تسلمت الحكومة تقرير ديوان المحاسبة عن سنوات ماضية ؛ وبدأ مسلسل النشر للغسيل الحكومي على حبال الوطن ، وهنا نقر ونعترف بأننا دولة شفافة الى حد المحرمات تتوقف شفافيتنا وتنتهي ونصبح أمام ما أطلق عليه طوق العفة في القرون الوسطى ، وهو طوق يحيط بمن هم يمثلون عفة الوطن السياسية والاقتصادية ، وما ينشر هو كشف لحد الرقبة وقد يزيد ويصل للفخذة وربما قد يصل الى حدود ما يغطيه مايوه السباحة على شاطىء الفساد الوطني .
وهنا نعود للحديث الديني الموروث المتفق عليه ؛ والذي في نفس الوقت ما زلنا نختلف عليه ما بين علمانية الدولة وإسلاميتها ؛ هل كشف القدم والساق حرام أم حلال ؟ ، وهل كشف الوجه والرقبة حلال أم حلال ؟ ، وهل ما كشف يمكننا أن نطلق مقولة أحد الشيوخ عندما عاتبه الناس بأن له بنت تجاوزت حدود الشرع في لباسها ورد عليهم بجملته المعروفة " بلبقلها يقصف عمرها " .
وهل نكتفي بمقولتنا الموروثة " خذ من التل بختل " ؟ ، ونعلن للملأ بأننا دولة شفافة بحدود ما يتبقى من التل كي يكفي لتغطية عورتنا الشرعية بورقة التوت التاريخية ، وتصبح هواية الصيد في عكارة أرقام تقرير ديوان المحاسبة الأخيرة هي غذاء إعلامنا الوطني لمدة أسبوع ، وتصبح الانتقائية هي المسيطرة على أداء هذه الإعلام ، وخصوصا أن الشعب لم يزل يؤمن بأن ما ينشره الديوان من قضايا تجاوزات مالية هو من محرمات الوطن ولايصل لها سوى الواصلين من الإعلاميين ، ويغيب عن عقله أن ما ينشره ديوان المحاسبة هو متاح للجميع وبحدود ما تغطيه ورقة التوت فقط .