من أروع المكالمات وانقاها وأكثرها وقعا على النفس ، لأنها أوصلت عيناي لدرجة الرغرغة ، وجعلتني أتنهد تنهيدة تمتزج بها الحسرة على هاتيك الأيام مع الشوق الجامح لمعرفة أخبار من كان على الطرف الآخر من الاتصال.
هذه المكالمة التي تلقيتها اليوم والتي استفزت في العقل قبل العاطفة وعادت بي إلى سنوات طويلة خلت لم تكن مكالمة عادية .
اعلم أن التلميذ الوفي قد يهاتف مدرسه ليشكره ويتبادل معه أطراف الحديث ، ويشيد به ويطلعه على ما حققه من نجاحات ، أما ان يعزى الفضل في هذه النجاحات لشخص بعينه ، فهذا ما لم يكن من المألوف ، لأن الفضل اولا وأخيرا لله .
لم أكن أدري أن محدثي على الطرف الآخر من المكالمة الدولية التي وردتني صباح هذا اليوم من تلميذ وفي ، مخلص ، أصيل ، ستسبب لي هذا الشعور الغامر بالفخر والاعتزاز , وتسبب لي حالة بدوت بها مضطربا لم أستطع معها لملمة الكلمات للرد نتيجة للحرج الايجابي الذي أوقعني فيه تلميذي النجيب ، فقد شعرت أن الرجل سيفر من مقعدة ويأتيني ركضا لو استطاع .
مكالمة هذا الصباح وغيرها من المكالمات المشابهة التي يتلقاها الكثيرون غيري , رسخت في يقينا أن الدنيا بخير ، وان الوطن بخير ما دام فيه شباب يدركون معنى الوفاء ، ويتذكرون أن هناك من أفنى زهرة شبابه ليتعلموا ويشقوا طريقهم بنجاح .
.
ما أود التأكيد عليه أيضا أنني لم أعمل إلا ما كان وما يزال يمليه علي ضميري , وانني والحمد لله أديت رسالتي بأمانة , وان الأهم من إيصال المعلومة هو غرس المفاهيم الإيجابية والمثل العليا في نفوس أبنائنا والنهوض بهم بشكل يتوازى فيه الجانب الروحي مع الجانب المعرفي .
من كل قلبي أشكرك أيها الوفي ، وأشكر أمثالك الذين ما فتئوا يجسدون مفهوم الوفاء إلى واقع . وأشكر كل المخلصين الذين يعطوا دون حساب . ودعوتي من القلب ، لكل شبابنا أننا بالجد والاجتهاد نصل ، طالما ان أهدافنا سامية وطالما اننا نتوسل الوسائل المشروعة التي تقودنا إلى تحقيق اهدافنا بعيدا عن الغش والخداع ف (من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب .)