أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
السماح للمنتخبات بضم حتى 26 لاعباً لكأس أوروبا ترامب: محاكمتي صفقة يقودها بايدن الكرملين: تصريحات ماكرون عن إرسال قوات لأوكرانيا خطِرة للغاية الملكة رانيا تستنكر "العقاب الجماعي" الذي تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينيين قصف على رفح وحماس تحضر ردها على مقترح الهدنة وول ستريت جورنال: الاحتلال منح حماس أسبوعا للموافقة على اتفاق هدنة رزق بني هاني إلى سيلانغور الماليزي الصليب الأحمر الدولي يعلن مقتل سائقَين وإصابة ثلاثة موظفين في السودان حركة سياحية نشطة للمناطق الأثرية والسياحية في لواء بني كنانة الأردن يتقدم 14 مرتبة بالمؤشر السنوي لحرية الصحافة العالمي لعام 2024 عباس يغادر المستشفى بعد فحوصات روتينية إصابة 5 جنود إسرائيليين في غزة خلال 24 ساعة "حماية الصحفيين" يرحب بمنح جائزة اليونسكو العالمية لحرية الصحافة للصحفيين في غزة سرايا القدس تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم بايدن: عام 2023 كان الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين بريطانيا: مخيم طلابي داخل كلية لندن الجامعية دعما لفلسطين مسيرات في عمان والمحافظات دعما لغزة الصحة العالمية تتمكن من إيصال فرق وإمدادات طبية إلى مستشفيين في شمال غزة الحوثيون يعلنون بدء استهداف السفن المتجهة لإسرائيل في البحر الأبيض المتوسط "الصحة العالمية" تشير إلى تحسّن "طفيف" بالوضع الغذائي في غزة
الصفحة الرئيسية أردنيات سأقول لربي كل شيء - الجزء الأول

سأقول لربي كل شيء - الجزء الأول

سأقول لربي كل شيء - الجزء الأول

23-02-2017 09:46 PM

زاد الاردن الاخباري -

خاص - تعود اليكم "زاد الأردن" بمجموعة قصصية جديدة بالتعاون مع #الحكواتي .

سأقول لربي كل شيء - الجزء الأول

"بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيد المرسلين.. أخواني: قبل الصلاة؛ أنا "علي العيسى".. الإبن الأكبر للمرحوم الحاج اسماعيل العيسى اللي ارتحل إلى دار الحق و راح نصلي عليه الآن، اللي بطالب أبوي بأي حق مادي أو معنوي فهو عندي ولازم ذمتي.. فقط إدعوله بالرحمة و المغفرة.. و إنه ربنا يتقبله قبول حسن.. و إنا لله و إنا إليه راجعون...... استووا....... الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. السلام عليكم و رحمة الله".

هاي المقدمة كانت في صلاة جنازة أبوي.. هاي المقدمة هي فاتحة قصتي اللي راح أبدأها من هاي اللحظة تحديدا..

بعد ما انتهينا من الصلاة على أبوي الله يرحمه و مراسم الدفن؛ أخذني عمي الكبير على جنب.. و بدأ يعاتبني بشدة و زعل كبير ليش تقدمت بداله بالصلاة على أبوي.. حاولت أوضح له إنه ما كان خياري أنا و إنه الناس قدموني لإمام المسجد على إني إبن المرحوم.. و أهله أولى بالصلاة عليه.

كل هاد ما سمع منه إشي.. اختصر عمي (و سندي بعد أبوي) الموضوع بكلمة صغيرة: "مش مهم، المهم بدنا يخلص العزا و أعطيك حقك من ورثة أبوك.. و بسرعة".. بسرعة؟ بسرعة مات أبوي.. و بسرعة صلينا عليه و دفناه.. و بسرعة انعمل له عزا.. و عمي بده يعطيني الورثة بسرعة.

الأيام هاي كان كل شي فيها يمشي بسرعة.. و بطريقة فجائية ما كان حدا قادر يستوعب شو اللي بصير معنا.. لا أنا ولا أمي، ولا اخواني الصغار اللي صاروا من هاد اليوم ولادي مش أخواني.. الأيام هاي كنت أنا مخلص جامعتي جديد و كان المفروض بدي أبدأ أوقف مع أبوي؛ مش آخذ مكانه.. بس حتى ما تعيشوا معي هاي الدوامة السريعة راح أبدأ فيها من الأول.

أنا كنت وحيد أهلي لأكثر من 12 سنة.. على حكي أمي، حاولوا كثير هي و أبوي بموضوع الخلفة و ربنا ما كتب لهم.. لغاية ما أتميت 12 سنة و أجوا من بعدها أخواني الاثنين الصغار.. بوقتها أبوي كان فاتح مصلحة هو و عمي شراكة من ورثة ورثوها عن أبوهم جدي الله يرحمه.

العلاقة اللي بينهم كانت كثير حلوة و قوية.. كان بينهم تناغم و قرب و حب لبعض ممكن ينوصف بإنه أكثر من أخوان.. و هاي العلاقة انعكست عالبيوت كمان.. أصلا أنا نص اللي بوعاه من أيام طفولتي كانت ببيت دار عمي.. كوني وحيد و ما عندي حدا ألعب معه؛ كنت أقضي معظم أوقاتي عند دار عمي سليمان.

طبعا، و بشكل سلس و تلقائي، صارت علاقتي حتى بأولاد و بنات عمي سليمان أكثر من أخوة و أصحاب.. صحيح كانوا ساعات يشتكوا مني و من دلعي و أنا صغير، بس عمري ما حسيت بإني غريب بينهم.. و إجباري عشان ما أزهق، كانوا أمي و مرت عمي سليمان قراب لبعض و حبايب أكثر مما إنهم سلفات.. و الفضل بهالموضوع لأمي أكيد.

ماديا ما كان في فرق بيننا و بينهم.. بيتهم كان أشبه ما يكون ببيتنا.. و أكلهم و لبسهم و طريقة التربية كنا متشابهين كثير.. و السبب إنه أبوي و عمي بشتغلوا بنفس المصلحة و بالتالي إلهم نفس الدخل.. ولذلك كبرت و أنا بعتبر دار عمي سليمان بكل تفاصيلهم جزء لا يتجزأ مني.

الأيام هاي مرت بلمح البصر.. شكلتني، و شكلت شخصيتي بطريقة كثير بتشبه أولاد و بنات عمي.. و يمكن (أو أكيد) هي اللي كانت السبب بالحب الدفين اللي كنّيته بقلبي، و خبيته بمكان جواتي ما حدا ممكن يوصله لعلا.. بنت عمي.

علا هاي كانت المرض اللي مرضت فيه.. كانت أقرب وحدة لقلبي من بين كل اللي موجودين ببيت عمي و إحنا صغار.. صحيح كانت بنت، و أصغر مني بسنتين.. بس كانت هي اللي أرتاح معها لما كنا نلعب بكل براءة و عفوية.. هي اللي كانت تراعي علي إبن عمها اللي كان يشوف بيتهم ملجأه الوحيد.. و متنفس لطاقات ولد صغير بده يلعب و ينبسط.

بعكس ولاد عمي اللي كانوا يتنمروا علي و يستغلوا الضعف و الحساسية الزايدة اللي كنت أعاني منها.. مع أيام الطفولة اللي كانت تمرق بسرعة؛ كنت أميل أكثر و أكثر لعلا بدل أخوانها.. و أكيد تعليقات أمي و أمها المعتاد بين النسوان و همسهم علينا أنا و اياها خلاها تحتل قلبي من لما فقدنا البراءة و صرنا نفهم بشغلات الكبار.

ظاهريا، صارت العلاقة بيننا تتحول لفتور و طغى عليها طابع الرسمية.. اللي هي العلاقة العادية بين أي شخص و بنت عمه.. أنا كبرت و هي كبرت معي.. أنا صار صوتي خشن و بطل ينفع ألعب زي الصغار، و صار إلي إهتمامات ثانية.. و علا تحجبت و صارت صبية عيب تلعب مع إبن عمها.

بس فعليا، كنت أشتاق لها كثير.. و أتحين الفرص اللي صارت تقل يوم بعد يوم إني أشوفها.. حتى لو ما لعبنا أو حكينا مع بعض.. المهم إني أشوفها و أتلذذ بذكريات طفولة كانت تحكي عني و عنها.. و تتمثل بخيالي زي قصة خيالية كنا أنا و علا أبطالها.

التغيير اللي صار أيامها ما كان بس إنه إحنا كبرنا.. الدنيا كمان تغيرت و صارت أصعب من الأول بكثير.. و طلباتنا صارت تزيد الحمل على أبوي.. مصاريف جامعتي كانت هم.. و رسوم المدارس الخاصة لأخواني الصغار كانت هم.. خاصة مع إصرار أمي إنهم ما يتسجلوا بمدارس حكومية اللي غلب محاولات أبوي البائسة إنه يطلعهم منها.

وقتها أنا فتحت عيني عاللي بصير حولي.. و صرت أحاول أساعد أبوي باللي بقدر عليه.. صرت أروح بعد الجامعة عالمحل مكان أبوي من العصر لبعد العشا.. و لما شفت أموري ماشية منيح بالجامعة اقنعت أمي تطلّع أخواني من مدارسهم و و تحطهم بالحكومة.. و أنا أتكفل بتدريسهم و تقويتهم كل نهاية أسبوع.

بهذيك الفترة كانت تطلع معي شغلات كثير غريبة كنت أشوفها بالمحل بعيني غلط.. و عارف و متأكد إنها غلط، بس أبوي ما كان يقبل إني أشكك بعمي و حساباته.. أولا بحكم إنه أخوه الكبير.. و ثانيا إنهم من عشرين سنة شركة و عمره ما حدا حاسب الثاني.ز و الأمور ماشية و خليها ماشية زي ما هي.

بالمحصلة، أيام دراستي بالجامعة كانت أكثر الأيام صعبة و مرهقة و متعبة لحد كبير.. ما كان معي وقت لإشي.. لا طلعات ولا فوتات مع صحاب.. و جهد كبير كان يستنزفني بكل معنى الكلمة، و يخليني أرتمي آخر كل يوم بفراشي ما يكون فيي حيل إلا لشوية تفكير باللي جاي من أيام.. و ب علا.

ما كانت راضية تروح من بالي.. كل ليلة كانت تثبتلي إنها ساكنة فيي.. و متغلغلة بقلبي بطريقة بتشبه كل شي إلا إنه حب طفولة أو مراهقة.. علا بالنسبة إلي كانت حب واضح و صريح.. حب من النوع اللي بغلّف صدرك و بغطيه حتى لو ما كان معك أو جنبك.. حب بنسّيك إذا كنت مريض أو تعبان.. و بدفّيك إذا كنت بردان بدون ما يلمسك.. بيكفي منه إنه ييجي ببالك حتى يطمنك إنه موجود بحياتك و بيسمحلك إنك تفكر فيه.. هاد كان حبي علا.

و هاي كانت أيامي و سنواتي بأيام الجامعة.. مروا و أنا بركض هون و هناك بين الدراسة و التدريس و الشغل.. و حد أدنى من العلاقات الإجتماعية اللي كانت محصورة بين بيتنا و دار عمي و زيارات خفيفة لبيوت خوالي و خالاتي.

لغاية ما خلصت السنين و تخرجت.. و المفروض إني أبدأ أنفذ اللي كنت أخططله مع أبوي.. كان المفروض إني أشتغل بوظيفة بالوقت اللي كنت أقضيه بالجامعة، و شرط يكون بعمّان حتى أقدر أكمل روتيني باقي اليوم نفس زمان.. بين المحل و البيت و أخواني.. و التفكير – بس التفكير - بالطريقة اللي راح أطلّع فيها علا من خيالي و أستضيفها بالحقيقة عندي و بين إيدي.

فاجأنا القدر بوفاة أبوي.. و سرق مني اللي كان راح يبدأ يجني ثمار تعبه فيي.. و بدأت قصتي فعليا من هون.







تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع