش في كل الأوقات لأنه يكذب على الميتيين كما يكذب على الأحياء
والسلام عليكم