صعب الى أبعد حد الموقف الحالي لإيران ازاء الموقف الدولي من الاتفاق النووي الذي عقدته في عام 2015، مع مجموعة دول 5+1، ذلك إن معظم الخيارات المطروحة أحلاها مر، إذ إن جميعها تتجه بسياق يعمل على تضييق الخناق و سد الابواب و المنافذ على طهران وعدم السماح لها بالمزيد من اللعب و المراوغة، ويبدو إن الصبر الاوربي بعد الامريکي بدأ ينفذ من وراء المراوغات الايرانية المثيرة للشبهات و القلق.
القادة و المسٶولون الايرانيون و على رأسهم المرشد الاعلى، دعوا خلال الاسابيع الماضية و بإصرار الى الابقاء على الاتفاق النووي وعدم تغييره أو المساس به، لکن هذا الابقاء وکما تٶکده اوساط سياسية مطلعة، له ثمنه، فالاوربيين يطالبون طهران بأمور و قضايا ازاء ذلك تثبت مصداقيتها و حسن نواياها حقيقة إلتزامها ببنود الاتفاق، وفي الجانب الآخر هناك إدارة ترامب التي تنتظر بفارغ الصبر الحصيلة النهائية للموقف الايراني من العروض الاوربية لکي تقرر و تحدد على ضوء ذلك موقفها النهائي من الاتفاق النووي، غير إن هناك ثمة مسألة تقلق طهران کثيرا وهي إن التحرکات الاوربية تتم بالتنسيق مع الامريکيين، أي إن الامريکيين ينتظرون مساع تقود في النتيجة الى حصر إيران في الزاوية الحرجة، وهذا ماقد أدرکه القادة و المسٶولون الايرانيون ولذلك فإن هناك حالة من القلق و الفوضى و التخبط في طهران حيث هناك حيرة کبيرة حيال الموقف الذي يجب إتخاذه في نهاية المطاف ويبدو إن طهران تمسك بعصا طرفيها نار مستعرة!
إيران التي کانت تمارس مختلف أنواع الخداع و اللعب و التمويه ضد المجتمع الدولي من أجل تحقيق أهدافها و غاياتها و ضمان إستمرار برنامجها النووي، لکنها ترى اليوم ثمة إتفاق واضح جدا بين مختلف الاطراف الدولية على إنهاء هذه اللعبة الايرانية و التعامل مع طهران بصورة تجبرها على کشف يدها و إظهار حقيقة نواياها، فإيران سواء بقي الاتفاق النووي أم تم إلغاءه فإنها أمام مواجهة الحقيقة و الامر الواقع الذي طالما تهربت منه.
حالة و وضع إيران في ضوء الخيارات المطروحة بشأن إبقاء أو إلغاء الاتفاق النووي، تبدو تماما کحالة الذي إستقرت شفرة حادة في بلعومه فلا هو قادر على بلعها کما إنه لايجرٶ على إخراجها، ولذلك فإنه من المنتظر أن تقوم إيران بألعاب و تحرکات متباينة هدفها الضغط على الدول الغربية لکي تقوم بتخفيض سقف مطالبها، لکن الذي يجب الانتباه إليه إن المجتمع الدولي لم يعد ينخدع بتلك الالعاب الايرانية بل إنه يصر أکثر من أي وقت آخر على هذا النهج، نهج کشف اللعبة الايرانية على حقيقتها!